الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!

هويدا صالح
hoidasaleh2007@gmail.com

2015 / 1 / 11


الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!
د. هويدا صالح
أثار فيلم الخروج عاصفة من الانتقادات ما بين إدانة لوزارة الثقافة التي وافقت على تصويره في مصر، ومدافع عن وزارة الثقافة التي منعت عرض الفيلم في دور السينما المصرية بحجة أنه يسعى لتهويد مصر.
رأى البعض أن موقف وزارة الثقافة موقفا متناقضا، فهي من ناحية أعطت كل التصاريح اللازمة، ومن ناحية أخرى منعت عرضه.وقد نشرت الصحف الكثير من المستندات التي تدينها وتثبت فعليا أن كل القائمين عليها من الوزير وانتهاء برئيس المركز القومي للسينما كانوا مغيبين تماما وهم يعطون هذه التصاريح دون قراءة سيناريو الفيلم بدقة. من يحاسب وزارة الثقافة على هذه الجريمة التي ارتكبتها في حق الهوية الثقافية المصرية والتاريخ المصري؟ وهل منع الفيلم من عرضه في السينمات المصرية سوف يعفيها من تلك الجريمة، جريمة عدم الوعي بما تعطي من تصاريح لأفلام معروف خطابها الثقافي؟!
هل بهذا حمينا هوية مصر حين منعنا عرض الفيلم؟ وأين كنتم حينما سمحتم بتصويره، بل كانت الشرطة المصرية تحمي فريق العمل في الفيلم وهو يقوم بالتصوير داخل الأراضي المصرية ما بين الأقصر وأسوان ومنطقة الأهرام؟إن التصاريح اللازمة اُعطيت من خلال المجلس الأعلى للثقافة أو المركز القومي للسينما أو نقابة المهن التمثيلية التي قامت بدورها بإرسال خطاب وزارة الداخلية لتخرج لصناع الفيلم التصاريح اللازمة.
ورغم إدانتي الواضحة لوزارة الثقافة وكل ممارساتها العشوائية تعالوا نحلل فيلم الخروج ونقرأ ما وراء الصورة. الفيلم يظهر اليهود ولهم اليد الطولى على الحضارة الفرعونية وكأنهم هم الذين بنوا الأهرام أو المعابد، وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها اليهود في فيلم أمريكي يبنون المعابد، بل إن يوسف شاهين نفسه في فيلم "المهاجر" جعل يوسف النبي يغير مجرى النهر ويعلم المصريين الزراعة. إن الحضارة المصرية القديمة تتعرض يوميا من قبل الباحثين والمؤرخين أو صناع السينما الغربية إلى محاولة سرقة تاريخية، فمن يقول أن هذه الآثار العجيبة المثيرة للحيرة والعجب سواء على مستوى الهندسة والعمارة أو على مستوى التقدم العلمي السابق تماما للعصر الذي وجدت فيه ، يقول أن هذه الآثار بنتها كائنات فضائية قادمة من المريخ، وهناك من يرى أن من بنى هذه الحضارة قوم لا علاقة لهم بالمصريين الحاليين، وأن المصريين الحاليين ليسوا أحفاد بناة الأهرامات والمعابد، وهناك من يرى أن من بنى هذه الحضارة هم اليهود الذين جاءوا إلى مصر مع يوسف وخرجوا منها مع موسى.
لا يكتفي الفيلم بأن يجعل لليهود اليد الطولى في البناء والمعمار، بل يصور المصريين دمويين قتلة، قتلوا اليهود قبل أن يفروا مع موسى النبي.
وقد أصدرت وزارة الثقافة بيانا قالت فيه أن هذا الفيلم "محاولة ليست هي الأولى لتهويد الحضارة المصرية مما يؤكد بصمات الصهيونية العالمية على الفيلم الذى بنيت فكرته على عدد كبير من تزييف الحقائق التاريخية والمغالطات الفادحة" ويرى البيان أن الفيلم وراءه خطاب عنصري يرى في اليهود شعبا لله مختارا، ففي نهاية الفيلم مشهد يعود فيه موسى لزوجته ومعه أتباعه، فتسأله عما إذا كان عاد وحده فيرد قائلا "لقد نجوت بالصفوة.. أي شعب الله المختار فى إشارة عنصرية واضحة."
لكن ما وراء هذا الفيلم أخطر كثيرا من مشهد عنصري أو مشهد يسئ للمصريين، إن هناك نغمة خطيرة تعزف هذه الأيام بكثرة وتستحق أن نتوقف أمامها، ترى هل من قبيل المصادفة أن أمير رمسيس يُنتج فيلما تسجيليا عن اليهود في مصر ووجودهم الذي كان قبل الثورة وخروجهم بعد 1952 وبيوتهم وأموالهم ؟ هل من قبيل المصادفة أن تقوم نادية كامل ابنة أسعد كامل الشيوعي المصري الذي تزوج من يهودية يونانية هاجرت إلى إسرائيل في الخمسينيات، هل من قبيل المصادفة أن تقوم نادية كامل بإنتاج فيلم روائي قصير عن ابنتها التي تريد أن تعرف أصولها والتي عادت للبحث عن الجذور، فتأتي إلى مصر، ثم تذهب إلى إسرائيل وتلتقي عائلتها هناك ويحكون لها كيف أنهم تركوا بيوتهم وأموالهم في مصر؟
هناك نغمة تتردد وتتغلف بفكرة الإنسانية، والتسامح مع الإنسانية والسماح لليهود بالعودة إلى الجذور، والسماح لليهود بممارسة شعائرهم في مولد " أبو حصيرة" اليهودي المغربي الذي جاء إلى مصر ودفن هناك، واعتقدت العامة أنه شيخ مغربي مسلم، وكانت تحج إليه واستغله اليهود سياسيا وخاصة بداية من عهد السادات والموافقة على التطبيع مع إسرائيل؟ إن هذه النغمة التي تتغلف بالإنسانية وراءها أجندات صهوينية هادمة للهوية المصرية والتاريخ المصري، ومصر تمر الآن بظرف سياسي خطير.
ترى هل وراء هذه الأفلام الروائية أو التسجيلية رءوس أموال يهودية تدخل إلى مصر وتحاول أن تستغل الفن والإعلام لأجنداتها الخاصة؟.
إن وزارة الثقافة وكل من سمح بتصوير هذا الفيلم في مصر يجب أن يحاسب، ولا يكفي منع العرض بأن يعفيهم من المحاسبة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن