لحظة صدق واجبة .. من الجميع

حسام محمود فهمي
hossam.ma.fahmy@gmail.com

2005 / 9 / 1

دارت عجلة الزمن، في عالم مصر جزء منه، لا مفر من مسايرة الزمن اختياراً قبل أن يأتي جبر لا مهرب منه. فرضت الشعوب إرادتها علي أنظمة رفضت تسليم الراية، في أوكرانيا وتوجو ولبنان وقرغيستان؛ الإيقاع سريع بلا فواصل زمنية ولو باعدت الجغرافيا، أشهر قليلة تفصل الأحداث، تطورات كل حدث شديدة السرعة والحسم. أرضنا أصبحت ملعباً متسعاً، كثيرون يلعبون في وضح النهار وغيرهم لا يجيدون إلا الحركة في الظلام، يعشقونه. لا بد من وقفة مع الذات، النظام واللاعبون في النور والشعب؛ إذا لم يتجرد الجميع من شرور أنفس أمارة بالسوءات، وما أكثرها، فلا بديل عن الفوضى والتأكل، الضمور حتي الفناء.
بداية، علي النظام أن يدرك بوعي لا تيه فيه أن مصلحة الأمة في التغيير الحقيقي بلا تسويف أو مماطلة، إنه أمام لحظة لا مفر فيها من الصدق؛ المراوغة وانتحال الأعذار لاستمرار البقاء أصبحت معدودة الأيام، لا نفع ستجلبه إنما خسائر فادحة لأزمان قد لا يطول عمر الأمة لتحياها. لا مكان اليوم علي أي ساحة في عالم لم يعد بتسع إلا لأنظمة تستوفي شروطاً محددة وفقاً لمعايير جديدة صارمة، انتهي زمن التمسح في التاريخ واعتباره سُلٍَماً للحاضر والمستقبل. الدعاية والطنطنة أمام الميكروفونات فقدت مستمعيها في الداخل والخارج، أقلام النفاق بدأت في البحث عن سادة جُدُد، الأرض تهتز تحت الكراسي، العقلاء يتعظون، يجيدون قراءة التاريخ.
اللاعبون في النور هم رواد التجديد والتطوير والآراء الحرة، الموضوعية لازمة، الصدق واجب، إذا انتهجوا الصواب سينكشف خفافيش الظلام، سيتضح الفارق بين التعقل والشعارات الخادعة. دغدغة مشاعر العامة بمعسول القول وبالتاريخ المصطنع لا تؤدي إلا إلي التهلكة في زمن الحقائق المجردة والأرقام الصادقة. وضوح الرؤية هو الهادي من غث القول والفعل، الفرص لا تفوت إلا المترددين والضعفاء، الحركة بوعي فيها بركة تغيير أوضاع انطلقت منها روائح التعطن من فرط الركود وفساد العقول قبل الذمم، أحياناً.
أما الشعب، من الأساسي أن يكون تحسين أوضاعه هدفاً أساسياً، للنظام واللاعبين في النور من مختلف الاتجاهات، اعتباره لا يمكن إلا إذا فرض نفسه بالكد والعمل، بالإيجابية والوعي. لا وجود لشعب إذا غلبته الأمية، الأمية متشعبة، أمية القراءة والكتابة، ثم الأمية الثقافية، فالأمية الاجتماعية وصولاً للأمية السياسية. شعب اجتمعت فيه كل صور الأمية يستحيل أن يحفر لنفسه مكاناً، همه الأول لن يتعدي بطنه وروقان دماغه. استمرار الأمية مسئولية النظام في المقام الأول، الأمي سهل القياد، دغدغة مشاعره لعبة مضمونة، تسييره تحدده الظروف والإخفاقات الداخلية والخارجية. العامة هم حلبة الصراع بين النظام وأقلية مثقفة تساندها أوضاع داخلية قاسية وعالم متجدد هبت فيه شعوب كانت مغلوبة علي أمرها.
علي الجميع، حكاماً ومحكومين، فهم هذا الزمن بواقعية، بلا مكابرة ولا عنترية، عالم اليوم والغد للأقوياء، لسنا منهم، لكن هل سنبقي فيه أم سيدهسونا في جريهم للمستقبل؟ لحظة الصدق واجبة، لن تأتي كثيراً،،



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن