الهجرة والتهجير وجهان لنفس العملة

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de

2015 / 6 / 28


هل هنالك فرق بين الهجرة والتهجير ..السؤال يطرح نفسه بقوة والجواب بكل بساطة ربما يفرق من النواحي اللغوية والاصطلاحية والدلالية، لكن ما دامت المعاناة اصلها انساني وما دامت تمس حياة وحرية وحقوق الناس الفردية والاجتماعية والعرقية والمعتقدية والوطنية فانني اعتذر من القائلين بوجوب التفرقة واقول انهما اي الهجرة والتهجير وجهان لنفس العملة خصوصا إذا ما كانت الضحية واحدة ولنفس الجلاد. وهنا لا ندري عن أي ظروف إنسانية نتكلم أو نكتب، وعن أي نوع من البشر نتحدث وتحت اي نوع معاناة نوصف الموقف عندما يتعلق الأمر بعشرات الالاف الإيزيديين الذين اقدموا على الانتحار الجماعي (الهجرة الاجبارية). فالفرق هذه المرة عن سابقتها هو أن المهاجرين تركوا الديار بعد أن ضاقت بهم السبل وفقدوا الأمل في الوعود وتوضح بشكل سافر كذب المسئولين السياسيين اليومي عن وجود بصيص الامل الذي كانوا يراهنون عليه. وبالتالي فاان التهجير القسري هو: ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراصِ معينة وإحلال مجاميع سكانية اخرى بدلا عنهم. ووفق القانون الدولي فإن هذه الممارسات تندرج ضمن الجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية(*). فالهجرة تعني في أبسط معانيها حركة الانتقال -فرديا كان أم جماعيا- من موقع إلى آخر بحثا عن وضع أفضل اجتماعيا كان أم اقتصاديا أم دينيا أم سياسيا. ولقد تعددت دلالات الهجرة بين أن تكون الهجرة سرية، أو هجرة غير شرعية، أو هجرة غير قانونية. وأن الهجرة الغير الشرعية هي انتقال فرد أو جماعة من مكان إلى أخر بطرق سرية أو علنية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دوليا، أما المصطلح المتداول هو "الحرقة"، ومعناه حرق كل الأوراق والروابط التي تربط الفرد بجذوره وبهويته على أمل أن يجد هوية جديدة في بلدان الاستقبال.
بهذه الكيفية فإن كانت الهجرة شرعية ام كانت غير شرعية فهي لاتهم المهاجرين الإيزيديين بعد أن شدّوا العزم لانها فرضت عليهم كواقع على الأرض بعد أن فقدوا الأمن والأمان والوطن والممتلكات والعرض وشاهدوا السبي والاغتصاب وعايشوا القتل الجماعي وبيع وشراء الأطفال والنساء تحت مرأى ومسمع من العالم دون أن يحركهم ضميرهم الميت. إننا كمجموعات أو كأفراد هاجرنا إلى أوربا بشكل غير شرعي ووجودنا الان هو امر واقع بالضرورة، لذلك فإن هجرة الالاف الان هي شرعية وهي أمر واقع وضرورة ملحة. وفي الواقع فإن هجرة الإيزيديين الان نحو أوربا في مفهومها وقوانينها وما يترتب عليها أصبحت غير ذي معنى مقابل حجم المعاناة وفقدان الامل في الحياة والمستقبل، أما ما هو أهم من كل شيء الان فهي المعاناة اليومية لشعب بات مهدداً في حياته ومستقبله على مدار الساعة بعد أن خانتهم القيادات السياسية الكردية والايزيدية وأدارت الحكومة العراقية ظهرها لمواطنيها الاصلاء وكأن أمرهم لا يعنيها حتى بما جاء في قول الامام علي "إن الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الإنسانية"، فلم تتبنَ حكومة العراق مسئوليتها لا في الاخوة الوطنية ولا في مفهوم الانسانية.
لذلك فإننا نرى بأن القرار الجماعي طالما كان نتيجة للمعاناة والحياة القاسية فقد جاء صائباً وصحيحاً رغم أخطائه وبالرغم من التحفظات الكثيرة عليه، فإننا نتمنى للعازمين على الهجرة من تركية الى اوروبا سلامة الوصول إلى بر الامان وعدم التراجع عن عزمهم لإركاع العالم على القبول بمعاناتهم ليضيفوا بذلك حجة أخرى على المجتمع الدولي بإقرار ما حدث في 3/8/2014 كإبادة جماعية للإيزديين. كما أنه يتوجب على البرلمان الاوربي الذي سيعقد جلسته بشأن الأقليات الدينية العراقية في بروكسل في 30/6/2015، أن يقوم بدوره الاخلاقي وانهاء معاناة هذا الشعب الذي ابتلى في حياته بالفجائع والويلات والابادة .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------
(1): عادل عامر، مفهوم التهجير القسري في القانون الدولي، ديوان العرب. نوفمبر-2014

علي سيدو رشو
المانيا في 28/6/2015



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن