دعوة لقيام .. - ثورة للمقهورين - في العراق

يوسف يوسف

2014 / 12 / 14

" لا تسأل الطغاة لماذا طغوا ، بل أسال العبيد لماذا ركعوا ! "
مقدمة :
الحقبة الزمنية 2003 / 2014 ، تعتبر من أكثر الحقب الزمنية تأثيرا سلبيا على الشعب و الدولة العراقية معا ، فالشعب سحق بكل ما تعني كلمة سحق من معنى ، أجتماعيا سياسيا أخلاقيا ثقافيا .. حتى أعتقد البعض هل هذا الشعب حقا كان يدعى شعب الحضارات ، أو كان الأمر مجرد خدعة تأريخية .. ، أما الدولة كنظام ، فقد صنف العراق من أكثر دول العالم فسادا ونهبا للمال العام ، وأما في الحق فكل معاييره وأسسه طمست وتغيرت حتى أعتبر الظالم مظلوما والمظلوم ظالما ، ولأجله أعتبر الفرد السوي في المجتمع في بعض الأحيان شاذا ، ولم نسمع أو نقرأ تأريخيا بدولة تثور على شعبها لكي تسحقه وتذله وتسلبه أقل متطلبات الحياة الكريمة كما حدث ويحدث بالعراق ، والشعب / لا يبدي أي حراك ، مخدوع ساكت صامد صابر مهان ، فهل أصبح الشعب جبانا الى هذا المدى وطبق عليه المثل القائل " الجبناء يخافون من البشر أكثر من خوفهم من الله " .
النص :
الشعب العراقي لماذا لا يثور !! فثقافة الثورات ليست غريبة عنه ، فهو شارك بعدد من الثورات منها ( أنقلاب عسكري ، بقيادة الفريق بكر صدقي قائد الفرقة الثانية ، ليكون أول انقلاب عسكري في المنطقة العربية في عام 1936 ، ثورة 14 تموز 1958 وتعرف أيضا بحركة أو أنقلاب 14 تموز 1958 ، ثورة 8 شباط 1963 ، ثورة 17 تموز 1968 وغيرها من الأفعال / الحراك الثوري ..) نقل من مقال سابق للكاتب بعنوان / داعش و البعث تكتيك خريفي لم يرى الربيع ، فلماذا هذا السكوت و الخنوع ، ونحن في أمس الحاجة لثورة ، للخروج من الوضع الراهن وتغييره للتطلع للأفضل ، وممكن أن يتم هذا مثلا على غرارالثورة الفرنسية ، وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة ، وقد طور الماركسيون مفهوم النخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي تعرف بالبروليتاريا ، أو ممكن نهج الفهم المعاصر للثورة والأكثر حداثةً ، وهو التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسي نزيه وعادل ويوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع ، ثم البدأ بعد ذلك وكما قال أرسطو بسياقات سياسية ، وهي أما التغيير الكامل للدستور ، أو بدستور معدل للدستور النافذ .
1. على الشعب أولا أن يتخلص من عقدة الخوف ، وأن ينطلق ليس للمطالبة بحقوقه بل الى أنتزاع هذه الحقوق ، وأن يعلم الشعب بأن " الخوف لا يمنع من الموت و لكنه يمنع من الحياة " من رواية أولاد حارتنا / المثيرة للجدل - نجيب محفوظ .. فالشعب هو نبض الدولة وهو الذي يحركها الى الأمام ، فأما شعب حي أو شعب مقهور وبلا حقوق أي دولة بلا نبض .
2. الحكام الطغاة ، ظهروا في العراق بلبوس جديد وهو لباس الدين ، كما ظهروا بشكل أخر كسياسيين بخطاب ديني ، والأثنين هما الأخطر لأنعكاس تأثيرهما على العامة من الشعب وخاصة البسطاء ، وهذه الحالة هي حالة مرحلية لا تدوم ، والأمور أخذت تنقشع شيئا فشيئا ، وبدأوا الطغاة يظهرون بهيأتهم الحقيقية ، وتصف الكاتبة / د.أمال كاشف الغطاء / بمقال لها بعنوان " الحكام الطغاة " منشور في موقع النور بأن / نقل بتصرف ( الحكام الطغاة عبر الزمن بين فترة وأخرى هم وسيلة أو أدات ، للقتل وسلب الأموال وأنتهاك الحرمات وزج الأبرياء في السجون والمعتقلات ، وتمتع الطاغية بأموال الناس والسماح لنفسه وللمقربين له بالحصول على المناصب وكسب الأقطاعيات وشراء الذمم وأشغال الناس بالمتع الرخيصة والثقافة الهزيلة ...) أن التعريف هذا ينطبق بكل معانيه على طغاة العراق في حقبة 2003 – 2014 ، الامر الذي ينبغي معالجته بثورة !!
3. الثورات لها أسبابها ، وليس من وضع أستحق الثورة عليه أكثر تراجيديا كوضع العراق ، وهو القهر ، فالحكومة تنهب والمسؤولون ينهبون ، بالأحرى الكل ينهب الشعب ، والشعب بقى الوحيد المفعول به ، فلا بد من ثورة تصحح الوضع الأظلم للعراق ، وأن أي ثورة / أنتفاضة ، لأي شعب تأخذ مناح مختلفة ، " فهناك من انتفضوا من أجل الظلم ، أو من أجل الفقر ، أو من أجل الأستبداد والعبودية ، وعلى الرغم من أختلاف الأزمنة التي أندلعت فيها الثورات إلا أنه كان دائما ما يوجد بين الأسباب الكثيرة المسببة للثورات الكثير من العوامل المشتركة " منقول بتصرف من مقال بعنوان / ما هي أسباب الثورة.. أي ثورة ؟ أية سمير - موقع بوابة أخبار اليوم منشور في 20 يوليو 2013 .
4. الحكومات الفاسدة تلد هيئات ومؤوسسات فاسدة ، فالعراق يفرخ فاسدين ، موظفين مسؤولين نواب وزراء وحتى رجال دين .. " بينما نجد في بعض دول العالم المتقدمة أن الموظف أينما كان فهو من ناحية متقن لعمله ومن ناحية أخرى أمين على عمله من حيث أنه لا يقبل الرشوة ولا الواسطة ولا المحسوبية ولا الغش ولا السرقة وهذا كله بسبب حكومته التي توفر له سبل الحياة بكل يسر وسهولة فحكومة بلده لا تتوانى في تقديم كل وسائل الراحة ليكون مواطنا صالحا يقوم بعمله على أكمل وجه " ( نقل بتصرف من مقال بعنوان الحكومة الفاسدة تعلم المواطن الفساد / 23.04.2010 ، موقع سرايا ) أما في العراق فالموظف لا يجد مثلا يقتدي به سوى اللص و المرتشي والخائن و العميل والجاهل والمتملق والمزور ، مما جعل الفرد في الحكومة / في كثير من الاحيان ، يسعى للكسب غيرالمشروع قبل الأحالة على التقاعد .
5. من الضروري أن يثأر الشعب بثورة تشغل الدنيا وتقيمها ولا تقعدها ، والحل يجب أن يكون جذريا ، وهو أستأصال الفاسدين من النظام بثورة عارمة قاصمة لظهور الناهبين لقوت الشعب ، وقد تكون الثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية عام 1789 ، أو كثورات أوروبا الشرقية عام 1989 ، أو كثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية في نوفمبر 2004 ، أو أن تكون حركة عسكرية وهي التي تسمى انقلابا مثل الانقلابات التي سادت أمريكا اللاتينية في حقبتي الخمسينيات و الستينات من القرن العشرين ، فالثورة في العراق آتية لا محال ، ولتكن ثورة للمقهورين و المظلومين و المحرومين ، أنها الثورة الخضراء .
6. النخبة الثورية ، التي يجب أن تتقدم الفعل الثوري ، من المفروض أن تكون مسلحة ثقافية ، علمانية النهج ، بعيدة عن المذهبية و الطائفية و القومية ، بعيدة عن الفاسدين الحاليين من وزراء ونواب وقادة وجنرالات مابعد 2003 ورجال دين !! النخبة الثورية العلمانية ، يجب أن يجمعها مبدأ واحد أساسه العراق الموحد ، المنصب بدولة مدنية .
7. الثورة يجب أن تدار بنفس الحس الثوري في أول أنطلاقها وبنفس النفس الثوري في أستمرارها ونتائجها ، وأن يسيطر على أنجازاتها ، وأن لا تسمح للمتسلقين التغلل في صفوفها ، و أكبر مثل عربي هو ثورة مصر 25 يناير 2011 التي سرقها الأخوان المسلمون ، وأتذكر هنا قول الخالد نجيب محفوظ " إن الثورات يدبّرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء " / من رواية ثرثرة فوق النيل .
خاتمة :
ثورة المقهورين و المظلومين ، لا بد أن تنطلق شرارتها من رحم الفساد و القهر و الظلم المستشري في عراق اليوم ، الثورة ستنطلق لتجهز على الطغاة الذين باعوا الوطن بأرضه وحضارته ، وتاجروا بقيمه وتأريخه ، ونهبوا ثرواته ، وقسموا الشعب الى طبقات و فئات ومذاهب وطوائف أكثر مما هو عليه مقسم ومجزأ ، وسيكون المقهورين هم نخبة الثورة المنشودة في عراق ما بعد 2003 / العراق الذي سرق نار شعلته الطغاة ... فالمالكي رئيس الوزراء السابق / كنموذج للطغاة الجدد ، قد أصبح نموذج عجيب و مثير وغريب ، فأضافة لأداء حكومته الفاشل لدورتين متعاقبتين ، وصلت به الجرأة / في تصريحاته التلفزيونية ، أن يشير الى توفر الأمن و الأمان في العراق والى توفر سبل العيش المحترم للشعب ، والشعب فقير جائع ، فقط كان عليه أن يقول كما قالت ملكة فرنسا ماري أنطوانيت " إذا لم يكن هناك خبزٌ للفقراء.. دعهم يأكلون كعكاً " ، وذلك لأن هم المالكي على ، منصبه وعائلته وأصهاره ودائرته الخاصة ..
العراق الأن هو " كحقل قمح غزاه أسرابا من الجراد " تركه فلاحه العاق لفلاح أخر ، أنها تركة ثقيلة تحملها الدكتور حيدر العبادي / أعانه الله ، هذه التركة لا تزاح ألا بثورة تحطم مابناه الطاغية من صروح ، وأرجاع بل أنتزاع كل ما نهب وما سلب من ثروات الشعب المقهور ، فأتحدوا وحطموا الصنم / حتى وأن تراجع موقع الصنم قليلا الى الوراء !!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن