رايس في بلاد العجائب

أماني محمد ناصر
amanitimes@hotmail.com

2005 / 9 / 13

قبل دخولها إلى الكونغرس لحضور اجتماع مهم، وقفت رايس أمام الصحفيين وقالت:
_ قد أضطر للذهاب إلى منطقة الشرق الأوسط وإلى جانب عدّتي الدبلوماسية، عصا غليظة!!
وما كادت تنهي جملتها هذه حتى شعرت بزهوٍ عظيم أرضى غرورها... سألها أحد الصحفيين عن مهمتها المقبلة فأجابت:
_الشرق الأوسط طبعاً... ثمّ دخلت إلى المجلس.
ورايس هذه امرأة ذكية مجتهدة مطيعة، تنتبه إلى كل مايقوله أستاذها الأرنب الأبيض ذو الكرافتة الحمراء.
في المنزل وبعد تناولها غداءها، تستريح قليلاً، ثمّ تبدأ بكتابة واجباتها.. أقصد تقاريرها اليومية.
"وكان من عادة رايس أن تنزل وقت العصر إلى جُنينة البيت، مع زميلٍ لها أصبح فيما بعد ذا شأن عظيم.. وكان هذا الزميل يقص عليها الحكايات المدهشة، والأخبار الغريبة..
وفي أحد الأيام، نزلت رايس وزميلها إلى الحديقة... وجلسا على الطاولة نفسها... ولكنّ الزميل كان مشغولاً بقراءة مذكّرة عن كيفية تطبيق القرار 1559... فلم يقص عليها حكاية، ولا ذكر لها خبراً عجيباً مما يحبه قلبها عن قتل الفلسطينيين أو العراقيين أو عن آخر أخبار القرار 1559.. فأحسّت رايس بالملل وسئمت من الجلوس بدون خبر يسرّها..ففكّرت في أن تشغل وقتها بصنعِ عقدٍ من أزهار الفل، فقامت وأخذت تتمشى في الحديقة، وتقطف الأزهار.. وفجأة رأت أرنباً أبيضَ، لابساً ملابسَ ثمينة، يمر أمامها، وينظر في ساعته، ويقول:
_ يا سلام يا سلام.. لقد تأخرتُ كثيراً..
فعجبت رايس أشد العجب؛ لأنها لم تشاهد من قبل أرنباً يلبس مثل هذه الملابس الغالية ويضع كرافتة حمراء ويتكلّم عن السلام!!! هل هي تحلم؟؟!!..
فرمت الأزهار التي قطفتها، وأخذت تجري وراء الأرنب العجيب، حتى دخل جحره، فدخلت وراءه."
كان في الجحر عدة رجال يحتجزون أناساً فقراء وأطفالاً وشيوخاً... فرفع أحدهم رأسه وتجرأ وقال لها:
- رايس.. أنتِ في بلاد العجائب.. البلاد التي يُقتلُ فيها الأبرياء.. وتُغتصب النساء.. ويُقتلُ فيها الأطفال والشيوخ.. ويُسرقُ منها المال.. فما الذي أتيتِ لتفعليه هنا؟ هل ستنقذيننا؟؟
أجابت رايس مندهشة:
_وما الذي أتى بكَ إلى هنا؟
_إنّهم رجال بلادكِ التي تنادي بالديمقراطية يا رايس.. ولكن أين عصاكِ الغليظة؟
_ماذا؟؟
وراحت تبحث هنا وهناك عن عصاها الغليظة.. وحينما لم تجدها طلبت من الرجل الفقير أن ينادي شرطياً ليبحث لها عن عصاها... وربما عن سارقها!
فقال لها الرجل الفقير:
_ ليس لدينا أي شرطي..
فعجبت رايس وسألته:
_ وإلى من ترفعون شكواكم؟
_ إلى الله تعالى.. فالشكوى لغير الله مذلة..
وهنا.. سمعَتْ صوتاً ينادي:
نصيحة عاجلة إلى كوندليزا رايس: العصا فقط... لمن عصا!!
فتبعت رايس مصدر الصوت صامتة.. "وسارت حتى وصلت إلى آخر الممر، فوجدت نفسها أمام مخلوقات عجيبة يبدو للوهلة الأولى أنها لم تذق الطعام منذ أيام طويلة... ورأت أطفالاً يضعون الشالات البيضاء والسوداء على أكتافهم... وينظرون إليها باستغراب... فحاولت رايس أن تفتح باباً من الأبواب الكثيرة التي كانت أمامها، فوجدتها مغلقة جميعاً... فوقفت تفكّر... وإذا ببصرها يقع على مفتاح ذهبي فوق المنضدة، فأخذته، وتقدّمت نحو الباب الأول، ووضعت المفتاح في القفل، وأدارته... وكم كان فرحها عظيماً، حينما وجدت القفل يُفتح في سهولة! ففتحت الباب بيدها، فإذا ممر ضيّق، لا تستطيع قطتها المدللة أن تسير فيه.."
وشعرت بأرواح تحوم حولها غاضبة.. سألت عنها فقيل لها أنها أرواح شهداء القدس... والجنوب اللبناني... والمقاومة العراقية... و راح الصوت ينادي من جديد:
-نصيحة عاجلة إلى كوندليزا رايس: العصا فقط... لمن عصا!!
فسألت رايس:
_ من أنت؟
فأجابها:
_أنا الذي ذُهِلتُ من عباراتٍ قالتها صاحبة منصب رفيع في دولة عظمى... هل تذكرين عباراتك يوم أبلغتِ معاونيكِ السابقين في مجلس الأمن القومي والذين حضروا إلى مكتبكِ للتهنئة بتسلّم منصبكِ الجديد (أنكِ قد تضطرين للذهاب إلى الشرق الأوسط ومعكِ، وإلى جانب عدّتكِ الدبلوماسية، عصا غليظة!!!)؟
النصيحة بجمل يا رايس.. هكذا يقولون في منطقة الشرق الأوسط الذي سيتشرف بالتعرف على عصا كوندليزا رايس الغليظة..(طبعاً الغليظة صفة تعود إلى العصا)..
ولا أدري أيتها (السيدة الفاضلة) ما الذي أغراكِ بحمل هذه العصا؟ أم أنكِ تجهلين معنى كلمة العصا؟ ولمن تُحمَل العصا؟
هل تريدين أن تبشرينا بأنّك وحينما ستطأ قدمك أرض الشرق الأوسط سوف تبدأين بضرب كل من يستقبلكِ؟! أم أنك سوف تضربين بعصاك الغليظة كل من تقع عيناكِ عليه من أبناء الشرق الأوسط؟!..
وإذا كانت العصا الغليظة في إحدى يديكِ فيا ترى ما هو محتوى حقيبتكِ الدبلوماسية؟؟ هل سنرى على سبيل المثال في هذه الحقيبة ساطوراً وقنابلَ يدوية وقناصات وقنابل مسيلة للدموع وطائرات ف16 وف17 وف50 !!! وصواريخ عابرة للقارات وصواريخ أرض-جو.. وجو-أرض؟!...
أجابته رايس بغرور:
_ أجهل؟... لا... أنا أتصرّف وفق ما تمليه عليّ مصلحة الU.S... وأنا واثقة من أنّ لي أسلوباً خاصاً يمكن أن يكون ناجحاً في وقف العنف وإعادة إحياء العملية السياسية على نطاق واسع..
فسألها صاحب الصوت:
_ تُرى، هل العصا تلخص أسلوبكِ الخاص؟!... وهل نعتبر هذا الأسلوب تهديداً للقادة أم للشعوب أم للأراضي؟!.. ومن الذي يحما العصا في مجتمعاتنا ومجتمعاتكم أيتها... السيدة الفاضلة؟؟
أي أسلوب خاص ذلك الذي تعدينا به والذي يمكن أن يكون ناجحاً في وقف العنف وفي يدكِ رمزٌ من رموز العنف؟!!!
أخيراً نصيحة عاجلة أريد أن أهمسها بأذنك... والنصيحة كانت بجمل:
"لا يحمل العصا إلاّ من فقد لغة الحوار"
ولا تنسي أيتها السيدة الفاضلة أنّ العصا(الغليظة) ظة... ظة... ظة...
هنا استيقظت رايس من إغماءتها مرتبكة تسألت معاونيها السابقين في مجلس الأمن عما حصل.. فتلعثم أحدهم وقال لها:
_ لقد تعبتِ في الأيام الماضية وأنتِ تحضّرين لهذا الخطاب.. وما إن جلستِ في مقعدكِ وبدأ رئيس المجلس بكلمته حتى غبتِ عن الوعي وذلك بسبب قلة النوم والإرهاق..
فسألته:
_ والعصا.. أين العصا؟!..
فجاءها صوت عميق من وراءها:
العصا فقط... لمن عصا!!
فصمتت رايس " ونظرت في محتويات حقيبتها وهي لا تزال تفكّر في هذا الحلم العجيب..."







https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن