قوارب الموت

عدنان شيرخان
adnan_sherkhan@yahoo.com

2015 / 5 / 6

لا يعلم بالتحديد مدى قناعة قادة الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي بالقرارت التي اتخذتها قمتهم العاجلة في العاصمة البلجيكية بروكسل نهاية الاسبوع الماضي. ومدى قدرة تلك القرارات على معالجة الملف الذي تصدر الاخبار، واحتواء ردود الفعل الغاضبة جراء الاعداد الكبيرة من ضحايا القوارب التي يستقلها المهاجرون للوصول الى اوروبا، وآخرها موت أكثر من 750 مهاجر غرقا في مياه المتوسط بعد انقلاب الزورق الذي كان يقلهم من ليبيا.

اوروبا تعودت الدفاع عن نفسها جراء حوداث من شاكلة ما يحدث للمهاجرين، ولها خبرة وحنكة في هذا المجال، ولكنها لا تتحمل التكرار المستمر للدراما الصادمة التي تشهدها شواطئها، فضغط وسائل الاعلام والاتصال على صناع القرار فيها مستمر ويذكر بالتزام القارة العجوز الاخلاقي القوي بحماية حقوق الانسان حفظ كرامته.

القرارات انصبت على تقوية آليات منع وصول المهاجرين الى الشواطئ الاوروبية، من خلال مضاعفة الاموال المخصصة لعمليات البحث والانقاذ، وصولا الى تدمير قوارب الهجرة قبل انطلاقها من دول جنوب المتوسط كليبيا. ولم تذهب القمة الى معالجة الطبيعة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذا الملف.

صحيفة "الغارديان" البريطانية وبعد يوم من القمة كتبت تحت عنوان "شعور أوروبا بالذنب لن يساعد المهاجرين الغرقى": " أن دافعي الضرائب في الدول الاوروبية يجب أن يغضبوا لأن أموالهم تقدمها الحكومات الأوروبية للأنظمة القمعية في أفريقيا التى يهرب منها الشباب المهاجرون ليغرقوا في مياه البحر الأبيض المتوسط."

كل الذي تستطيع تقديمه اجراءات القمة الاوروبية هو الحد النسبي من تدفق المهاجرين، وتأجيل حل المشكلة، امام اصرار مخيف للمهاجرين، الذين يقضون شهورا طويلة في الانتقال من دول جنوب الصحراء الكبرى الى شواطئ المتوسط الجنوبية، ثم الى الشواطئ الاوروبية في رحلة تخيم عليها اجواء الموت.

وحتى الاجراءات المشددة المتعلقة بحصار بحري لشواطئ المتوسط الاوروبية رأى رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي انها تصب في مصلحة المهربين الذين سيرون زيادة عدد السفن التي قد تنقذ المهاجرين، الامر الذي سيشجع المهربين الى الدفع بمزيد من القوارب. وطالب رينزي العمل ليس بخصوص الإغاثة في البحر، ولكن لمنع تهريب البشر، وقال ان التهريب هو "أزمة قارتنا، وعبودية القرن الـ 21".

اذا وضعنا جانبا الابتزاز التي تلجأ اليه بعض وسائل الاتصال في مثل هذه الحوادث، فان الحقائق الصادمة في هذا الملف تشير الى انه كبير وشائك وفيه الكثير من التعقيدات، وهناك تقارير تفيد ان ثمة مليون ونصف المليون افريقي ومن دول الشرق الاوسط وبنغلادش ينتظرون في ليبيا وتركيا وسوريا وتونس والمغرب وغيرها، وهؤلاء مستعدون للمخاطرة بحياتهم وحياة عوائلهم للوصول الى اوروبا حالمين بحياة كريمة آمنة، مقابل هذا الاصرار طورت عصابات تهريب البشر مهاراتها بسرعة وجنت مئات ملايين الدولارات من عمليات التهريب. يبقى السؤال الاهم الذي يوجه لاطراف عدة هو:"لماذا يهرب هذا الكم الهائل من البشر نحو اوروبا؟".




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن