القصيدة المؤتلفة

شاكر الخياط
shakirabdullah12@gmail.com

2015 / 5 / 31

مشروع

" الْقَصِيْدَةُ المُؤْتَلِفَةُ "

تمهيد
بعد دراسة مستفيضة وجهد غير بسيط ومراجعة شاملة للشعر العربي بنوعيه العمودي او القريض الذي وضع نظامه ( الخليل بن احمد الفراهيدي البصري) والشعر الحر الذي وضع نظامه ( بدر شاكر السياب البصري) ولعل من دواعي فخرنا ان يكون الاثنان عراقيين، وهذا ما يجعلنا نسعى الى ان نتراصف معهما، هذان العملاقان اللذان ثبتا علميهما ونظريتيهما فا صبحتا نظاما يسير عليه من اتى بعدهما.. وقد لاحظت التقارب والتجانس من حيث مبدا النظم وطريقة صياغة الاسس المتبعة في الشكلين انهما كتبا للشعر العربي بالخصوص.. والاثنان لم يرتكزا في مبادرتيهما على الاقتناص او الاقتباس من احد من الادباء او ( الشعراء) الغربيين قطعا..
ومثلما حدى الحب للشعر العربي بالسياب ان يتراصف مع الكبير الفراهيدي ليدخل التاريخ من بوابة شاسعة لا حدود فيها وان يكون كما اراد، ارى نفسي في مشروعي هذا واحدا ممن تأثر بالعملاقين وبما اتيا به من جديد صحيح فرض نفسه بعلمية بالغة التركيز على الادب العربي، متراصفا مع الاثنين لكي اكون ثالثهما في هذا المنحى.. وقريبا ملتصقا بهما لست ولن اكون في يوم ما حييت بمنأى عنهما لعل لي الفخر ان اكون ثالثهما عراقيا عربيا شاعرا محب للشعر العربي وبما افضى به الفراهيدي والسياب.. وهذا الحب دفعني ان اجمع بين امرين لا ثالث لهما الى الان.( عمود الفراهيدي ..وحر السياب) وسأكون بهذا المشروع الذي اسميته حبا بالعظيمين ( المؤتلفة) اراني اجسد ما علي من امر مفروض لا مناص منه بحبي للشعر العربي، الجمع بينهما في هذه القصيدة المشروع التي اتمنى لها ان تتراصف في ما ستاتي به الى جانب ما اتى به الفراهيدي وما اتى به السياب، فأكون ويكون هذا المشروع مرحلة جديدة توحي وتنم عن ان العقلية الادبية والشعرية منها بالذات لن تتوقف عن الابداع.. وبما اننا آلينا على انفسنا الا ان نكون في خضم هذا العطاء غير منفصلين عنه بل متمسكين بعراه..
وما ( المؤتلفة) الا استمرارا للإبداع العربي مانحة في مشروعها الفسحة اكثر للمبدع بان يقول ضمن دوائر شعرية هي نفس تلك الدوائر التي اتى بها الخليل والتزم بها السياب..
وفي بحور هي جزء من بحور الخليل وهي غير منفصلة عن بحور السياب التي اقرها ان تكون الطريق السالكة لشعره.. وهنا جمعنا في محاولة طيبة بين ما اقره الفراهيدي وما تبناه السياب في مشروع يجمع العمود مع الحر في قصيدة واحدة يراد لها اعطاء الحرية للشاعر ان يقول العمود واعطاؤه فرصة لكي يقول الحر في الوقت الذي يريد ان يقول فيه العمود والعكس صحيح ولا اشكال في ذلك...
وما تسميتها الواضحة والجلية بـ ( المؤتلفة) الا لتحقيق الغرض من هذا الطرح بالإمساك بروح الاندماج والرصانة بوحدة موضوعية توليفية فيما بين العمود والحر لنفس البحر والوزن، وكل ملتزم بمسببات وعوامل الابداع، فالشاعر هنا لا ينبغي ان يفلت من قبضة واحكام العروض في الوزن والقافية والصدر والعجز وما الى ذلك من متممات عناصر ومقومات الابداع، في الوقت الذي سيجد الشاعر نفسه بعيدا عن القافية والالتزام بالصدر والعجز والذهاب الى تعويضهما بالشطر والانفلات الملتزم عن عدد التفعيلات، واختيار القافية او دونها مع الحفاظ على اسس البناء الهيكلي لجسم القصيدة الحر..
يتجلى الابداع هنا في قضيتين مهمتين اولاهما: على الشاعر ان يكون شاعر عمود في قريضه وكانه لا يمت للحر بصلة ملتزما بكل قوانين القريض.. وهو نفس الشاعر في نفس القصيدة شاعرا حرا حديث الرؤى ماسكا بتلابيب البناء الحداثي الرؤيوي الطامح الى معانقة العلا في ابداعه... وعلى هذا الاساس لم نخدش جسد القريض، ولم نتعرض لروح الحر بأذى..
القسم الاول: بحور المؤتلفة
البحور المفترضة لكتابة هذا النوع من الشعر الذي نقترحه ايمانا منا بالحفاظ على الشكلين العربيين للشعر اللذين لا ثالث لهما الى الان في معتقدنا ( نتمنى ذلك على الجميع ولا نفرضه على احد): (القريض اوالعمود، الحر) ومثلما نعرف ويعرف الجميع ان القريض لم يأت به ولم يقل به احد ( كعلم) قبل الفراهيدي وهذا لا غبار عليه وامر لا يحتاج الى نقاش، اما ( الشعر الحر) فلم يقل به ولم يأت به احد ويرسّمه الا السياب..
وعلى هذا الاساس فان ما قام به السياب هو محاولة للحفاظ على الموروث الرائع الذي جاءت به العرب من قبل ووضعه الفراهيدي في قوالب وكيانات جميلة لم يعبث من خلال علمه بشيء قالته العرب، وبجمعه لتلك الاشعار وتقسيمها الى تلك البحور المحددة والتي لم يحاول او يجرا احد من معاصري الفراهيدي ولا من اتى من بعده ان يقول بعكس ما قاله الخليل الى يومنا هذا على الرغم من محاولات بعض المولدين الخروج عن هذا النهج في بحور مزيدة، منقوصة واخرى مبتدعة، الا ان الذي استقر عليه الحال وآل اليه المآل هي تلك الستة عشر من البحور( خمسة عشر منها جاء بها الفراهيدي وواحد تدارك به الاخفش)،، والامر سيستمر الى ما شاء الله.
ومثلما اجتهد السياب في مولوده الكريم الذي سرعان ما رأينا نضوجه ووقوفه على قدميه وانهمار الشعر من شعراء عراقيين و عرب نهجوا منهج السياب لاعترافهم بجميل ما اتى به السياب.. واصبح فنا رائعا يضاف الى سجل الروائع والابداع في الادب العربي الذي لا يقف عند حد ولا يمنعه سد(على الرغم من بعض العراقيل والصعوبات التي واجهته في بداية المشوار)..
ونحن الان نحذو حذو الصالحين المبدعين ممن سبقنا ونال شرف الرقي والانفراد بالمنجز لاسمه، لكنه لم يكن حكرا له بل افاض به للناس.. ونحن نعترف هنا اننا نستند ونرتكز في كل ما سنقول في قادم بحثنا على الفراهيدي والسياب، وهذه الاطروحة لا تعارضهما فيما جاءا به نصا وجوازات، بل هي منهما تستقي وبهما تهتدي للوصول الى ابداع جديد نظنه ونعتقده هكذا.. وهو شكل جديد من اشكال القصيدة التي يفترض انها ستعطي مجالا ارحب وفسحة اشمل تحاكي ملكة الشاعر وحسن ذوقه وجيد ادائه..
ومثلما كان شاعر العمود يسافر في دنيا لا حدود له وهو يمسك بزمام فرس اصيل وهذا الزمام هو سر القصيد فتراه ان ارخاه مرة جاء شعره انسيابيا رائقا عذب النغم والايقاع خفيفا على اذن المتلقي، فكانت القصيدة سلسة التعبير، وهذا نراه في الرومانس وشعر الحب والوصف وما الى ذلك.
وان كان يشد الزمام كان شعره قويا متدفقا شديد الايقاع صارخ النغمات.. وهذا يتجلى في بعض اغراض الشعر التي تختلف عن الرومانسية والوصف وما شابه مثل الحماسة واشعار التحريض والتحشيد.. وفي جديدنا تكون القصيدة او العمل الشعري ممثلة للتقريب بما يلي: (( صهوة واحدة لفرسين عارمين يتربع على تلك الصهوة فارس واحد " الشاعر" يمسك بزمامين هما العمود والحر، لينتج بها حركة تموجية انسيابية بتحكمه بالفرس الاول تارة والفرس الثاني تارة اخرى، دون محاولة الافلات لاحدهما، وبهذه الحركة المنسابة سيكون وقع القصيدة او العمل الشعري الجديد، حركة "مؤتلفة" بين الفرسين، يتقدم هذا تارة ويتقدم ذاك اخرى، ومثلما نرى الموجة في هبوب النسيم نأمل ان يكون الايقاع في العمل الشعري " المؤتلفة" انسيابيا متهاديا لا تعلوه هنة ولا تقطٌع ولا وهن ولا ضعف..
وهنا لا بد من الاشارة بادئ ذي بدء اننا لم ولن نكون باي شكل من الاشكال بديلا عن العملاقين ( الخليل والسياب) انما نحن نريد ونبغي من وراء هذا المنجز ان نكمل الطريق بما لا يخدش منجزيهما ولا يكون بديلا بتجاهلهما او حذفهما او محاولة التعريش عليهما او محاولة لتهميش منجزيهما الرائعين.. وهما اولا واخرا صاحبا الفضل في هذا الشأن، ولا فضل لاحد عليهما الا الله الواحد الاحد..
وما محاولتنا هذه الا استمرار لذلك النهج الطيب والمسار السليم، ونريد بهذا ان ندعم ابداع السياب في محاولة منا نعتقد مخلصين انها ستصب في مصلحة الشعر العربي واحاطة الحرف العربي والشعر العربي بوجه الخصوص بسور من الدعامات التي تدعمه للاستمرار والوقوف والثبات على عكس صرخات وادعاءات ومحاولات البعض - وهم كثر – ممن اغرقوا الساحة بمحاولات يائسة وبائسة بالتنصل عن الوزن بالنسبة للشعر العربي بشقيه.. واطلقوا تسميات لا تخص الشعر ولا تنتمي له، انما هي بعيدة كل البعد عن الصلب والرحم، ومن يتابع بإمعان محاولة السياب وما جاء به سنرى كم يحترم هذا العملاق استاذه الاول الخليل.. ونحن سنحاول ما اؤتينا من جهد ان لا نفرط بهذا العقد الثمين والدر المكين وسنحاول ان نكون لؤلؤة ثالثة في هذا العقد ثنائي التركيب، بحيث يكون التسلسل اذا شاء الله ((علم العروض للخليل بن احمد الفراهيدي... والشعر الحر لبدر شاكر السياب.... ونرجو ان نكون معهما....... القصيدة المؤتَلِفة، او العمل الشعري المؤتَلِف للعبد الفقير الى الله والمستغني عمن سواه شاكر بن حميد بن عبد الله الخياط المشهداني ))
وقصيدتنا المقترحة لا يكتبها جاهل ببحور الشعر ولا متجرد او متمرد على اصوله، قصيدتنا " المشروع المقترح" لن تكون البديل عن القريض او تسعى لذلك، ولن تكون البديل للحر او تسعى لذلك.... وهي تتلخص فيما يأتي:
هي محاولة المزج والتوليف بين العمود للخليل والحر للسياب في قصيدة واحدة تبدا بالعمود ثم تنتقل الى الحر ثم تعود الى العمود وتنتقل الى الحر، او تبدا بالحر وتنتقل الى العمود ثم تعود الى الحر وتنتقل الى العمود لا اشكال في ذلك ولا ضير، بل هذا هو مبتغانا في ابداع زاخر ثر متين، ويتداخل فيها البحر الواحد بالوزن بين العروض والحر دون احداث ارباك يُظهر ان العمود قد فرض نفسه على الحر او تفوق عليه.. ودون الايغال في الحر الى الحد الذي يرى المتلقي ان القصيدة قد كتبت على الحر البحت فقط ، او الاستمرار والتركيز على العمود بحيث تبدو القصيدة عمودية بحتة.. انما الامر المهم هنا ان القصيدة ستشتمل على النوعين :
( عمود – حر – عمود) او (حر – عمود – حر)
وللشاعر الحرية والخيار في ان يبدا بأحدهما دون ادنى اشكال وهذا امر منوط به وله القرار، شريطة الحفاظ على روح البحر في وزنه المعروف وجوازاته وزحافاته وما يترتب عليه... وبتعبير اخر اننا لم نُضف بحرا على بحور الخليل، ولم نحذف بحرا من بحور الخليل ، ولا داعي ان نقول (.. وبحور السياب لان السياب لم يخرج عن الخليل في بحوره) انما ارتأينا بعد دراسة معمقة وصبر طويل وبحث استمر لسنوات ان نجعل القصيدة الجديدة تحتوي على كل ما جاء به السياب ( الشعر الحر بأوزانه وجوازاته المعروفة) اي تلك البحور التي يمكن الكتابة عليها في القريض وهي البحور متساوية التفعيلة ( ذات التفعيلة الواحدة المتكررة في البحر الواحد، وهذا الامر سيحدد الشاعر بان لا يخرج عما افاض به الاولون وليس له الحق في ان يزيد او ينقص او يأتي بمحدث، لان هذا سيؤدي به الى جديد خارج عن جديدنا وسيعتبر تجاوزا على ما قلنا به او ربما خروجا عليه... ولكي تتضح الصورة اكثر وان لا ندع للمتربصين شبكة تعكر مياهنا الصافية في تصيدهم نقول:
البحور التي يجوز الكتابة عليها في قصيدتنا " المؤتلِفة" الجديدة او "العمل الشعري المؤتلِف" الجديد هي :
الوافر : مفاعَلَتُن / مفاعَلَتُن / مفاعِلْ او مفاعَلْتُن/ مفاعَلْتُن / مفاعل مع جوازات الوافر +
مجزوء الوافر ومايترتب عليه من جوازات.
الكامل : مُتَفاعلن / مُتَفاعلن / مُتَفاعلن او مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن/ مُتْفاعلن مع جوازات الكامل +
مجزوء الكامل وما يترتب عليه من جوازات.
الهزج: مفاعيلن/ مفاعيلن مع جوازات الهزج
الرجز: مستفعلن/ مستفعلن/ مستفعلن او مُسْتَعِلن/مستعلن/ مستعلن مع جوازات الرجز +
مجزوء الرجز ومايترتب عليه من جوازات.
الرمل: فاعلاتن/ فاعلاتن/ فاعلاتن او فعلاتن/ فعلاتن/ فعلاتن مع جوازات الرمل +
مجزوء الرمل وما يترتب عليه من جوازات.
المتقارب: فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن او فعولُ/ فعولُ/ فعولُ/ فعولُ مع جوازات المتقارب +مجزوء المتقارب وما له من جوازات.
المتدارك: فاعلن/ فاعلن/ فاعلن/ فاعلن او فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ/ فاعلُ مع جوازات المتدارك + مجزوء المتدارك وما يترتب عليه من جوازات
الخبب: فًعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ/ فَعِلُنْ او فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ/ فَعْلُنْ
مجزوء الخبب ومايترتب عليه من جوازات
اننا نبغي من هذه التجربة ان نضيف ابداعا جديدا الى ما ابدعت العرب من قبلنا واهم ما نبغيه هنا هو ( التوليف أوالتجانس أو المجانسة أوالأمتزاج أو الأندماج أو التوحد) وكلها مفردات تنهل من معين واحد، فتنساب في ماء رقراق صاف عذب فرات يصب في نهر جديد، بحيث تكون القصيدة (مؤتلفة) في بنائها منسجمة ككيان واحد وكبدن واحد، وكلٌ لا ينفصل.. وعلى هذا الاساس اخترنا التسمية لكي تعطي المعنى واضحا جليا دون ادنى تأويل، مما يسهل على الدارسين من الاجيال اللاحقة ان لا يبدون أي جهد في الوصول الى التعريف لأنه لا يحتاج الى رأي أخر حسب ما اشتملت عليه كلمة ( المؤتلِفة) على اعتبار وحدة الموضوع التي يتمتع بها كلا اللونين، والذي يميز كل نوع ولون عن الاخر.. لكنهما سينتجان وحدة موضوعية اخرى جديدة مستقلة قائمة بذاتها ستحتل وتمتلك لونا جديدا يميزه من جديد. وستخضع من جديد الى كيان ذو اطروحة جديدة ..وهذه الاطروحة تتلخص في مايلي: المؤتلفة قصيدة تشتمل على العمود في وحدة موضوعية متناسبة مع الحر في وحدة موضوعية متناسبة مع العمود وبامتزاج الاثنين سينتج ذلك عملا شعريا مولفا منسجما في وحدة موضوعية جديدة لا انفصال فيها عن وحدتي الموضوع في العمود والحر اللذان هما اساس وحدة الموضوع للكيان الجديد في العمل الجديد، وبهذا فان وحدة الموضوع الجديدة المنتَجَة ستكون وحدة موضوعية مستقلة الكيان والهياة لاساس معتمد يستند على ذات العمود وذات الحر اللذين امتزجا سوية لاجل اخراج هذا الابداع المنجز الجديد وبهذا الامر نستطيع القول ان العمل الجديد سيحتوي على وحدة موضوع جديدة متميزة وستكون وحدة موضوع ارتبطت بكلا الفنيين العمود والحر لكنها لبست ثوب الموضوع الجديد دون الغاء وحدة اللونين لكن النظر على وحدة الموضوع الجديد والتاكيد عليه هي الغاية المثلى اي وبتعبير اخر اننا استخدمنا النوعين (الحر والعمود) كسياقين غير منفصلين، فكانا واسطتي نقل يسيران باتجاه واحد وبنسق واحد للوصول الى هدف واحد، ومزجنا بينهما لكي نصدر وحدة موضوع جديدة تسمى (العمل الشعري المؤتلف) او (القصيدة المؤتلفة)
اما الانتقالات فيما بين "التفعيلة في البحر الواحد المؤمل الكتابة عليه" وبين جوازاته فهذا امر مقبول وطبيعي واهم ما نؤكد عليه عدم اظهار ( الخلة او الهوة او الفجوة او الهنة) فيما بين الانتقالات بحيث يشعر المتلقي ان الشاعر هنا انتقل من العمود الى الحر او من الحر الى العمود.. انما المرجو والغاية الاسمى هنا وكل التأكيد على الانسيابية والتمازج بين الانتقالات.. وهنا يجوز للشاعر ان يلتزم الوزن كاملا او يلتزم جوازاته في كلا الامرين ( العمود او الحر) دون ان يخدش من العمود اِهابه او من الحر جماله ويصل بالقصيدة الى لوحة واحدة والى خلق جديد اسمه المؤتلفة طائر يحلق بجناحين هما العمود والحر او الحر والعمود هذان الجناحان يمتد كل منهما الى حيث يشاء ويريد لا سلطان لاحد على الشاعر ان يبدع في العمود اكثر او في الحر اكثر.. لكن الذي نبغيه ان يعرف الشاعر انه الان طير يحلق من اجل العلا والابداع والارتقاء بجناحين متساويين في حمل الطائر، وان اخل جناح سيظهر الخلل في ذلك التحليق وربما سيهوي الطير، لكنما الذي سيديم للطائر تحليقه هو ذلك التوازن فيما بين الجناحين، وليكن الشاعر هو الطير محلقا في العلا بجناح "العمود" تارة يمينا وبجناح "الحر" تارة شمالا، حيث لا افق يحتويه او يمسكه الا اذا شاء التوقف عن التحليق،، الى الحد الذي يصعب التفريق بينهما، وفي نفس الوقت دون التركيز المفرط الواضح على واحد دون الاخر.. يحق للشاعر هنا ان يكتب مثلا:
مُفَاعَلَتُنْ / مُفَاعَلَتُنْ / فَعَولنْ ويستمر الى ان ينتقل على سبيل المثال الى
مُفَاْعَلْتُنْ/ مُفَاْعَلْتُنْ / فَعَولنْ/ موزون ومقفى ( تام او مجزوء) لأنه هنا سيلتزم القافية والوزن أي هو الان سينتقل الى العمود..
او
فعولن/ مفاعيلن/ مفاعيلن/ فعو/
او
فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعولن/ فعو/ او /عو- لن/ او فعولٌ
وهكذا سيستمر الشاعر باِنثياله ممتطيا جواد (المؤتلفة) متنقلا بين التلال والسهول ،من تل الى سهل او من سهل الى تل كالموجة التي تهب بنسيمها لا تخدش الوجوه .. وهنا سيلاحظ المتلقي ان الشاعر كان يجيد التوليف بين البحر في شقيه او شكليه (العمود او الحر) لان الشاعر هنا سيكون فارسا يمتطي صهوة جواد اصيل ينساب بجواده بين الهضاب والسهول في حركة موجية دون أية رتابة في الحركة الاصل للفارس وبين حركة الجواد وهذا ليس شان عام مشترك لكل راكب انما الانسياب هذا لا يتقنه الا فارس على جواد متمرس، والإمساك بزمامي الامر لا يعرفه ولا يخبره ولا يتمكن منه الا فارس، وهنا يقتضي ان يكون الشاعر متمرسا وشاعرا عارفا بفنون الشعر بشقيه، هذه الخلاصة تسترعي الدراية الكاملة بالشأن الشعري ونظمه وزحافاته وجوازاته وما يجوز ومالا يجوز ..ولعل من دواعي افتخاري وامتناني ان اضيف ان هذا النوع من الشعر( المؤتلفة) سيكتبه ويحبه من احب الخليل وعروضه، ومن احب السياب وحره وآمن ان ما أتيا به كان صوابا وابداعا بلا منازع وهذا آت عن دراية وخبرة تنم عن حب كبير للشعر العربي .






القسم الثاني :(التنقل داخل الدائرة الواحدة من بحر الى اخر)
جواز انتقال الشاعر من بحر الى بحر شريطة ان لا يخرج عن دائرة البحرين.. اي بتعبير اخر ان الشاعر يستطيع الانتقال فيما بين الدائرة نفسها وفيما بين بحورها على ان لا يترك فجوة في حالة الانتقال انما الاجمل ان يكون الشاعر متمسكا بقوة بإيقاع الدائرة والجذر الاساس الذي بنيت البحور وتشكلت حوله.. وهذا الامر يحتاج الى قوة الامساك بفرسين على صهوة مشتركة واحدة كل منهما يمثل بحرا، بحيث ان الامتدادات المتناوبة فيما بين مقدمة (فرس) "بحر" و(فرس) "بحر" آخر في دائرة واحدة دليل جميل على حركة الحياة واستمرار الموسيقى وحالة من التنغيم العالي المتناوب القوى الى الحد الذي يجعل الشاعر يقول القصيدة مازجا الحر مع العمود ومنتقلا من بحر الى اخر ضمن نفس الدائرة وهذا قمة ما نبغيه واعلى حالات الجمال من وجهة نظرنا.. وستتجلى قوة القصيدة ( المؤتلفة) بقوة الارتباط والتناغم وهو ما يمثل آلية العمل الشعري المنجز وآلية الامتزاج المتين.
وبهذا نكون قد وفقنا في انتاج جديد يمسك بتلابيب الشعر وحيثياته ولا يحيد عن الخط المرسوم.. المتوقع ان تكون المساحة للمبدعين اشمل واوسع وان يكون الابحار اكثر عمقا وابعد مدى واعلى صعودا الى غاية ابداعية عالية، الغرض منها( الحفاظ على الشعر العربي بشقيه، وايجاد حالة من الابداع الشفاف الراقي) تواصلا مع حركة الحياة وصراع المنتجات وحالات الاختراعات والابتكارات في الميادين كافة والتي تعتبر حالة من الشعور الوجداني والانساني الحر المشترك في عملية تواصل دائمة تنبئ بان هذه الارض لا تسع على ظهرها من يريد الانعزال او التفرد بنتاج ما او حضارة ما دون التواصل او التلاقح الدائم والمستمر الذي يظهر للأجيال ان هذا الكم الهائل الذي احتل الارض وعاش عليها كان يسوده الصفاء والمحبة والتواصل الانساني الامثل ..
الدوائر التي يمكن العمل في داخلها بحرية وتتعامل معها ( المؤتلفة) :





دائرة (المُؤْتَلِف):




جملة البحور التي اشتملت عليها هذه الدائرة ثلاثة، اثنان مستعملان، وواحد مهمل

طريقة فك هذه الدائرة

إذا ابتدأت من الوتد الأول، وانتهت إلى الآخِر، حصل شطر بحر الوافر
) مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ)
وإذا ابتدأت من السبب الثقيل الأول إلى الآخر وأضفت إلى ذلك ما فات
(عَلَتُنْ) مُفَا عَلَتُنْ مُفَا عَلَتُنْ مُفَا)
حصل شطر بحر الكامل
(مُتَفَاعِلُنْ مُتَفَاعِلُن مُتَفَاعِلُنْ)
وإذا ابتدأت من السبب الخفيف الأول إلى الآخِر، وأضفت إلى ذلك ما فات
تُنْ مُفَاعَلَ تُنْ مُفَاعَلَ تُنْ مُفَاعَلَ
) حصل شطر المهمل)

(فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ فَاعِلاتُنَ)









دائرة (المُجْتَلَب):




الدائرة الثالثة لا مهمل فيها

طريقة فك هذه الدائرة
فإذا ابتدأت من الوتد الأول إلى الآخِر، حصل شطر بحر الهَزَجِ
: (مَفَاعِيْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ).
وإذا ابتدأت من السبب الأول إلى الآخر، وأضفت إلى ذلك ما فات
(عِيْلُنْ مَفَا عِيْلُنْ مَفَا عِيْلُنْ مَفَا)
حصل شطر بحر الرجز
(مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ)
وإذا ابتدأت من السبب الثاني إلى الآخِر، وأضفت إلى ذلك ما فات
حصل شطر بحر الرمل
(فَاعِلاتُن فَاعِلاتُنْ فَاعِلاتُنْ)
( لُنْ مَفَاْعِيْ لُنْ مَفَاْعِيْ لُنْ مَفَاعِي)




(دائرة المُتَّفِق):




طريقة فك هذه الدائرة
إذا ابتدأت من الوتد المجموع إلى الآخر، حصل شطر بحر المتقارب
(فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ)
وإذا ابتدأت من السبب الأول إلى الآخر، وأضفت ما فات، حصل شطر بحر المتدارك
(فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ)
وإليك نُبْذَةً عن بَحْرَيْها
وزن البحر المتقارب بحسب الدائرة العروضية
فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ
المتدارك
وزن البحر المتدارك بحسب الدائرة العروضية
فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ
سبب التسمية: وسميت هذه الدائرة بهذا الاسم؛ لأن أجزاءها متفقة، فهي خماسية كلها؛ أي أنها تتألف من تفعيلات خماسية مكررة (فَعُولُنْ ، فَاعِلُنْ)
اما الخبب فهو في صلب هذه الدائرة :
فَعِلُنْ / فَعِلُنْ / فَعِلُنْ / فَعِلُنْ فَعِلُنْ / فَعِلُنْ / فَعِلُنْ / فَعِلُنْ
وهو نتاج واضح وبيّن من (فاعلن)
فهو بحر مضاف الى ما تقدم لكي يكون للشاعر الجواز والحرية في ترصين الايقاع والانتقال في مدارات الدائرة بين بحورها محلقا بفضاء شاسع رحب المسافة .. وسائله في ذلك ثمانية بحور لا غير الى اللحظة.
تنويه:
وجود بعض المزاولات الشعريه المنقوصه او المزاجيه والتي لا تعني التنظير ابدا وقد لا تمثله اطلاقا ولكنها تؤكد ضرورته لانها تعبر في ذات الوقت عن اصالته وعن وجوده الخفي كايقاع شعري تتلوه النفس البشرية
لربما كان ماطرحناه في مخيلة الاخرين مثلنا..ولكي لانبخس حقهم فاننا نتقدم لهم بالثناء لتوافقنا في الطرح والهدف وان كانوا قد سبقونا فلهم الفضل المقدم علينا سلفا.....



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن