مجلس أمن الجثث

الصديق بودوارة

2015 / 1 / 3

(1)
كما في الروايات ، الشرير ينتصر في كل فصول الرواية ، لكن الاختلاف هنا في أن الشرير ينتصر أيضاً في الفصل الأخير .
(2)
هكذا تجري المقادير في العالم الجديد ، ففي مجلس الأمن الدولي ، لا مكان للضعفاء ، ولا مجد إلا للفصول الأخيرة ، حيث ينتصر الأشرار في نهاية الجلسة .
(3)
العالم الآن ، كما هو في العصور القديمة ، فالمدهش لمن يشرب أحداث التاريخ بذهنه ، أن الاختلاف لا يعدو كونه تبايناً في الأدوات فقط ، وبعض الأزياء المبتكرة ، والعديد من وسائل الحرب وبعض حيل التقنية الحديثة ، أما ماعدا ذلك ، فراية النصر لا تخفق جوارحها سوى للأقوياء ، ولا عزاء لغيرهم .
(4)
تضخم العالم إذن ، وتكفلت الأدوية والأجهزة الحديثة بتأمين الناس من خطر الأوبئة ونهم الأمراض المستفحلة ، فطال العمر بالبشر ، وتطاولت معدلات البقاء ، وتكفلت السياسة بتقسيم الخرائط ، وتفرغ الساسة لإنشاء الدول ، فيما بدأ الشيوخ والكهنة والقساوسة في ضخ الايدولوجيا في رؤوس البشر ، ليُصنع على عجل آلاف القطعان من البشر ، فأصبح الموت " دليفري" ، يحضر بمجرد طلبه على باب المغرر به ، وأضحت "الشهادة" نكتة يتبادلها الأعداء ، ووسط هذه المعمعة جلس السادة العظام ، أعضاء مجلس الأمن ، أولئك الذين ربحوا ذات يوم الحرب ليفصلوا العالم عباءةً على مقاسٍ لا يجوز ارتدائه لغيرهم فقط .
(5)
الحكاية حزينة ، والقصة مليئة بالوجع والجثث والرؤوس المقطوعة ، ورائحة السلاح والبارود والتهجير والفشل ، تفوح من المشهد بأسره ، لكن " مجلس الأمن" لم يشعر بتأنيب الضمير بعد .
(6)
لا ضمير ، وبالتالي ، لا تأنيب ، كل ما هناك أموال تُضخ ، ومصانع اسلحة تصدر منتجاتها إلى ساحات الصراع ، وأرصدة تتخم بالمليارات ، ومعادلة تزداد رسوخاً كل يوم : صراعات لاتنتهي = أموال لا تنفذ !!
(7)
معادلة معدنية ، بلا قلب ، وبلا ضمير ، لهذا امتلأت سوريا بالجثث ، وليبيا بالفوضى ، واليمن بالمقاتلين ، وسيظل مشروع الدولة الفلسطينية جنيناً ميتاً مهما تعددت مبادرات الرجل الطيب " ابومازن" ، لأن المشروع العالمي يقتضي بؤرة صراع لايموت ، ومنطقة عربية موبؤة بالأناشيد الحماسية ومسيرات الغضب ومعارك الكر والفر ، ولا عزاء للقطيع ، مهما بالغ القطيع في صناعة الجثث !!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن