ما لم يرد كشفه العميد الركن عبد المحسن فلحي الضابط في عمليات نينوى من على قناة البغدادية - 1

سعد السعيدي
s.alsaidy@yahoo.com

2015 / 6 / 24

في سلسلة مقابلات على البغدادية في شهر حزيران الجاري تكلم قائد الفرقة الثانية السابق في عمليات نينوى العميد الركن عبد المحسن فلحي عن فترة ما قبل سقوط الموصل بيد الارهابيين (متوفرة على اليوتوب). وهي المتعلقة بفترة الثلاثة اشهر التي تولى فيها قيادة الفرقة دامت حتى يوم إعفائه من منصبه وسط المعركة في 6 حزيران 2014 , اي اربعة ايام قبل سقوط المدينة. فالقليل الذي كشفه العميد يؤكد ما ذهبنا اليه في كل مقالاتنا السابقة حول سقوط الموصل من كون جيشنا مخترق وانه يتوجب تطهيره. وان القيادتين السياسيتين المتمثلتين بحكومتي المالكي والعبادي مخترقتان كذلك ايضاً.

لن نمر على كل ما كشف لنا من قضايا في المقابلة حول الاوضاع في الموصل وما قبل سقوطها. سنترك هذا لمقالات اخرى قادمة. سنبدأ هنا ببضعة مما نراه مهماً..

نبدأ بإحدى النقاط التي ذكرها العميد خلال المقابلة وهي المتعلقة بسقوط ما اسماه باوليات الجنود كانت في حاسوب محمول (او اللابتوب كما سماه العميد) بايدي الارهابيين وهو مما اصابنا بالدهشة البالغة. وكان هؤلاء يستخدمون الحاسوب كما ذكر العميد في التعرف على الجنود المارين في السيطرات الوهمية التي كانوا يقيمونها. حقاً كنا نتصور كل شكل من اشكال الاختراق في الجيش... إلا هذا ! كيف وصلت (او تم ايصال) هذه المعلومات المهمة بايدي الارهابيين مع المحمول الذي يحتويها ؟ هذا يعني ان ثمة جواسيس داخل غرفة العمليات هم من اوصل هذا المحمول (والذي يمكن ان يحتوي على معلومات اخرى محورية غير تلك الاوليات) الى الإرهابيين. والسؤال هو كم من مثل هذا الاختراق كان يوجد في الجيش ويوصل الاخبار والمساعدات للارهابيين ؟ سؤال نتمنى الحصول على الاجابة عليه من قبل الغراوي او المالكي. (اذكر اني رأيت قبل سنتين على اليوتوب فيلماً – تم حذفه بعد فترة طويلة لاحقاً - يظهر الدواعش وهم يخرجون بزات جديدة لقوات مكافحة الارهاب (او السوات) من علبها وعليها شارات تلك القوات ويظهرونها للمصور وهم يرددون جذلين بانهم كانوا "يتسوّقون" مباشرة من الجيش الصفوي ! وهي تسميتهم للجيش العراقي).

النقطة الاخرى والاهم التي استرعت انتباهنا في المقابلة هي كلام العميد الركن فلحي عن تواجد معسكرات الدواعش في منطقة الجزيرة. وهي كانت اجابة على سؤال عن مصادر الهجمات الارهابية التي كانت تضرب قواته في القيارة. فذكر بانها كانت ثلاثة معسكرات منها كانت تنطلق الهجمات. واضاف العميد بان هؤلاء الارهابيون كانوا يتواجدون في معسكراتهم هذه منذ العام 2013 !!! عندما طرح عليه مقدم البرنامج السؤال البديهي لماذا لم يجر ضربهم من قبل القوات الامنية , اجاب العميد باسماً بانه لم يكن يتوفر لدى عمليات نينوى القوات الكافية لضرب هذه المعسكرات !!!!!!... وهو كلام غير مقبول وينم عن استخفاف بالجمهور. فواجب قاطع العمليات هو تحقيق الامن في كامل القاطع , واي تقصير فيه يعني العزل والمحكمة العسكرية وربما الاعدام. لذلك لا يمكن اخذ كلام العميد على محمل الجد ونعتبره تهرب من الاجابة. ولو صدق هذا الكلام فعلاً لكان هو قابعاً في السجن بتهمة التخاذل او الخيانة العظمى , لا جالساً في استوديو البغدادية. واجابته هذه تناقض ايضاً كلام قائده الفريق مهدي الغراوي. فهو كان قد اجاب على سؤال مماثل تقريباً في المقابلة التي سبقت هذه نهاية كانون اول الماضي عندما ذكر بان الطيران العسكري العراقي كان متواجداً في سماء المعركة وقام بعدة طلعات ناجحة قصف بها اوكار الارهاب حوالي الموصل. وانه لم تكن هناك شكاوي من طرفهم (اي من طرف قيادة العمليات) حول ادائه. اي ان امكانية ضرب الارهابيين من الجو مثلاً كانت متوفرة. فلماذا ادعى العميد ضيف البرنامج بالعكس ؟ هذه نقطة كان على مقدم البرنامج الانتباه اليها وتذكير ضيفه بها.

نرى انه حتى لو صح كلام العميد فكان يمكن التنسيق مع عمليات صلاح الدين او اية غرفة عمليات اخرى لارسال قوات لضرب هذه المعسكرات. فمنطقة الجزيرة تحتل موضعاً وسطياً خطراً بين خمس محافظات تطل عليها وتعمل بالنتيجة ليس فقط كجسر يصل بينها , وإنما ايضاً وهو الاخطر امكانية توجيه ضربات من هذه المنطقة نحو جميع هذه الجهات (وبتقابل منطقة الجزيرة مع مناطق جبال حمرين المعقل الآخر للارهاب شرقاً والتي كانت تمتد من نهر دجلة عند منطقة الفتحة شمال بيجي حتى شمال بعقوبة عند نهر ديالى بحيث تطوقان منطقة الجزيرة ومحافظات صلاح الدين وبغداد بينهما مما ينتج عنه وضعاً خطراً). لذلك كان يجب ان يحتل تدمير المعسكرات في هذه الجزيرة الاولوية في الاهمية. لكن حسبما نعرفه للآن لم يحدث في الواقع اي من هذا. فقد ترك العميد الموضوع طي الكتمان عندما خدع مقدم البرنامج حول حدود قاطعه مدعياً بإصرار بانه بحدود المدينة في الجانب الايسر فقط. فهل كان العميد فلحي يريد التغطية على مسؤوليته او تقصيره في ضرب هذه المعسكرات ؟ كذلك فمعلومة مثل هذه حول خطر هذه المعسكرات ستكون معروفة ليس فقط من قبل قيادة عمليات نينوى , إنما وايضاً من قبل كل قيادات العمليات بالمناطق المحيطة وصولاً الى بغداد. لذلك فيتوجب على هذا توجيه السؤال عن هذا الاختراق إن صح كلام العميد الى الفريق الغراوي والى القيادة العامة في بغداد اي الى المالكي شخصياً.

لم يوضح لنا العميد فلحي شيئاً ولم ينبس بكلمة... عن دور الفرقة الذهبية التي افشى تواجدها قرب الموصل الجنود المنسحبون من المدينة العام الماضي , وفضل إبقاء الموضوع طي الكتمان. لذلك فنحن لا نصدق تهريجه المستمر حول موضوع الفرقة 18 التي اراد بها الادعاء بوجود مؤامرة لاضعاف عديد قواته !!! ولا ندري كيف مرت هذه النقطة على مقدم البرنامج مرة اخرى.

يقودنا هذا الى اسئلة اخرى نتمنى الحصول على إجابات عليها لكي تتوضح الصورة لدينا. الاسئلة تتعلق بنقاط كان يستطيع العميد فلحي توضيحها لنا إلا انه فضل الصمت حولها. الاسئلة تتعلق عدا عن الحدود الحقيقية لقاطع عمليات فرقته العسكرية الثانية بحدود قاطع عمليات الفرقة الثالثة للشرطة الاتحادية في الجانب الايمن من نهر دجلة. فقد فضح ضيف البرنامج نفسه عندما شرع بالكلام عن عملية تأمين طريق الموصل بغداد وانبوب النفط الذاهب الى تركيا. فعندما تكون مسؤولية حماية هذه المنطقة الواقعة بعيداً جنوب المدينة تحت يده فهذا يعني بانها من ضمن قاطعه الذي يكون اكبر مما ذكره بكثير. ولم ينتبه مقدم البرنامج السيد نجم الربيعي لهذه النقطة فلم يسأل ضيفه بشانه وعبر الموضوع عليه. فلابد ان حدود قاطع عمليات الفرقة تمتد خارج المدينة جنوباً حتى القيارة والشرقاط وتل عبطة (وهي منطقة تقع بعيداً بمسافة 50 كم تقريباً جنوب غرب الموصل) حتى شمال الموصل شرق نهر دجلة (اي الجهة اليسرى للنهر). كذلك فلابد ان يكون قاطع الشرطة الاتحادية عدا الجانب الايمن للمدينة إنما ايضاً خارجها ويمتد ليغطي مناطق صحراء الجزيرة جنوباً. كذلك نريد ان نعرف إن كان قاطع هذه الاخيرة يمتد حتى سنجار والحدود السورية غرباً مروراً بتلعفر ؟ سبب اسئلتنا حول حدود القواطع هو لمعرفة طرق دخول الارهابيين وبالتالي تحديد المسؤوليات. إذ ان امر حدود هذه القواطع قد ترك بتعمد في الظلام عند لجوء ضيفنا الى الخداع حوله باستمرار كما ذكرنا.

نريد كذلك ان نعرف عما كانت تقوم به قوات الحدود التي كانت بامرة وزارة الداخلية وإن كانت لها نشاطات ضد الارهابيين واين كانت حدود قواطعها بالضبط. ونريد ايضاً ان نعرف إن كانت ثمة مناطق حدودية ساقطة بايدي الارهاب مثلما كان الحال لدى عمليات الانبار. إذ يتبين من كلام العميد انه كان هناك الكثير من الاختراق في هذا الموضوع بدليل كلامه عن تعرض قواته المستمر لهجمات الارهابيين. ننتظر توضيحات حول هذا قبل ان نحكم. فماذا كانت تدابير قوات الحدود لمعالجة النشاط الإرهابي على الحدود السورية في الفترات قبل بدء الهجوم وخلاله ؟

لدينا غرض آخر من طرح سؤال حدود القواطع وهو معرفة بداية حدود قواطع القوات الكردية المرابطة حوالي الموصل. فالمعلومات حول هذا الموضوع ايضاً مبهمة بشكل معتمد. حسب ما نعرف فإن الاكراد كانوا موجودين عند بعشيقة شرق الموصل وزمار شمالها. فهل كان ثمة تعاون معهم في محاربة الارهاب ام ان هذا التعاون كان يقترب من الصفر ؟ وهل كانوا مشاركين فعلياً في المعارك التي جرت عند بدء الهجوم على المدينة وقبله في العمليات الامنية الاخرى , ام ان الصراع بينهم وبين الحكومة الاتحادية قد اثر على هذا التعاون إن كان موجوداً ؟ هذه اسئلة من المهم الحصول على إجابات حولها لنتعرف على صورة ما حصل فعلاً في تلك الاوقات ولكي نستطيع كما ذكرت اعلاه من تحديد مسؤوليات الجميع في هذا الموضوع خصوصاً وان المقابلة مع العميد قد جرت بعدما اذيعت اخبار إقالة النجيفي محافظ الموصل وتعاونه مع الارهاب.

كذلك هناك موضوع آخر مهم لم يطرح على ضيف البرنامج. الا وهو المتعلق بالجنود الوهميين او الفضائيين. فهل كانت تعاني قيادة العمليات من وجود نقص في عديد القوات , اي هل ان اعداد الجنود على الارض يتطابق او لا مع العديد المسجل على قوائم الرواتب ؟ من المؤكد انه كان ثمة فضائيين. هل قاموا بعمل تحقيق داخل الفرقة حول هذا الموضوع ؟ هل قاموا باعلام القيادة العامة العليا حوله ؟ فلفلفة الموضوع يشي بانه اكبر مما اثير حوله مثلما ذكرنا في مقالتنا السابقة. كيف سنعرف الحقيقة في هذا الموضوع الهام ؟ ففي نايجيريا اكتشف من خلال التحقيقات العام الماضي حول الخروقات الامنية هناك بان الارهابيين حقيقة كانوا من جنود الجيش النظامي ! إذ كانوا يعودون الى ثكناتهم العسكرية مساءً بعد انتهاء "واجبهم" القتالي لدى الارهابيين !!! (وهو خبر يكاد يرقى كما هو واضح الى حد الطرفة والفكاهة). فكيف تم اكتشاف هذا لدى جيش نايجيريا المخترق اكثر من جيشنا... ولم يكتشف اي شيء من هذا او ما شابهه لدينا ؟ لم يتكلم العميد حول هذا الموضوع واهمل مقدم البرنامج ايضاً طرح السؤال.

النقطة الاخيرة التي نثيرها والتي عبرت على مقدم البرنامج هي ان الغراوي لم يذكر في المقابلة السابقة معه اي شيء عن اقالة العميد فلحي في وسط المعركة وترك هذه النقطة المهمة طي الكتمان. لماذا ؟

ملاحظاتنا بشأن طريقة ادارة اللقاء هي اننا نفضل لو تجنب مقدم البرنامج السيد نجم الربيعي اللجوء الى التعليقات التي لا تضيف للموضوع ولا تغنيه. اعتقد انه لو يفعل هذا سيكون انفع للجميع من ناحية الابقاء على التركيز حول الموضوع وعدم تشتيت انتباه المشاهد. نشدد ايضاً على اهمية التحضير للمقابلة وتحضير الاسئلة قبلها دون ترك الموضوع للصدفة. فهذا سيساهم بتوضيح الكثير من الامور للمشاهد. لقد لاحظنا حصول نفس هذه الامور في المقابلة مع الفريق الغراوي. إذ ترك مقدم البرنامج الغراوي يدور حول الاسئلة ويراوغ في تجنب الاجابة عليها فنجح بإغراق المقابلة باكملها بفيض من التفاصيل غير المفيدة بحيث استحال علينا الخروج باية صورة حول الوضع الذي كان سائداً في المدينة قبل سقوطها. نتمنى ان نرى مقابلات احسن مستقبلاً.

نقطة اخيرة نريد قولها بشأن ما يرمينا البعض به احياناً حول كوننا غير مختصين لدى طرحنا الاسئلة في اي موضوع وهو ما قد يثير الابتسام. نحن لسنا بحاجة الى اية اختصاص لدى طرح الاسئلة. فنحن نطرحها استناداً الى كوننا المتضرر الاكبر من طريقة إدارة البلد ومعاملة الناس والتصرف بموارده. هذا الضرر والحيف الذي وقع علينا يعطينا كامل الحق بمسائلة اولئك "المختصين" ذوي الرتب الكبرى والعمائم العريضة والالقاب الفارغة الذين ادوا بالبلد وبنا الى هذه النتائج الكارثية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن