تاريخ المشقة ومعالجة الفشل

رواء محمود حسين
rawaa_mahmoud@yahoo.com

2015 / 1 / 26

يرى روبرت ليهي أن أحد أساليب معالجة القلق هو تدوين يوميات القلق أو ما يسميه بتاريخ المشقة عن طريق تخصيص (سجل للقلق اليومي)، والتعرف إلى التشويشات المعرفية. وعلى العموم يحدد ليهي أساليب عشرة لمعالجة القلق:
1- التعرف على التشويشات في التفكير.
2- احتمال وقوع الأحداث التي ينتج عنها القلق بشكل فعلي.
3- تحديد أسوأ النتائج وأفضلها على الإطلاق.
4- تأليف قصة عن نتائج أفضل.
5- تقديم الدليل المؤكد على وقوع مكروه في المستقبل.
6- اختبار التوقعات.
7- وضع التوقعات في الموضع الصحيح.
8- التكيف مع النتائج المشوشة.
9- تخيل نصيحة سيتم إهدائها إلى صديق يعاني من القلق ذاته.
10- إثبات أن الأمر ليس بمشكلة في حد ذاته ( ينظر ما تقدم عند روبرت ليهي: " علاج القلق: سبع خطوات لمنع القلق من إعاقة حياتك"، ط1 ، مكتبة جرير، الرياض، 2007 م، ص 95، 92، 99، 101، 105، 102 – 114).
يؤكد روبرت ليهي هناك العديد من الملاحظات التي يتعين على الإنسان القلق أن يخاطب نفسه بها، مثل: إنني إنسان له إيجابياته وسلبياته، وأنه يمكنني التعلم من أخطاء الآخرين، ومن الممكن أن يتقبلني الأخرون ويغفروا لي زلاتي، ومع ذلك فلا مفر من تقييم الآخرين (ليهي: نفسه، ص 133).
ويقتبس ليهي نظرية العالم النفساني مارتن سيلجمان عن (العجز المكتسب) بأن نسبة الفشل إلى الذات إذا كان شيئاً مستقراً في الشعور النفسي وداخلي في النفس فمن الأرجح أن يؤدي إلى الإصابة بالإكتئاب والإستسلام والفشل في المواقف الأخرى. ولذلك يقرر ليهي أن " السلوكيات هي التي تفشل لا البشر". ومن خلال هذا التقييم يمكن على الأرجح تقييم السلوكيات الفاشلة وتعديلها وصولاً إلى النجاح. وعليه يتعين عد الفشل طارئاً وعرضياً ووقتياً وليس ثابتاً في النفس، وإنما هو نتيجة لسلوك معين في لحظة ما مما يهيئ المرونة الكافية من أجل السعي وراء الفرصة الناجحة في المستقبل. وهنا يضع ليهي المفهوم الآتي لمن يشعر بأنه فاشل: " أنا لم أفشل، ولكن سلوكي هو الذي فشل" أي " يمكنني التعلم من فشلي" لأن " كلمة الفشل تشتمل على دلالات نهائية قاطعة: " إنتهى كل شيء. لقد فشلت"، ولكن عملية التعلم إستشرافية تمكينية" ( ليهي: نفسه، ص 140 – 141).
ويؤكد ليهي أن المثابرة في السعي وراء التحديات والمصاعب من شأنه زيادة المرونة في التعامل مع غيره من الصعاب، وتسمى هذه النظرية ب ( الإجتهاد المكتسب). وفيها العديد من الأطروحات النفسية من أبرزها أطروحة ايزنبيرجر وملخصها أن الناس يختلفون فيما يتعلق بتاريخ تعزيزهم ودعمهم لمزيد من المحاولة والمثابرة في مواجهة الفشل، ونظريات كوين وبراندون وكوبلاند أن الذين حققوا درجات أعلى في مقاييس ( الإجتهاد المكتسب) أقل ميلاً للإعتماد على التدخين وغيره لمعالجة الإخفاق. ويقرر ليهي إذن يمكن أن نجعل من الفشل تحدياً، وعليه يمكننا المحاولة مرة أخرى بقدر أكبر ( ليهي: 141 ، 143).
ويعزو ليهي إلى سيلجمان ولين ابرامسون أن الفشل وحده لا يؤدي إلى الإكتئاب بل الطريقة التي يتم بها تفسير الفشل. وبالتالي فإن عزو الفشل إلى عوامل داخلية ثابتة في الذات الإنسانية سيؤدي بالضرورة إلى الإكتئاب. وبالمقابل إذا تم عد الفشل طارئاً ومرحلياً ويعود مثلاً إلى صعوبة المهمة، فسيتقلص القلق والإكتئاب إلى حد كبير. ويقرر ليهي الخطابات الآتية لمن يعاني من (عقدة الفشل) لكي يعالج فشله: " ربما أنه لم يكن فشلاً من الأساس"، و " يمكنني التركيز على سلوكيات أخرى يمكن أن تنجح". ويعد ليهي أن أحد أسباب القلق يكمن في التركيز بشكل كبير على هدف معين وعد أن كل ما عداه هامشي وثانوي مما يجعل الإنسان يقلق حول ما يعده هدفاً مركزياً وهذا ما يسميه ليهي ب( الركيزة الإنتقائية) والتي توحي أن كل شيء معلق بهدف واحد ووتيرة واحدة. إننا عادة ما نفشل في الأهداف التي لا سلطان لنا عليها مما يوجب علينا أن ننظر إلى أمور أخرى تقع في مجال القابليات الذاتية للسيطرة والتحقيق، وعند التدقيق يمكن ملاحظة ما هو أساسي وثانوي في هذه الأهداف ( ليهي: 144، 145).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن