هل ستنتصر إرادة الشعب في معركته العادلة ضد دعش وسواها؟

كاظم حبيب
khabib@t-online.de

2015 / 3 / 4

تخوض القوات المسلحة العراقية حالياً حرباً ضارية ضد وحوش كاسرة تجمعت من كل حدب وصوب ومن مختلف الجماعات الإرهابية التي لا هم لها سوى القتل والنهب والسبي والاغتصاب والتهجير القسري والتطهير العرقي والثقافي باسم الإسلام وباسم إله المسلمين ونبيهم!! تساعدها في ذلك قوات الحشد الشعبي وقوات رجال العشائر وأبناء المدن التي ستنخرط في الحرس الوطني المنوي تشكيله خلال الفترة الجارية. ويفترض أن تكون كلها تحت قيادة القوات المسلحة العراقية وبعيداً عن تسمياتها السابقة وما كانت تمارسه قبل ذاك. وقد حققت المعارك الجارية تحت اسم "لبيك يا رسول الله" حتى الآن نجاحات طيبة، على وفق ما تناقلته وسائل الإعلام العراقية والأجنبية. وهو أمر يدعو للبهجة، رغم إدراك الجميع بالتضحيات الغالية التي سيدفعها أبناء العراق من أجل تحرير أرض العراق من هذه الوحوش الكاسرة ودنسها. فالمهمة الكبيرة والنبيلة لهذه القوات تكمن في استعادة السيطرة على المناطق التي اجتاحتها عصابات ووحوش داعش والتي فرطت بها حكومة نوري المالكي وقيادته العسكرية التي كان يقف المستبد بأمره على رأسها ومسؤول عنها وعن كل ما حصل أثناء وبعد هذا الاجتياح للعراق وما لحق بالعراقيات والعراقيين من كوارث ومآسي وذبح واسع للرجال والنساء وسبي واغتصاب للنساء الإيزيديات والمسيحيات وغيرهن وبيع النساء الإيزيديات دون غيرهن في "سوق النخاسة الإسلامي!" وهي أفعال لا تختلف عن الممارسات السابقة لأغلب القادة المسلمين على امتداد التاريخ الإسلامي مع النساء الأسرى اللواتي سقطن في أيديهم وهن من ديانات لم يعترف هؤلاء الأوباش بدياناتهم ولأنهم ليسوا من أهل كتاب. فما يجري في محافظة نينوى وغيرها ليست الحالة الأولى بل لنا فيها تراث وتقاليد و"مفاخر!" تعتبر عاراً في جبين من مارسها ومن قَبِلَ بها أو سَكتَ عنها، لأنها كانت صفحة مخزية وغير إنسانية من تاريخ الإسلام! فتنظيم داعش الحالي هو الوريث الشرعي الذي يعيد إنتاج ما كان يحصل في القرون المنصرمة حين كان المسلمون يفتحون (يستعمرون) بلداناً وشعوباً أخرى ويعملون على فرض الإسلام عليها ويضعوا سكانها أمام ثلاثة حلول مريرة: إما الركوع والدخول في الإسلام، وإما دفع الجزية والخراج بمذلة، وإما السيف المرهف الذي يقطع الرؤوس ويستعبد النساء والبشر. وتاريخنا الإسلامي مليء بمثل هذه الحثالات من القادة والأعوان الذين كانوا وراء سقوط تلك الدول ذات الأكثرية الإسلامية وانهيارها وسقوط المنطقة بأسرها في غياهب التخلف والتشوه فكراً وسياسة واقتصاداً وثقافة وممارسة.
إن المعركة التي تخوضها القوات المسلحة العراقية في محافظة صلاح الدين هي معركة وطنية عراقية نتوقع أن تكون البداية الناجحة لمعارك أخرى لانتزاع الموصل من أيدي الأشرار وبالتعاون الوثيق مع سكان الموصل ومحافظة نينوى الأوفياء لوطنهم وحضارتهم وتاريخهم وبالتعاون الوثيق مع قوات البيشمركة الشجاعة التي استطاعت تحرير بعض المناطق المهمة من محافظة نينوى وكركوك.
ومثل هذه المعركة التي تشارك فيها قوات الحشد الشعبي وقوات أبناء العشائر، التي ستنتظم تحت لواء الحرس الوطني العراقي، يفترض فيها أن تنزع عن نفسها ثياب المليشيات الطائفية المسلحة وأن تترك خلفها الثقافة الطائفية المقيتة وتلتزم كلها بالثوابت الوطنية، بالوطن والمواطنة وليس بالدين أو الطائفة أياً كان دين هذا الفرد أو ذاك أو مذهبه الديني أو الفكري.
لقد رفضت الحكومة العراقية تدخل قوات أجنبية في المعارك البرية التي تخوضها ضد قوات داعش. ويفترض هذا أن يشمل جميع الأجانب، سواء أكانوا من منطقة الشرق الأوسط أو من دول العالم الأخرى. إلا إذا كان ذلك على وفق اتفاق وطني عام حوله ولا يثير خلافات سياسية واجتماعية لا تفيد العراق في الوقت الحاضر وفي كل الأوقات. وهذا الأمر يمس ما يجري الحديث فيه ويشار إلى قيادة الجنرال قاسم سليماني للحشد الشعبي في حين يمتلك العراق الكثير من القيادات العسكرية القادرة على قيادة وحدات الحشد الشعبي والحرس الوطني.
لقد قدمت مقترحاً بتشكيل غرفة عمليات تضم مستشارين عسكريين من العراق ودول إقليمية ودولية تساعد العراق في معركته الوطنية الراهنة وأملي أن يعمد العراق إلى ذلك بعد أن أرسلت الكثير من الدول مستشارين عسكريين إلى العراق ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى المدربين، وهو الحل العملي الأكثر فائدة للعراق وشعبه وقضيته. أشار السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي في أكثر من تصريح له بأنه يرفض وجود المليشيات في الحشد الشعبي، وهو تصريح جيد، ولكن الحشد الشعبي تشكل من المليشيات أولاً ثم التحق به آخرون. ولهذا فالتصريح وحده لا يكفي بل نحتاج إلى عملية تثقيف وغسل أدمغة ضد المواقف والسياسات الطائفية لا للشيعة وحدهم بل وللسنة أيضاً، بل لجميع الطائفيين ممن أوصلوا العراق إلى المستنقع الذي نحن فيه الآن، والذي يسعى الشعب للخروج منه، ولكن هناك من يسعى لدفعه أكثر فأكثر ليغوص في وحل الطائفية المقيتة، كما يفعل بعض من بيده الحكم بالعراق حالياً، وكانوا السبب لما نحن فيه!
نعم ستنتصر إرادة الشعب العراقي في طرد قطعان داعش ومن معهم من الأوباش والخونة من أرض العراق. ولكن هذا التطهير سيصطدم عبر المعارك الجارية بمحافظة صلاح الدين لتحرير تكريت وغيرها بمقاومة شرسة وعنيفة من جانب وحوش داعش الإرهابيين ومن يساندهم في كل ذلك، لأنها ستكون بداية النهاية لهم، خاصة إذا استطاعت السياسة العراقية أن تحقق المزيد من الوحدة والتلاحم الناقصين حتى الآن في جميع المجالات. ولم يكن اللقاء الأخير مع المجموعة التي غادرت مجلس النواب وعادت إليه بعد لقاء لها مع السيد رئيس الوزراء إلا الخطوة الصحيحة في الطريق الذي يفترض سلوكه لمعالجة المشكلات القائمة وكسر شوكة الطائفية اللعينة ومعها كسر شوكة الإرهاب وعصابات وقطعان داعش المجرمة.
إن الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، يقفان إلى جانب الشعب العراقي في معركته ضد التطرف الديني والمذهبي ضد التكفير والعدوان والقتل والتدمير، ضد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والثقافي، ضد السبي والاغتصاب والنهب والسلب، ويقدمان الدعم للعراق لتحقيق الانتصار وتطهير أرض العراق من دنس أوباش داعش ومن معهم.
تحية وفاء وعرفان لكل المقاتلين الأوفياء لقضية شعبهم ووحدته، تحية لكل المناضلين من أجل عراق مدني ديمقراطي اتحادي موحد، تحية لكل الرافضين للطائفية السياسية وما تنشره من كراهية وعبثية وفرقة لصفوف الشعب كله، تحية للعرب والكُرد وأتباع بقية القوميات الذين يشاركون في هذا الكفاح العنيد، وانحناءة إجلال لكل الشهداء الذين يتساقطون على طريق تطهير أرض العراق كله من دنس قطعان داعش ومن معهم من خونة العراق، وتحية لكل الجرحى وتمنيات لهم بالشفاء العاجل.
4/3/2015 كاظم حبيب



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن