تجليات الياسمين بقلم: محمود كعوش

محمود سعيد كعوش

2015 / 6 / 13

تجليات الياسمين بقلم: محمود كعوش

لآلآلآ...لا تبكِ أيها الياسمين

عندما يَبْكي الياسمينُ
يكونُ قدْ داهمَ دمشقَ الطوفانْ
وَسُرِقَ منها الأمَلُ والأمْنُ والأمانْ
وباتَ أهلُها بِلا طمأنينةٍ واطمئنانْ
وشادَ فيها بومُ النحسِ سوءَ المقامِ ودَمَرَّ البنيانْ
وعاثَ فساداً بلا رأفةٍ ولا رحمةٍ ولا حنانْ
وأهلَكَ الحَرْثَ والنَسْلَ والإنسانْ
وفَتَكَ بكلِ ما فيها وأطلقَ للشرِ العنانْ
وأتى على الحجرِ والشَجَرِ والرياضِ والجِنانْ
ثمَ عَرى واستباحَ أبداناً لطالما حفظها الرحمنْ !!

عندما يبكي الياسمينُ
يكون قد خطَفَ بلادَ العُرْبِ الدعاوشةُ و"إخوانُ الشيطانْ"
وسادَتْ في عواصمها أوكارُ الذئابِ ونَحَتَتْ أعشاشَها الغربانْ
وضَجَتْ المُروجُ بالأنينِ يُوارِيها الفَناءُ ظلاماً ويسودُها البُهْتانْ
وتوارتْ منها محافلُ الفرحِ ويبستْ وتهاوتْ الأفنانْ
وزُمَّتْ ليالٍ خَلَّفَتْ وراءَها الوَنى والهَمَ والأحزانْ
وحَلَّتْ في دوحة اللِّقا ليالٍ مُثْقَلاتٌ بالغَمِ والفقرِ والحرمانْ
وأمست أغاريدُ الطفولةِ فيها أنجماً بلا نَغَمٍ ولا عنوانْ !!

عندما يبكي الياسمينُ
تُذرفُ الدموعُ في كل حينِ وأوانْ
وتتهدجُ وتضيقُ الصدورُ فيلفظنا المكانْ
وتتغيرُ كلُ قوانينِ وأعرافِ الزمانْ

عندما يبكي الياسمينُ
تنفطرُ الأفئدةُ وتتطايرُ العقولْ وتَقْشَعِرُ الأبدانْ
وترتحلُ عنا للماضي المشاعرُ والأحاسيسُ والأشواقُ
ويهجرُنا بلا رجعةٍ الأمنُ والأمانْ

عندما يبكي الياسمينُ
نفتقدُ الهمسةَ والبسمةَ والرِقَةَ والحنانْ
وتُغادرُ حاضرَنا الأفراحُ وتعمُ الأتراحُ
ونحيا أحلامَ المستقبلِ بلا أملٍ ولا اطمئنانْ

لا تبكِ أيها الياسمينُ الدمشقيُ والتونسيُ
ولا تحزنْ أو تأسى ولا تكتئبْ أو تُضانْ
جراءَ نوائبُ الدهرِ وجورُ الخفافيشِ والغربانْ
وزمرةٍ من خونة المستعربينَ والعربانْ

ولتُعِدْ للحياةِ طعمَها ورونقَها
فبكَ ومعكَ تعلو أصواتُ المنابرِ
وتُقرعُ الأجراسُ ويرتفعُ الأذانْ

كَمْ أعشَقُكَ أيها الياسمينْ...كَمْ أعشَقُكْ

بكَ ومعكَ تُعندلُ العنادلْ
وتُهدهِدُ الهدائدُ
ويهدلُ الحمامُ
وتُزقزقُ العصافيرُ
وتُغَرِدُ الطيورْ
بِحُبٍ وشوقٍ وحُبورْ

تُزقزقُ وتُغَرِدُ العصافيرُ والطيورُ في الخمائلْ
وفي الرياضِ والجنائِنِ والمشاتِلْ
وعلى الأغصانِ وأسطحةِ القصورِ والمنازلْ

وبكَ ومعكَ تنطلقُ الألسنةُ مِنَ المحاجرْ
وتصدحُ عالياً بالشُكْرِ كُلُ الحناجرْ
وتَشْدو بالتهليلِ والتكبيرِ مِنَ المآذنِ والمنائرْ
وتخطبُ ودَ الناسِ مِنْ صَفْوَةِ المذابحِ والمنابِرْ

وبِكَ ومَعَكَ...
نتَحَلى بالصبرِ ونتَجَمَلُ بالإيمانْ
ونتعطرُ بأطيب وأفخرِ العطورِ
مِنْ شَتّى الصُنوفِ وأبهضِ الأثمانْ
ونتباركُ بِعِبادَةِ اللهِ وحُب الأنبياءِ
وترتيلِ الإنجيلِ وتجويدِ القرآنْ

فلا تبكِ أيها الياسمين...لا تبكِ
لالالا...لا تبكِ أيها الياسمينْ !!

أطيب تحيات
محمود كعوش
kawashmahmoud@yahoo.co.uk



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن