المجتمع الإنساني بين التكوين والنتيجة ح26 , العامل النفسي الفردي وأثره العام

عباس علي العلي
fail959@hotmail.com

2015 / 5 / 2

العامل النفسي الفردي وأثره العام

إن العوامل النفسية التي تعصف بها مفاعيل حالات الترقب والحذر والخوف من المستقبل الذي لم يتهيأ له المجتمع بما يكفي من أستعدادات للحماية تصيب ذاكرة المجتمع بالقلق الإنفعالي وتهيء لردة فعل عكسية دوما تتمظهر بنوع من الحس المحافظ والمتجه نحو الدفاع اللا واعي وكأنه مجبر على خوض تنازع بدون أسلحه أو مقومات حقيقية للدفاع .
ومن صور هذا التحفظ مثلا إن تكرار المأساة ذاتها في كل مرة يبلغ المجتمع العراقي الأوج من قوته ليجد نفسه في ظرف زماني قصير وقد تحطمت هذه القدرة لديه نتيجة تنفيذ فكرة الأستحواذ والتعدي عند الأخر الغازي أو العابر بغزوه الوجود العراقي ,تدفعه دوما أن يعيد نفسه للحظة التي كانت قبل الإنهيار ويعيش أجوائها كأنها واقع في محاولة منه للتعويض والتحريض على المقاومة.
هذه العلامات الإنفعالية وردات الفعل لا تظهر عادة في كل الأزمان وإن أخذت شكل طراز ونمط متكرر لكننا نتلمسها ونستشعرها دوما في واقع ما بعد الإنهيار المجتمعي وتخف تدريجيا عند تنامي القوة أو الإيحاء الطبيعي للتطور الأجتماعي يصب في خانة أستعادة زمام المبادرة ,لنؤكد أن التمسك بالماضي وخاصه الوجه الأجمل منه ليس إلا سلوكيا إنعكاسيا نفسيا جماعيا لنوع من أنواع المقاومة الداخلية الطبيعية للمجتمع.
من هنا لا يمكننا أعتبار التأريخية كإحساس قلق في حضورها الدائم بكل المنتج الواعي المعرفي والواعي السلوكي واللا واعي أيضا مرضا أجتماعيا يجب معالجته ,بل علينا حتى نتجاوز إشكالية "التأريخية" هذه من أن نعيد وعي العقل العراقي المقاوم في حالتي السلبية والإيجابية إلى تصحيح وتصويب الأتجاه من خلال رسم رؤية كونية له تعيد له بعض الأعتبار اليقيني ومن ثم تدريبه على الخروج من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم الإيجابي والتماشي مع قواعد الزمن ومسيرة الكينونة المتجددة ,حتى لا ينزوي مرة أخرى تحت ظلال الشك والتحسب والتوجس من الواقع ومن المستقبل .
هذا المنهج وهذه النظرية تعيد الأستقرار الحسي لروح وعقل وشخصية المجتمع العراقي وتصحح له ردة الفعل وتحويل كل هذا التوجس إلى توثب للخطوة القادمة ,إن عملية التصحيح والتقويم السلوكي الأجتماعي لا تتم عبر النقد والتجريح وجلد الذات فقط بل من خلال تحديد البديل وتجسيده نظرية وممارسة تتدرج في مستواها حسب نسبة التوائم الكلي معها وأخيرا سوف تتسارع كلما اطمأن المجتمع لضرورة وسلامة الخطوة كعلاج ناجح وحقيقي لهذه الإشكالية المزمنة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن