محنة البلاد والاتّحاد

سيدة عشتار بن علي
saidabenali2011@hotmail.com

2015 / 6 / 12

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل مراحل عصيبة عبر تاريخه فكثيرا ما تعرض لمؤامرا ت في محاولة لتدجينه وضرب استقلاليته ومحاولات عديدة لتشتيت صفوفه وكثيرا ما واجه محنا الهدف منها تهميشه واسكات صوته لكن مدّه النضالي صمد وتواصل وكان دائما يخرج من محنه أقوى مما كان عليه وتاريخ الاتحاد يشهد على الادوار السياسية الحاسمة التي لعبها منذ تأسيسه ولم يرضخ لكل المحاولات التي ارادت ان تجعل منه منظمة مهنية حرفية ضيقة لا تتجاوز مهامها حدود الدفاع عن مصالح منظوريها المادية ليثبت دائما انه منظمة وطنية قاومت كل محاولات اقصائها عن الشأن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد ....اليوم يمر الاتحاد بمحنة من اصعب محنه التي عرفها عبر تاريخه النضالي العريق ...هو بصدد دفع فاتورة نجاحه في الدور السياسي الذي لعبه اثناء الثورة وبعدها ...نجاحه في الحوار الوطني ونجاحه في انقاذ المسار السياسي ....الاتحاد يواجه مؤامرة من الداخل هدفها النخر في خلاياه وقصم ظهره ....في البداية كان الهجوم على الاتحاد ساذجا وانفعاليا فكان التهديد والوعيد وشن الغزوات على مقره واستهداف قياداته أما الان فان ميكانيزمات الحرب تغيرت ومحاولات التهديم تطوّرت .....انها محاولة لتطبيق استراتيجية الجيل الرابع من الحرب الغير متكافئة ....السياسة التي تعتمد على ضرب النسيج الاجتماعي وبث السموم البطيئة المفعول في جسمه حتى يتآكل تدريجيا ويكون الانهيار دون ضجيج ...نعم السم مبثوث اليوم في النسيج النقابي كما هو مبثوث في هياكل الدولة قصد تحطيم مؤسّساتها ودفعها نحو الانفلات والتّوحش ... المؤامرة ضد الاتحاد لم تبدأ اليوم بل انطلقت مباشرة مباشرة بعد 14 جانفي 2011 الهدف منها ضرب الاتحاد وانهاء دوره والسيطرة عليه في اطار مخطط ضرب مكونات المجتمع المدني والانقضاض عليها... المؤامرة هي ضرب مصداقيته ..وبما ان الهجوم المادي والتهديد والوعيد لم يجد نفعا بل زاد من صلابة وقوة منظمتنا تغيرت الاستراتيجية فكان الاختراق من الدّاخل هو الحل الأنجع.... نجحوا جزئيا في ذلك و فاحت رائحة أزمة الثقة بين القيادة والقواعد والنتيجة تمرّد في صفوف القواعد وتمرد داخل التشكيلات النقابية تحركه بالأساس خلفيات سياسية وتهندسه عقول هدامة ارهابية والمستهدف ليس الاتحاد كمنظمة نقابية بل كمنظمة لها دور وطني ودور سياسي.. منظمة يجب السيطرة عليها أو تحطيمها كي لا تكون شوكة في حلق الغزاة القادمين... ما تشهده البلاد اليوم هو حملة تدمير شرعي وديمقراطي بأتم معنى الكلمة ,فالأطباء والممرضون يهددون بغلق المستشفيات والاستاذ والمعلم والقيم والاداري يهددون بغلق المدارس والمعاهد والمهندسون يهددون باحراق الاخضر واليابس في البلاد والمؤسسات المالية تهدد بغلق مؤسساتها وتحطيم اقتصاد البلاد ....ارى منظمة الاتحاد تحولت الى جسم مصاب بالدّوار وفاقد لتوازنه وغير قادر على كبح جماح قواعده التي تحركها أجندات سياسية خبيثة ومزدوجة , فالسمّ المبثوث في مفاصل الاتحاد ومفاصل الدولة بدأ يعطي مفعوله لكن لم يفت الأوان فهل يتدارك الاتحاد وينجح في تطهير عروقه من السموم الطارئة عليه ...?هل يخرج من محنته وينقذ نفسه وتونس وشعب تونس من مخططات الخونة...? زميلي الأستاذ... زميلي المعلم ....زميلي القيم ....أقولها بعلو صوتي واعتبروني ناقصة عقل... ودين.... انتم تشاركون في جريمة ضد تونس وتساهمون في تحطيم مؤسساتها وأعرف ان اغلبكم لا يدرك ذلك وأغلبكم غير مقتنع في قرارة نفسه بالدخول في هذه الموجة من التمرد ,لكن للأسف عقلية الحشد ونشوة الهياج الجماعي مازالت تسيطر علينا ولم نتعلم بعد رغم ما تجرعناه من مرّ التجارب وها انتم اليوم تفتحون الباب على
مصراعيه للغزاة وتسهلون عليهم قتلنا جميعا........ انقذوا اتحادنا وانقذوا تونس يارجالها ونساءها الأحرار ...!
_سيدة بن علي _



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن