ثقافة القطيع..؟!! ...الخلاف على الكرسياتية وليس الكوردياتية.

بير رستم
pirustem@gmail.com

2015 / 8 / 7

يقول الدكتور عبد الباسط سيدا في بوست له ما يلي: ((ما لم نمتلك الجرأة الكافية لقول الحقيقة في الأيام الصعبة؛ وما لم نتمكن من تهيئة مستلزمات مواجهة التحديات، ستسود غريزة القطيع، والقطعان لا حول لها ولا قوة في مواجهة الذئاب)). إذاً لنتعرف أولاً على جملة مفاهيم ومصطلحات يتعلق بالبوست والمقال الذي نحن بصدده وذلك للإلمام بحيثيات الموضوع وجذورها الفكرية والتاريخية بدايةً ومن ثم التأسيس عليها والانطلاق إلى فضاءات العلاقة الكوردية_الكوردية وصراعاتنا البينية بين مجموعة المحاور والتيارات وأحزابنا السياسية الكوردية وعلى وجه الخصوص محوري الديمقراطي الكوردستاني والعمال الكوردستاني.

تقول ويكييبديا؛ الموسوعة الحرة عن سلوك القطيع التالي: ((هو مصطلح يطلق على سلوك الأشخاص في الجماعة عندما يقومون بالتصرف بسلوك الجماعة التي ينتمون لها دون كثير من التفكير أو التخطيط. هذا المصطلح في الأساس يطلق على تصرف الحيوانات في القطيع أو السرب. كما يطلق أيضا على سلوك الطلاب في المدارس أو الأشخاص خلال أنشطة مختلفة كالفرار من الحوادث أو نشاط سوق الأسهم. و يمكن أن تصنف المظاهرات في الشوارع كذلك ضمن هذا النوع من السلوك)). وبالتالي فإن السلوك القطيعي هو سلوك غرائزي بيولوجي تعود إلى الطبيعة البدائية "الحيوانية" لدى الإنسان ومنتفياً لدور العقل في التوجيه والإدراك والتقييم، بل محكوم بسلوك جمعي لكتلة من الكائنات العضوية (القطيع وبالكردي تعني Kerî حيث حرف K هنا مخفف). وهكذا فإننا _نحن البشر_ وحينما نكون ضمن (قطيعنا) الحزبي كتيار سياسي أيديولجي أو الديني العقائدي والمذهبي أو حتى العرقي والقومي فإن سلوكنا يكون محكوماً بهذه الخاصية "الثقافة القطيعية" _من مفهوم القطيع_ وبالتالي فإن العقل يغيب عند ذاك ونستحضر كافة الأحاسيس والمشاعر والغرائز البدائية الحيوانية لتتحكم بتصرفاتنا وسلوكنا نحو الآخر؛ المنتمي (للقطيع الآخر) والذي نختلف معه قومياً أو دينياً أو سياسةً وحزباً أيديولوجيا.

وإن هذه الخاصية والسلوك القطيعي والغرائزي تكون أكثر حدةً وعنفواناً لدى الكائنات والشعوب المتخلفة والتي لم تدخل المراحل المدنية بعد.. وبالتالي فهي جزء من "الثقافة القطيعية" _إن جاز التعبير بأن نطلق مصطلح الثقافة على هذا السلوك الغرائزي_ لدى الإنسان البدائي عامةً؛ وإن ما نجده اليوم وما يجري في سوريا عامةً بين الاصطفافات المجتمعية (مذهبياً طائفياً وقومياً عرقياً وكذلك حزبياً أيديولوجياً) هو تعبير حقيقي وصادق عن ذاك السلوك الغرائزي القطيعي وعند إسقاطها على الحالة الحزبية والسياسية لدى أبنائنا من الشعب الكوردي فنجد بأن أغلبية صراعاتنا وخلافاتنا الحزبية وعلى الأخص بين محوري قنديل وأربيل تقع ضمن هذه الخانة والعقلية البدائية من السلوك القطيعي لبني البشر والذي يكون بذلك مؤشر حيوي وقاطع عن بدائيتنا وانتمائنا العضوي القطيعي والبعيد كل البعد عن السلوك المدني الحضاري والتي تعتبر الأحزاب كإحدى مؤسساتها الفاعلة في تلك المجتمعات المدنية الحضارية.. وهكذا _وبموجب القراءة السابقة للواقع الكوردي_ فإنه يتوجب على الأحزاب الكوردية أن تقوم بتقييم ومراجعة شاملة لسلوكها وسلوك وثقافة أعضائها مع التيارات والأحزاب والمكونات المجتمعية الأخرى وذلك لكي نضع أولى خطواتنا الصحيحة والحقيقية في بناء مجتمعاتٍ أقل قطيعيةً وأكثر حضارةً.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن