العقل والبطيخة

مروان صباح
marwan_icspp@hotmail.com

2015 / 3 / 21

يقال أن النصيب يشبه البطيخة ، أي أن أغلب القرارات التى يتخذها الإنسان في حياته ، هي ، مجهولة النتائج ، لكن ، للعقل دور مهم عند لحظة الاختيار ، حيث ، يرتكز على مبادئ ، انحصرت بثلاثة أنماط ، السببية والغائية وعدم التناقض ، كما هو ثابت منطقياً ، ومن بديهية عمله ، ان لا يختار الأشياء قبل التأكد من صحيحها ، لأن ، وظيفته ، هي ، الاحتكام إلى القرائن العلمية قبل اصدار حكمه.
متى يعاني الإنسان من سوء اختيار ، ولماذا ، تحديداً ، في العقد الأخير على وجه الخصوص تحولت حياة البشر الي خطوط مرسومة بالفأس ، وليس ، من وجهات نظر ، بالتأكيد ، يعود كل ذلك الي الخلط الواقع بين الفطرة والعقل والحس ، ومادام التميز بينهم معدوم ، فمن البديهي أن تتعرض العلاقات البشرية إلى اضطرابات قاسية ، حيث ، تتراجع فيها العلاقات الندية بقدر ما يحلّ مكانها النمط الاتباعي ، وهناك أمرين غائبين ، عن التربية الأساسية ، الأول ، كيفية تعليم المرء الفوارق أو ، على أقل ، تجرعها بالسليقة من أشخاص ذات باع عميق بها ، والأمر الثاني ، التعامل مع النفس التى فطرت على الاستشعار التلقائي والعفوي ، دون الاحتياج لتخطيط مسبق ، أي ، إذ افترضنا أنها اخطأت ، تعلم بذلك على الفور بعد ارتكابها الخطأ ، الذي يدفع الاحساس الداخلي إلى اجبارها على اللوم فهي لوامة ، شديدة العتاب ، كأنها ، تقيم النفس لنفسها محاكمة تأنيبية ، خُلاصتها ، تدفع الانسان إلى تصويب الخطأ ، أما العقل ، فهو ، قياسي ، وظيفته تقتضي البحث عن الطريق ، الأصح ، ليس كما يتصور البعض بأن الذكاء مختزل على مجال واحد وأنه اشارة ناجعة لمستوى العقل ، فكثير من الأحيان قد يكون الفرد نافع في منطقة ما بالحياة ، إلا أن ، الفشل يحاصره في عدة مناطق أخرى ، ولأن ، الأمر يتعلق بحياة كاملة ، حيث ، يترتب على العقل أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، وهذا ، لن يحصل إلا إذا توقف الإنسان عن الكلام ولجأ إلى حوار منولوجي ، يستدعي ما خزنه العقل من تجارب للآخرين وأيضاً للذات ، معاً ، الذي يتيح فيما بعد للمرء التمييز بين ما يقال والتحقق لمِا قيل .
الأرجح ، أن الأغلبية العريضة من الناس تعتمد على النفسي والحسي أضعاف ما تعتمد على العقل ، لهذا ، عندما نتابع السلوك الغذائي للأكثرية ، نجد أمرين بالغين الدلالة ، وهذا ، ليس مبالغ فيه بقدر ما هي عينات حقيقية في المجتمع ، الأول هو ، تناول الطعام بطريقة مفرطة تعتمد على الاحساس بالاختناق كي يكف عن الأكل ، والأخر ، تناول كميات من الدهون الدسمة التى تسبب معظم الأمراض المنتشرة في الحياة ، وهكذا ، ينطبق الحال على العلاقات الزوجية والصداقة والعمل ، ويبدو أن المسألة لم تقتصر على هذه الحدود بقدر أنها تصيب حلقات أُخرى ، ارتهنت إلى الإدراكيين ، بالطبع ، النتائج دائماً ستكون مخيبة كالعادة ، وبالتالي ، يزيد من صعوبة علاجها في المرات القادمة ، وطالما ، العقل ببساطة مغيب ، فمصير الإنسان ، التكرار حتمي ، وفي صيغة أسهل ، ولكي لا نطمس ، النهاية ، بحبكة أصعب وأعقد ، نستذكر خُلاصة مفاده ، هي ،، حتى تستطيع الحياة ، وليس العيش ، نؤكد الحياة ، عليك بالتفكير ، لهذا ، فأن قائدك إلى الحياة ، هو ، العقل ، أي بمعنى أخر ، فلّيعش من يعش ببطيخته ولّيحيى من يحيى بعقله .
والسلام



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن