كريم مروّه!

اسحاق الشيخ يعقوب
thabet.alsheikh@gmail.com

2014 / 12 / 19


خطواتنا متقاربة واعمارنا متقاربة وارواحنا متقاربة وفي الفكر نلتئم شيئا ونفترق شيئا، هو من عائلة دينية والده شيخ وانا من عائلة دينية والدي شيخ (!) أفي ذلك ما يشدنا بعضاً لبعض ام ان كيمياء النفس توحد نفسي في نفسه وتوحد نفسه في نفسي (...) تحط قدمي في بيروت: اقول له وصلت (ياه) وصلت كأن فيضا من البهجة تتنامل في اسلاك الهاتف بيننا (!) أخطو في الثمانين وهو يخطو في ذات خطواتي.. الا انه يتجدد حركة ونشاطا ثقافيا وفكريا أعجز ان اجاريه: يأكل بعناية ويشرب بعناية ويمرح بعناية... شخصيته فرحة مرحة لا يُدانيها حزن ولا يقترب منها كدر (...) يتشكل في الفكر والثقافة والسياسة متألقا في رؤاه الموضوعية احيانا وغير الموضوعية ايضاً احيانا أخرى، ثري التأليف كانه في سباق مع أيام ما قبل الرحيل (!) اقول له ما الرحيل (؟) يقول لا احد يريد الرحيل (!) ولكننا نرحل (...) كل قادم راحل وكل راحل قادم: انها الحياة في وجعها وفرحها قدوم ورحيل... اسأل نفسي ولا أسأله أهناك من يُحرك قدوم الحياة ورحيلها (؟) لا أحد (...) انها في ذات جدل طبيعتها في قدومها ورحيلها (...) هذا اللبناني الوردي الفوّاح بقطوف الانسانية اليسارية كأنه قُدّ من كتلة تمرد في اليسار وعلى اليسار من اجل نجومية اليسار في مواكبة الحياة والمكافح الفذ من أجل الحداثة والعدالة الاجتماعية في الاشتراكية العلمية وتجلياتها المادية التاريخية ــ الجدلية: دفع ولم يزل يدفع بنزيف قطرات حياته من اجل الانسانية التقدمية على وجه الارض (!) لونه كالورد او اشد جاذبية من الورد وروحه تعبق بنكهة الورد اواشد من نكهة الورد في فيض شذى تجليات روحه الانسانية المضمّخة بفرحة الحياة (...) قامته قصيرة تضج بالحركة وعيونه المؤلّقة بندى الحياة تفيض ألقاً في البحث عن المجهول (...) اذا توقفنا انتهينا علينا أن لا نتوقف هو حركة دؤوبة في الفكر والسياسة يُصيب ويخطئ ولكنه لا يتوقف (!) يمد اليّ كتابه (...) ويقول ادري ان شيئا من أفكاري لا تلائم افكارك (...) اقول له كلما اختلفنا اكثر كلما اقتربنا الى بعضنا اكثر (...) كأن ما ينقصني اجده فيه وكأن ما ينقصه يجده فيّ (!) ان هذا التجاذب الروحي يشكل البهجة فينا رغم اختلافنا (...) فكلما اختلفنا اقتربنا (...) فالصواب يروج ويموج على شطآن اختلافنا (!) كأننا نداري الاختلاف بيننا... ذات يوم قضمت اصابع الندم يوم ان كنت قاسياً في مقال كتبته ونشرته ضد افكار ومواقف له تجاه الماركسيّة وقد ردّ متهكما وهو يقول: أهذا ما توصّلت اليه عني يا صديقي اللدود... ارجوك لا تقع في شراك الوشاة فما اكثرهم... عندها اقسمت أن لا اقول (أفٍ) تجاه ما يكتب كريم مروّة قيمة فكرية وثقافية مثيرة للجدل والتأمل: ان اتفقت معه اختلفت وان اختلفت معه اتفقت (!) تقرأه وكانه يقرؤك قبل ان تقرأه فيما يكتب كانه يعيش افكار الناس في افكاره يكتب للناس بحميميّة عقيدة انسانية صادقة وبتواضع يشرح قائلا: الحقيقة لا يمكن الوصول اليها الا بتضافر الجميع نقدا حتى ادراكها... أنتقد لأدرك ام ادرك لأنتقد (؟) الإدراك نقد والنقد ادراك في جدل النقد للوصول الى الادراك (!) المعرفة نقد والنقد معرفة ولا يمكن الامساك بناصية المعرفة الا بحرية النقد (...) فالنقد حرية والحرية نقد وصولاً الى معرفة الكون في التاريخ وخارج كائنية التاريخ (!) وانه من الممكن الامساك به أو ملامسة افكاره الا انه من المستحيل ان تُحيله فكراً في فكرك: انه يعيش في تمرد افكاره بحثاً عن تمرد الحقيقة فالتمرد لديه فكر في البحث عن الحقيقة (...) ان وهم الإمساك بالحقيقة لدى الكثير من المثقفين ولديه ايضاً... الا انه سرعان ما يعود الى نقض فكره بفكرة فلا قدسية للافكار في راهنيّة تناقض الافكار في الافكار من اجل الامساك بحقيقة الفكر (!) أللفكر حقيقة (؟!) الفكر في حقيقة نسبية مدى تاريخيته لا في مدى تاريخية مطلق حقيقته (!) كلنا في مدى تاريخية الحقيقة النسبية ولسنا في مطلق حقيقتها أللمطلق حقيقة لا تُدرك؟!... المطلق يُدرك بالدّين وليس بالافكار العلمية والفلسفية التي تتجلى فكراً متمرداً لدى كريم مروّه أطال الله في عمره وأبقاه فكراً تنويراً ضد الظلام والجهل بيننا (!)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن