لامساومة ، لامتاجرة سياسية - 3 - ويلهلم ليبكنخت

سعيد العليمى
memosat1945@yahoo.com

2014 / 12 / 11

رأسمالية الدولة
انا لااتردد فى ان اكرر تصريحى السابق وهو ان التفريط العملى فى مبادئ حزبنا يبدو لى اشد خطرا لحد بعيد من كل الغثاء النظرى الذى طرحه برنشتين . لقد جرى الادعاء بان العصب السياسي للاحزاب قد مات ازاء الفساد ، حتى انها فقدت روح الحرية والعدالة . ولايفتقر هذا الزعم لأساس ، ومع ذلك فليس هذا ظرفا جديدا . اذا ماتغاضينا عن فترات قصيرة فلم يتوفر للبورجوازية الالمانية ابدا مايمكن ان يفهم من كلمة " عصب سياسي " . ولكن كيفما كان الامر ، فلايمكن ان ننكر اننا نعيش الآن تحت تأثير اوضاع سياسية واقتصادية تدفع لإحتدام التطاحنات الاقتصادية والسياسية لابعد الحدود من ناحية ، ومع ذلك تدفع من ناحية اخرى لتساهل انتهازى بشأن المبادئ . اضف الى ذلك اننا ينبغى ان ناخذ فى اعتبارنا تخلف البورجوازية فى المانيا ، وهو سبب حقيقة انه لايوجد هنا بالفعل حزب ليبرالى فضلا عن حزب ديموقراطى . هذه الحقيقة يترتب عليها كنتيجة طبيعية : ان العناصر الليبرالية والديموقراطية الشريفة من البورجوازية تنجذب اكثر فاكثر نحو الاشتراكية الديموقراطية بوصفها الحزب الوحيد الذى يحارب من اجل الديموقراطية فى المانيا . لكن هذه العناصر الديموقراطية لاتصبح من ثم اشتراكية ، رغم ان الكثيرين يعتقدون انهم اشتراكيون . باختصار ، لدينا الآن فى المانيا ظاهرة لوحظت فى فرنسا لمدة نصف قرن وربما اكثر ، وقد اسهمت كثيرا فى تشويش العلاقات الحزبية فى فرنسا ، وهى ان قسما من البورجوازية الراديكالية يلتف حول الراية الاشتراكية بدون فهم طبيعة الاشتراكية . هذه الاشتراكية السياسية ، هى فى الواقع نزعة راديكالية انسانية محبة للبشر فقط ، وقد اعاقت تطور الاشتراكية فى فرنسا لحد بعيد . لقد ذوبت وضببت المبادئ واضعفت الحزب لانها زجت فيه فصائل لايمكن الاعتماد عليها فى اللحظات الحاسمة .
شخص لنا ماركس فى مقالاته حول الصراع الطبقى فى فرنسا (2 ) هذه الاشتراكية السياسية .
وسوف تكون حالة فريدة من التخلى عن المسار والضياع اذا مامالت الاشتراكية الديموقراطية ، التى قدر لها ان تحقق هذا النجاح وهذا النمو المدهش بسبب انها قد انطلقت دون ان ترتعب على اساس الصراع الطبقى ، اذا مامالت للاتجاه المعاكس وانغمست فى الاخطاء ،التى كان تجنبها قوة وفخر الحزب ، ووضع الاشتراكية الديموقراطية الالمانية على رأس الاشتراكية الديموقراطية الدولية فى كل البلدان .
ان تلاشى الخوف والكراهية لنا فى الدوائر السياسية يدفع بالطبع العناصر السياسية داخل صفوفنا . وهذا لايسبب خوفا مادام هذا يجرى على نطاق ضيق لان العناصر البروليتارية تفوق العناصر السياسية عددا ويجرى امتصاصها تدريجيا . لكن يختلف الامر حينما تصبح العناصر السياسية فى الحزب وفيرة العدد وذات نفوذ بحيث يكون امتصاصهم عسيرا بل ويهدد بخطر اغراق العنصر الاشتراكى لأقصى حد. يهدد خطر التسييس هذا ( التسييس البورجوازى الصغير – المترجم ) الاشتراكية الديموقراطية من مصدرين بسبب تخلف بورجوازيتنا . اولا ، العناصر الديموقراطية فى البورجوازية التى لاتجد اشباعا سياسيا فى طبقتها الخاصة ، تغمرنا باعداد كبيرة اكثر مما فى البلدان التى تطورت بها بورجوازية على نحو اعتيادى ، ثانيا ، تميل الروح البيروقراطية لحكوماتنا ولو انها رأسمالية نحو اشتراكية الدولة ، وهى فى الواقع ، رأسمالية دولة فحسب ، لكنها تعشى ابصار وتضل هؤلاء الذين ينخدعون بسهولة فى التشابهات الخارجية والشعارات . ان اشتراكية الدولة الالمانية او على الادق البروسية التى تجد نموذجها فى دولة عسكرية ، لكبار الملاك والشرطة ، تكره الديموقراطية اكثر من اى شئ آخر . ان الكانيتزيون ( كانيتز منطقة فى مقاطعة ساكسونيا – المترجم ) واتباعهم يزعمون انهم راديكاليون متطرفون ، لكن لاعلاقة لهم بالديموقراطية . الديموقراطية هى عدوهم . وهى بالنسبة لهم شئ متلازم سياسيا . ولكن كل السياسات معارضة لكل ماهو اشتراكى تماما . وهكذا من خلال هذا المنطق المخادع ننتهى الى النتيجة التى وجدت لها موضعا هنا اوهناك ، حتى فى الدوائر الاشتراكية الديموقراطية ، وهى ان الديموقراطية صفة للسياسة لاشئ يجمعها بالاشتراكية ، بل على النقيض فهى تعارضها . يمكن تتبع اخطاء معينة ، على سبيل المثال معارضة نظام الميليشيا وصولا لتلك السفسطة ، وكذلك ايضا ذات مرة بشأن تعايم فون شفايتزر الزائفة . لكن الحقيقة ان الديموقراطية ليست شيئا سياسيا بصفة خاصة ، ولاينبغى ان ننسي اننا لسنا حزبا اشتراكيا فحسب ، وانما حزب اشتراكى ديموقراطى لاننا ندرك ان الاشتراكية والديموقراطية لاينفصلان .
يتبع



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن