الثورة الطبقية والثورة القومية - الوطنية التحررية

كوسلا ابشن
akcel.ibashan47@gmail.com

2015 / 5 / 31

الثورة الطبقية والثورة القومية - الوطنية التحررية
الحقيقة الموضوعية ان الشعوب والامم تختلف فيما بينها في مميزات كثيرة , وهي تدرك وتعي هذه المميزات , مثلما تدرك اي طبقة اجتماعية مميزاتها المحددة والمختلفة عن طبقة اخرى , فاذا كان هناك اختلاف بين الطبقة العاملة وبين الطبقة البرجوازية حسب مكانتهما من النظام الانتاجي وحسب علاقتهما بوسائل الانتاج , يوجد كذلك اختلاف مثلا بين ايمازيغن والعرب , فكل امة تتميز عن امة اخرى حسب مميزات محددة لكل امة وموطنهما المحدد والثابت في جغرافيته .
الادراك الواعي للاختلاف انعكاس للظروف المادية الحياتية التي تنتج فكرها الخاص , اذا كان الوعي الطبقي انعكاس للواقع الاجتماعي الموضوعي واهمية هذا الوعي في الثورة الاجتماعية التي ستنهي هذا الصراع لصالح طبقة جديدة يولد على يدها النظام الاجتماعي الجديد, فان الامة المشكلة والمهيكلة في التطور البشري , تعي في حياتها السوسيو- اقتصادية والجغرافية والتاريخية و الثقافية واللغوية انها تختلف عن التجمعات البشرية الاخرى , وبالتالي عندما تحتل قوة اجنبية بلدها وتضطهدها , فهذا الواقع الاستعماري والاضطهاد القومي والاجتماعي ينتج بدوره وعي الرفض والتصدي لهذا المحتل الاجنبي, وعي قومي - وطني تحرري مناقض للفكر الاستعماري الاضطهادي الاستغلالي ولا يمكن ان تزول هذه التناقضات الا بزوال الاستعمار وفكره الشوفيني الاحادي .
يولد الصراع الطبقي بسبب الواقع الاجتماعي المتناقض والمصالح المتناقضة لمختلف الطبقات , هذه المصالح محددة بموقع ودور هذه الطبقة او تلك في نظام الانتاج الاجتماعي . البورجوازية والعمال طبقتين عدوتين لدودتين ومصالحهما متناقضة , فالطبقة العاملة في المجتمع الرأسمالي الاستغلالي , من موضعها الموضوعي فهي اكثر اهتمام بالاطاحة بالنظام الرأسمالي عبر ثورة عمالية لانها اكثر استغلالا وتضررا من هذا النظام الا ان مصالحها هي مصالح الشعب المتضرر من الاضطهاد البورجوازي , الكل يواجه عدو واحد , ولهذا فالفئات الاجتماعية المتضررة من النظام الاستغلالي تقدم للعمال وضعية موضوعية للتحالف والعمل المشترك بينها وبين هذه الفئات من فلاحين وبرجوازيين صغار ومثقفين ثوريين للاطاحة بالنظام الرأسمالي, فالظروف الموضوعية كذلك في البلدان المستعمرة او شبه مستعمرة تحتم على كل القوى القومية - الوطنية , من عمال وفلاحين ومثقفين , التحالف ضد الاضطهاد الاستعماري , رغم الاختلافات السياسية والايديولوجية لهذه القوى القومية -الوطنية , واذا كان نضال الطبقة العاملة يستهدف القضاء على برجوازيتها , فان النضال الشعبي القومي - الوطني يهدف لتحرير البلاد وبنيتها التحتية وجميع فئات الشعب ومن بينها العمال من النظام الوحشي والاستغلالي الكولونيالي والدفاع عن الثقافة واللغة المحليتين ملك الشعب كله.
الصراع الطبقي باشكاله المختلفة الاقتصادية والسياسية والايديولوجية تؤلف وحدة لا تتجزأ في استراتيجية وتكتيك العمالي في الصراع الطبقي , الهدف منه الاطاحة بالمجتمع الرأسمالي المبني على اساس التناقض الطبقي , وبناء المجتمع الخالي من الصراع الطبقي , تكون فيه جميع فئات المجتمع متساوية اجتماعيا , توزع فيه خيرات المجتمع على جميع اعضاءه وهذا سيتم عبر عملية طويلة المدى تبدأها ضروروة الثورة الاجتماعية التي ستحرر العمال وجميع شرائح المجتمع من الاضطهاد والاستغلالي البورجوازي.
وحدة المستغلين بقيادة الطبقة العاملة في الصراع ضد اضطهاد المستغلين ( كسر الغين ) لتحقيق استراتيجية اساسها المجتمع العادل اجتماعيا , لا تختلف عن مهمة وحدة القوى المعادية للاستعمار في حربها من اجل استقلالها الترابي والاقتصادي والسياسي والثقافي وانهاء الصراعات القومية بضرورة تقرير مصير الشعوب , والتاريخ يشهد على هذه الثورات وعلى سبيل المثال الثورة اليونانية التحررية ( 1821 - 1829 ) ضد الهيمنة الاجنبية العثمانية التي دامت عدة قرون , او الثورة التحررية الفيتنامية بقيادة هوشي منه ضد الاستعمار الفرنسي وانتهت بالانتقال المباشر الى تهيئة اسس المجتمع اللاطبقي .
الهيمنة الامبريالية على العالم وتعميق الصراع الدولي لاعادة تقسيم الاسواق وتقسيم خيرات البلدان الضعيفة يخلق الظروف الملائمة والضرورية لعملية ثورة الشعوب التحررية من بقايا الانظمة العرقية الاستعمارية وانهاء التبعية للعرق المحتل ولثقافته والتصدي للمواقف الانتهازية والتحريفية واجندتها الاصلاحية الشكلية المحافظة على هيمنة السلطة العرقية وثقافتها المعيقة للثورة التحررية واستقلال الشعوب وتجربة جنوب السودان على سبيل المثال تدل عن عدم استحالة التعايش مع الانظمة العرقية الاستعمارية والتحررمنها ضرورة قومية - وطنية , وقضية شعب جنوب السودان لا تختلف كثيرا عن قضية ايمازيغن في الاقصاء والتهميش والاستبداد والعبودية.
العملية الثورية ضد بقايا الانظمة العرقية الكولونيالية لم تعد احتملات ولا نظريات فوقية وانما عملية لا مفر منها, تستهدف فيها حركة التحررالامازيغية الاطاحة بالسلطة العرقية وكذا ضرب مصالح النظام الامبريالي العالمي الحاضر في الخيارات والتوجهات الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية الثقافية للقوى الكولونيالية الجديدة والضربات الممية للخلفية الامبريالية (الحاضنة لتصريف بضاعته العتيقة واستغلال الموارد الخامة المحلية) , ستقوض أركان النظام الاستعماري الامبريالي.
النضال التحرري الامازيغي هو تاريخ المقاومة الامازيغية في سيرورة الصراع المنبعث من الحق الطبيعي في تحرير الارض وتقرير المصير و هذه المهمة تستكمل دربها الحركة الامازيغية المناضلة في كفاحها الثوري ضد السلطة العرقية الكولونيالية وبيادقها الزوايتيين وبائعي الكلمات العرقية وصكوك الجنة السماوية ,نضال قومي - وطني تحرري دون التخلي عن استقلالية التوجهات الفكرية والسياسية لمختلف الفئات الاجتماعية ومنها الشغيلة الامازيغية وموقعها الطبقي , ونقدا للتعامل المقدس مع الانظريات المنقولة بشكل ميكانيكي اللاواقعي وفرضها على واقع مغاير لم ينتج مثل هذه الافكار . النظرية انعكاس لواقع ملموس , فاذا كانت القومية برزت في الغرب كضرورة رأسمالية مرحلية لحماية السوق المحلي , فالرأسمالية نفسها في مرحلتها الامبريالية الغتها مع نمو التجارة الخارجية وقيام السوق العالمي , اما في الدول المستعمرة ( فتح الميم ) فالشعور بالانتماء الموحد لقومية واحدة ظهر بفعل الحاجة الضرورية للتصدي للسيطرة الاستعمارية ومواجهة الاضطهاد القومي وتحقيق الوحدة الذاتية للتحررمن هذا الاضطهاد واحقاق حق تقرير المصير وللشغيلة في هذا النضال دورها حسب امكانيات طليعتها السياسية وحسب ظروف المرحلة وما تحقق للاحزاب الهندو-صينية في صراعها ضد الاستعمار الفرنسي قد يكون ليس استثناءا وقد يعيد التاريخ نفسه .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن