عيد الطبقة العاملة

نزار هاشم
jnoonj@yahoo.com

2015 / 4 / 28

لم تأخذ الطبقة العاملة في العالم حقها من الرعاية والاهتمام من قبل الحكومات والأنظمة واصحاب رؤوس الاموال بالرغم من دورها الكبير في بناء الحضارات الإنسانية ودورها في تقدم الأمم والشعوب حيث مرت هذه الطبقة بمراحل عصيبة وأزمات حقيقية كانت.
ومازالت تمس حياة العمال وكرامتهم لتجعلهم يعانون من سطوة الحكومات الرأسمالية والبرجوازية العالمية ليعيشوا في ظلم اجتماعي كبير .ولقد انطلق نضال الحركات والتنظيمات العمالية لمواجهة هذا الظلم من خلال الانتفاضات والإضرابات التي قامت بها الطبقة العمالية التي أخذت تنشط بعد انطلاق الانتفاضة الاسترالية التي طالب القائمون بها بتحديد وقت العمل بثمان ساعات بالإضافة إلى المطالبة بتشريع قانون يحفظ حقوق العمال ويحسن ظروف العمل لتكون بذلك أول حركة عمالية تعلن توقفها عن العمل لحين تحقيق مطالبها المشروعة .
ولقد كانت تلك الانتفاضة الاسترالية منطلقا للكثير من الاضرابات والانتفاضات التي جاءت بعدها فتوالت المطالب والإضرابات في دول العالم المختلفة وتوحدت المسيرات الحاشدة في أوروبا وأصبحت أكثر قوة حتى استجاب المجتمع الدولي من خلال المؤتمر العالمي للعمال في 1890والذي حضره أكثر من 400 ممثل عن الحركة العمالية في العالم لينجحوا في جعل الأول من أيار من كل عام يوما للاحتفال بعيد العمال وفرصة لطرح المطالب العمالية المشروعة ووقفة بطولية بوجه الظلم الذي كان يمارس ضد الطبقة العاملة .
ولقد انطلقت المسيرة النضالية للحركة العمالية في العراق مطلع القرن العشرين وتزامنت مع تشكيل الحكومة العراقية في العهد الملكي وأصبحت هذه المسيرة مؤثرة في الواقع العراقي حيث شهدت العديد من الإضرابات التي قام بها العمال في قطاع النفط والسكك الحديد والتي كانت الأكثر تأثيرا في الساحة والأكثر تنظيما حيث كان لها الدور الريادي في بلورة حركة العمال العراقية من خلال الاعتصامات التي قامت بها والتي تجلت آثارها في تحسين وتنظيم العمل النقابي في العراق .
ولقد شهدت الساحة العراقية اعتصامات عديدة كان أهمها ما قامت به نقابة نفط كركوك سنة 1946حيث قامت من خلال منتسبيها بتنظيم تظاهرات سلمية للاحتفال بعيد العمال في الأول من ايار مطالبة بحقوقها من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العمل الا ان السلطات حينها جابهت الإضراب بالقمع واطلاق الرصاص الحي الذي اودى بحياة عدد من المتظاهرين . وهكذا توالت المطالب من قبل القوى السياسية والنقابية للضغط على الحكومات الأمر الذي اضطر الحكومة العراقية في ثلاثينيات القرن الماضي وفي ظل صراع طبقي الى إصدار قانون عمل خضع فيما بعد لتعديلات كثيرة حتى جاء الوقت الذي تم إصدار قانون العمل في 1958 ليثبت للجميع نجاح العمل النقابي في تحقيق المطالب المشروعة لمنتسبيه وحسن القيادة والتنظيم ما أثار إعجاب الجميع .
ولقد قام النظام الدكتاتوري السابق خلال الفترة التي شهدت سيطرته على الحكم في العراق بمصادرة روح العمل النقابي في ظل سياسة الحزب الواحد ومركزية القرار بل دكتاتوريته ليلغي جميع الآراء الأخرى ويجعل النقابات العمالية والنقابات الأخرى مجرد هياكل لا تمثل سوى رأي السلطة من خلال السيطرة عليها وقيادتها من قبل أشخاص موالين للنظام .
واليوم وبعد سقوط النظام وانطلاق التجربة الديمقراطية لا بد من العمل على بث الروح في المنظمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني والنظر في المطالب المشروعة للطبقة العمالية والعمل على تشريع القوانين التي تساهم في حل المشاكل التي يعاني منها العامل وتحقيق مستوى معيشي يتناسب مع وضع المواطن في هذا البلد لنتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية بعد ان تخلصنا من حقبة الظلم والاستبداد .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن