الاحتفال بالسنة الأمازيغية له بعدان: تقويمي واحتفالي

الحسين أيت باحسين
Bahcine@gmail.com

2015 / 1 / 14

* كثر الحديث عن رأس السنة الأمازيغية بين من يعتبره حدثا سياسيا وآخرين يعتبرونه حدثا أسطوريا، ما المراد به بالضبط؟
بالفعل، يلاحظ في هذه السنوات الأخيرة، ليس فقط كثرة الحديث عن السنة الأمازيغية؛ بل كذلك كثرة التظاهرات التي تقام ليس فقط في المغرب بل في مختلف بلدان شمال إفريقيا وفي الدياسبورا (خاصة في بعض دول أوروبا والولايات المتحدة وكندا) حيث توجد جاليات تلك البلدان وخاصة منها المنتمية للحركة الأمازيغية.
وبعيدا عن هذا التصنيف الثنائي (سياسي / أسطوري) المؤدلج للسنة الأمازيغية؛ ينبغي التمييز في السنة الأمازيغية بين بعدين أساسين:
- البعد الاحتفالي الذي نميز فيه بدوره بين الاحتفال الشعبي الذي يتقاسمه الناطقون بالأمازيغية وكذا غير الناطقين بالأمازيغية، سواء في المغرب أو في بلدان شمال إفريقيا؛ وبين الاحتفالات التي تنظمها جمعيات الحركة الأمازيغية؛ وبين ما تطالب به هذه الجمعيات كاحتفال رسمي يستجيب لحقوق ثقافية واجتماعية وبيئية محايثة للاحتفال بالسنة الأمازيغية.
- البعد التقويمي الذي ينبغي أن نميز فيه بين التقويم الفلاحي أو التقويم الزراعي الذي ارتبطت به مظاهر الاحتفال بالسنة الأمازيغية كاحتفال بيئي بامتياز شأن كثير من المجتمعات التي تحتفل، إضافة إلى أعيادها الدينية والوطنية، بأعياد بيئية ومنها دول إسلامية مثل إيران التي تحتفل بعيد النيروز؛ وبين التقويم المرقم للسنة الأمازيغية بدءأ بحدث يعتبر أهم حدث تاريخي في تاريخ الأمازيغ، كما قامت بذلك مختلف الشعوب التي لها تقاويم خاصة بها. وقد ثم اختيار 950 ق.م. كبداية لهذا التقويم حيث أسس الأمازيغ الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين في مصر واستطاعوا إنقاذ الحكم الفرعوني في مصر الذي بدأ ينهار وحكمت هذه الأسرة قرابة قرنين، وتلتها الأسرتان الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين اللتين سنحتا للحكم الفرعوني المصري أن يستمر قبل أن يصير في يد النوبيين والفرس ثم اليونان من بعدهم.
وبذلك يمكن القول أن السنة الأمازيغية هي احتفال بيئي بامتياز لارتباطها بالدورة الفلاحية وبقضايا البيئة وتستند، كتقويم، إلى حدث تاريخي واقعي مشهود له من قبل مختلف المختصين في التاريخ المصري القديم وكذا في التوراة وفي المآثر العمرانية التي شيدتها تلك الأسر خاصة، في المنشات العمرانية في الكرنك.

* ما دلالات الاحتفال بهدا اليوم؟
انطلاقا من مختلف تسميات هذا الاحتفال والتي تتجاوز العشرة، ومن مختلف الأطباق التي تحضر بمناسبته في مختلف المناطق المغربية وغيرها من مناطق بلدان شمال إفريقيا، وكذا من مختلف الطقوس المصاحبة للاحتفال والتي يمكن الإشارة من بينها إلى الطقوس التحضيرية والتطهيرية والتغذوية والتجميلية والصيدلية والرمزية؛ انطلاقا من كل هذه المظاهر الاحتفالية يمكن القول بأن دلالاته كثيرة وعميقة من الناحية الرمزية والأنتروبولوجية. أهمها: التعود على تدبير الندرة أو القلة، والوعي بضرورة خلق الانسجام مع البيئة، والاعتزاز بالخصوصيات الثقافية والهوياتية في مواجهة عولمات محتملة، وتمرير الذاكرة التاريخية للأجيال المستقبلية، وإبراز التنوع الثقافي المميز للمجتمع المغربي والالتحاق بنادي الشعوب التي تضيف لأعيادها الدينية والوطنية احتفالا بيئيا نظرا لما تشكله قضايا البيئة في عصرنا الحالي من أهمية حاضرا ومستقبلا.

* تطالب جمعيات باعتبار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، هل تقاسمونها نفس الموقف، خاصة أن هناك من يعتبر أن الدولة المغربية مُلزمة بترسيم رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية مؤدّى عنها ليس فقط بعد ترسيم الأمازيغية دستوريّا، بل منذ سنة 1979، تاريخ مصادقة المغرب على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري؟
نظرا لكون السنة الأمازيغية احتفال شعبي، يتقاسمه جل المغاربة ناطقين بالأمازيغية وعير ناطقين بها؛ ونظرا لكونه يترجم الدلالات التي تمت الإشارة إليها سابقا، ولكونه لا يزيد إلا التحاما بين المغاربة وإحساسا بقواسم مشتركة مجسدة في أحد أسس قوتهم كمجتمع؛ ألا وهو التنوع الثقافي الذي يشكل غناه الرمزي والتاريخي؛ فلا يمكن إلا تقاسم نفس الموقف.

* ما مظاهر الاحتفال بهذا اليوم بالمغرب؟
من مظاهره الاعتزاز بالعمق التاريخي للمجتمع المغربي ومدى مساهمته، منذ العصور القديمة، في بناء حضارة البحر الأبيض المتوسط بصفة خاصة، وفي الحضارة الإنسانية بصفة عامة. ومن مظاهره أيضا هذا التنوع الثقافي والاحتفالي الذي يتميز المغرب في تلك المناسبة من حيث التمثلات والتصورات المرتبطة بأسباب الاحتفال، ومن حيث الطقوس المتنوعة المصاحبة للاحتفال، ومن حيث الأطباق التي تحضر بالمناسبة، ومن حيث تنوع تسميات الاحتفال بتنوع المناطق التي يتم الاحتفال به فيها. وأهم مظهر فيه هو هذا التضامن الذي يتخذ كأرضية للاحتفال به.

* هناك من يعتبر أن الاحتفال بهده المناسبة يرتبط ببعض المعتقدات الوثنية الذي تعود الى ما قبل دخول الامازيغ في الاسلام ؟
سأجيب عن هذا السؤال بمجموعة من التساؤلات:
- ما هي الجوانب الوثنية في هذا الاحتفال؟
- هل يحكم أصحاب هذا الاعتبار، على من يحتفل بهذا اليوم، بأنهم وثنيون ؟
- هل اعتمد من يتبنى هذا الاعتبار المقاربات المنهجية الكفيلة بفهم هذه الظواهر الاحتفالية بعيدا عن أحكام القيمة؟
- ألم تقر الأديان بعضا من العبادات التي كانت سائدة قبلها، ولكن في إطار المعتقدات الجديدة لتك الأديان؟
- ألم تكيف الحركة الأمازيغية، سنة بعد سنة، مظاهر الاحتفال بالسنة الأمازيغية لكي تستجيب لقيم التضامن والتآزر والانفتاح والانسجام مع الغير؟
الحسين أيت باحسين

في حوار بين الإعلامي أوسّي موح لحسن مع الحسين أيت باحسين، باحث في الثقافة الأمازيغية
نشر في جريدة الأحداث المغربية، يوم السبت 10 / 11 يناير 2015، العدد: 5486، السنة:17، ص. 26.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن