حوار مع المرحوم الدكتور سعدي المالح – المدير العام للثقافة والفنون السريانية في الأقليم

زيد محمود علي
zaidmahmud@yahoo.com

2014 / 11 / 29


قال-* لدينا دائما مشاريع ونشاطات مشتركة مع إخوتنا من القوميات والثقافات الأخرى ونسعى لمزيد من التلاقح الثقافي.....

زيد محمود علي – الاتحاد اربيل

إذا كان علينا أن نقدم شيئا" للأجيال القادمة ، فلا أقل من الحفاظ على ذاكرة الأمة السريانية ، ولعل ذلك كان إحدى الركائز التي كانت عليه المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية ، وبدأ جليا في أحدث مشروعاتها وبرامجها ، ويمكننا القول إن المفكر والأديب الدكتور سعدي المالح استطاع أن يخطو الخطوة الأولى ، وهي الاصعب بأتجاه التأسيس لثقافة الاباء والاجداد ، وفضلا" عن ذلك فهو المتخصص في مايمتلكه من الأدوات اللآزمة في تثبيت دعائم الفكر والثقافة السريانية ، وتبقى ضربات ريشته الفنية التي ستبقى تمجده الأجيال القادمة ... وتفضل مشكورا" لهذا الحوار عن كل مايدور في المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في الأقليم ..
* - متى تأسست المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية؟ وما هي الدوائر التابعة لها؟
- تأسست المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في إقليم كردستان – العراق في 23 تشرين الأول 2007، وألحقت بها "مديرية الثقافة والفنون السريانية (الآشورية سابقاً) في أربيل". بعد ثلاثة أشهر، وتحديداً في 19 شباط 2008، أفتتح مبنى المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في بلدة عنكاوا بعد تأثيثه وتوفير عدد من الموظفين له.
ولم تمض سنة حتى أفتتحت المديرية العامة مديرية فرعية لها في دهوك تحت عنوان "مديرية الثقافة والفنون السريانية- دهوك" وافتتح مبناها في الأول من نيسان 2008. تلتها بعد أشهر "مديرية التراث والفنون الشعبية السريانية" والتي افتتح مبناها في عنكاوا في أيلول 2009، ثم تم إنشاء مبنى مستقل لمتحف التراث السرياني افتتح في نيسان2010 الذي يتميز بالمعروضات التراثية والأزياء الشعبية لمناطق مختلفة لأبناء شعبنا، فضلاً عن أرشيف صوري ضمن الصالة الثقافية في الطابق العلوي والتي تتضمن أيضاً عدداً من المخطوطات والصحف والمجلات القديمة الصادرة في القرن الماضي فضلاً عن مجموعة من التسجيلات النادرة لموسيقيين ومرتلين سريان. وأصدرت المديرية عددا من المطبوعات (مجلة بانيبال، وجريدة مردوثا) المتوقفة حاليا.
المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية هي مؤسسة حكومية وواحدة من 8 مديريات عامة تتشكل منها وزارة الثقافة والشباب في إقليم كردستان.
تعمل المديرية العامة ودوائرها الفرعية على إحياء تراثنا وثقافتنا القومية التي عانت الإهمال والتهميش سنوات طويلة، وتطوير فنوننا وآدابنا وثقافتنا المعاصرة وتعريف الشعب الكردي والعراقي والشعوب الأخرى بها، والأخذ بيد أدبائنا وفنانينا، وتقديم المساعدات المطلوبة لهم لنشر نتاجهم الأدبي وتقديم عروضهم المسرحية وإقامة المعارض الفنية.

* ما هي ابرز نشاطات مديريتكم لعام 2012؟
- فضلا عن نشاطاتها المتنوعة الأخرى، اعتادت مديريتنا أن تقيم مجموعة من النشاطات والفعاليات بشكل دوري سنوي وأبرزها حلقات دراسية سنوية تحت عنوان "من اجل تطوير أدبنا ولغتنا السريانية". تقدم فيها بحوث ودراسات لعدد كبير من الباحثين أغلبهم أكاديميون ومتخصصون في الأدب واللغة. تتوزع محاور الأبحاث على قواعد اللغة السريانية وبلاغتها وإشكاليات تعليمها، وعلى الأدب السرياني الكلاسيكي والمعاصر بما في ذلك الرواية والشعر والمسرح والمخطوطات السريانية والدراسات اللغوية المقارنة، فضلاً عن الأبحاث المتخصصة حول عنوان الحلقة والذي يتغير سنوياً. وحلقة عام 2012 (بالتعاون مع دار المشرق الثقافية في دهوك) حملت اسم المطران اسحق ساكا.

كما تقيم أيضا حلقات دراسية حول "دور السريان في الثقافة العراقية"، تتناول دور كتابنا وأدبائنا ومثقفينا وفنانينا السريان في إغناء الثقافة العراقية ورفدها بكل ما يغنيها ويطورها في مختلف المجالات. وتقدم فيها بحوث ودراسات لعدد كبير من الباحثين بلغ في الحلقة الأخيرة (78) باحثاً، أغلبهم أكاديميون ومتخصصون في الأدب واللغة والتاريخ والآثار والفنون المختلفة من محافظات العراق كافة، ويحضرها للاستماع إلى الأبحاث ومناقشتها عدد من الأكاديميين والمختصين والمهتمين، وكانت الدورة الأولى باسم الشاعر سركون بولص، والثانية باسم الروائي إدمون صبري، فيما حملت دورة عام 2012 اسم الأديب والمؤرخ الراحل المطران سليمان صائغ.
ومن نشاطاتنا المتميزة الأخرى الأسبوع الثقافي السرياني الذي يقام سنويا منذ عام 2008 في عنكاوا بمشاركة واسعة من منظمات المجتمع المدني وعدد كبير من الأدباء والفنانين والمهتمين وجمهور غفير من أهالي البلدة. يتضمن فعاليات ثقافية وأدبية وفنية وتراثية متنوعة منها معارض عديدة للفن التشكيلي والكاريكاتير والخط السرياني، ومعرض للأشغال اليدوية والطرق على النحاس، ومعرضاً للتراث، فضلاً عن العروض المسرحية والأمسيات الشعرية، وإقامة يوم تراثي مميز بحضور جماهيري كبير تتخلله عروض أزياء ودبكات وأكلات شعبية وأغانٍ تراثية وغيرها وتميز هذا العام باستعراض موكب جهاز العروس العنكاوية المحمول على أكتاف الشباب والصبايا وسط الزغاريد وعلى أنغام الطبل والزرنا (المزمار)، تلته زفة للعروس والعريس، على ظهور الخيل وبالزي العنكاوي التقليدي، حسب التقاليد القديمة.

كما تقوم المديرية العامة بطبع عدد من الكتب المتخصصة باللغات السريانية والكردية والعربية، وقد طبعت إلى الآن نحو 27 كتاباً أبرزها لعام 2012: "الأسر المسيحية في الموصل" للباحث والكاتب بهنام حبابه، ومجموعة شعرية للأطفال بالسريانية للشاعر يونان هوزايا، والمجموعة الشعرية الكاملة للأب الشاعر يوسف سعيد أحد رواد جماعة كركوك الشعرية، و"قصاصون عراقيون سريان في مسيرة القصة العراقية" للقاص هيثم بردى مترجما إلى الكوردية ومجموعة شعرية للشاعر بشار البغديدي بالسريانية.

من جانب آخر استضافت المديرية العامة أدباء وفنانين لإلقاء محاضرات بمواضيع ثقافية وفنية متنوعة، فضلا عن إقامة حفلات تأبينية لأعلامنا الراحلين، وفي 2012 أقامت المديرية العامة حلقة نقاشية لمناسبة أربعينية الأب الشاعر يوسف سعيد، بمشاركة عدد كبير من الأدباء والباحثين والمفكرين العراقيين من داخل العراق وخارجه وحفلا تأبينيا للكاتب والناقد ناصر يوسف منصور لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاته.
* - للسريان دور بارز في الثقافة العراقية وكثيرون منهم يشار اليهم بالبنان، هلا ذكرتم ابرز الأسماء؟
- سطعت في سماء الثقافة العراقية أسماء لامعة كثيرة من السريان في كافة المجالات الإبداعية ويكاد لايخلو مجال من اسم احدهم، ولو استعرضت في هذه العجالة أسماء بعضهم لعلي اغبن كثيرين حقهم، ومن فيض هؤلاء المبدعين أشير إلى المبدعين السريان في القصة والرواية العراقيتين (سليمان الصائغ، إنعام كةجةجي، يوسف الصائغ، ميشال لازار عيسى، هيثم بردى، ميخائيل اورو، بهنام وديع أوغسطين، حازم مراد، إدمون صبري، يوسف متي، يوسف يعقوب حداد، بنيامين حداد، سهى رسام، جورج عيسى قلاب، وآخرون).
و في الشعر (سركون بولص، يوسف الصائغ، جان دمو، زهير بردى، شاكر سيفو، الفريد سمعان، يوسف أمين قصير، الأب يوسف سعيد، وآخرون).
وفي مجال النقد الأدبي أشير على سبيل المثال الى (روفائيل بطي وميخائيل تيسي (صاحب أول نقد هزلي صحفي).
كما تبرز في التراث والبلدانيات أسماء (الأخوين ميخائيل وكوركيس عواد، فؤاد قزانجي، والأخوين لطفي الخوري، جورج حبيب، يعقوب سركيس، الفونس منكنا، الياس حنا الموصلي، اقليميس يوسف داود، وآخرون).
والفن التشكيلي له حصته أيضا إذ ظهر فيه فنانون شكلوا علامة بارزة في الحركة الفنية العراقية امثال (فرج عبو، ماهر حربي، لوثر ايشو، ثابت ميخائيل، بسام صبري، حنا الحايك، سامي لالو، مازن ايليا، سلام ادور، بسام ريجارد، عماد بدر، هانيبال الخص، صباح يعقوب حداد، وآخرون).
اما رواد التربية والتعليم في العراق، لمع منهم اسم العلامة متي عقراوي، فتح الله عقراوي، مجيد خدوري، اسحق عيسكو، بهنام حبابه، بهنام فضيل عفاص، اليزا سليمان جبري، وآخرون).
وكذا حال الموسيقى والغناء مع (حنا عواد، منير بشير، جميل بشير، سعيد شابو، الفونس جميل شوريز، حنا بطرس، رائد جورج، سيتا هاكوبيان، اسكندر زغبي، غانم حداد، وصليوا يلدا صليوا (سيوا)، باكوري، عفيفة اسكندر، وديع خوندة، ناظم نعيم، فؤاد ميشو، وآخرون).
وفيما يخص الصحافة والإعلام لايخفى على احد دور ( روفائيل بطي، داود صليوا، سليم حسون، توفيق السمعاني، بولينا حسون، اسكندر معروف، مريم نرمه، فؤاد بطي، يونان عبو اليونان، وآخرون).
وفي التاريخ والحضارة (فؤاد سفر، بهنام ابو الصوف، هرمز رسام، الدكتور دوني جورج، بشير فرنسيس، إسرائيل أودو ، بطرس نصري، وآخرون).
والسينما والمسرح والتلفزيون (اسكندر زغبي، نعوم فتح الله السحار، سليمان الصائغ، عوني كرومي، ازادوهي صموئيل، عمانوئيل رسام، سليم حسون، كلادس يوسف، فكتوريا نعمان، شميم رسام، نسرين جورج، حنا حبش، حنا الرسام، وغيرهم). فضلا عن ريادة المسرح السرياني إذ قدم الأب اسطيفان كجو اول مسرحية بالسريانية (السورث) بعنوان (استر الملكة) عام 1912 في القوش).
وفي اللغويات (العلامة يوسف عتيشة الموصلي، الأب أنستاس ماري الكرملي، أوجين منـّا، العلامة اقليمس يوسف داود، أوغسطين مرمرجي، توما اودو، وآخرون).
وفي الترجمة:(عبدالمسيح وزير، جرجيس فتح الله، البير ابونا، يوسف حبي، يوئيل عزيز اليعقوبي، وآخرون).
كما ان دورهم في إدخال المطابع الى العراق معروف على يد الآباء الدومنكان، ثم المطبعة الكلدانية وفيما بعد مطبعة النجم، مطبعة الأديب، مطبعة الزمان لتوفيق السمعاني ورواد الطباعة والنشر من أمثال عيسى محفوظ، فتح الله سرسم، اسطيفان فتح الله عزيزة، روفائيل مازجي الآمدي، آل بطي، آل الطوني، يوسف عويد، وآخرون).

* - كيف تقرأون تجربة مديرية الثقافة السريانية؟ وكيف تنظرون إلى المستقبل في ضوء معطيات الحاضر؟ وهل ثمة مشاريع مزمعة في المستقبل المنظور؟
- تجربة المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية هي تجربة ناجحة وتؤسس لثقافة قومية متجددة ورائدة، وقد حققت المديرية كما بينا إنجازات كبيرة للثقافة السريانية في كوردستان والعراق، نأمل أن تتكرر مثل هذه التجربة في العراق الفدرالي.
مديريتنا تمتاز دائما بالحيوية والتجدد وطموحنا بالتطور لا يتوقف، وفي النية تطوير وتوسيع نشاط بعض الأقسام الموجودة فضلا عن فتح أقسام جديدة للفنون الجميلة (المسرح والموسيقى والرسم)، كما أن لدينا مشروعا متميزا نعمل الآن على انجازه وهو إنشاء مبنى لمسرح يتسع لـ(300 ) كرسي سيسهم في دعم وتطوير نشاطاتنا ويوفر لها مكانا ملائما.
كما نعمل على تطوير مكتبتنا، مكتبة الثقافة السريانية ورفدها بالمزيد من المراجع وأمهات الكتب فضلا عن الكتب والمصادر النادرة عن طريق الشراء سواء من معارض الكتب المختلفة داخل العراق، و خارجه من سوريا ولبنان وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية، وما لم يتيسر الحصول عليه يتم استنساخه وتجليده ليكون في متناول الباحثين والقراء، فمكتبة المديرية تملك الآن أكثر من خمسة آلاف مطبوع متخصص في ثقافة شعبنا، وعدداً من المجلات والمطبوعات المهتمة بتاريخ وثقافة شعبنا والصادرة في القرنين التاسع عشر والعشرين.
والمكتبة تعد مصدراً مهماً وفريداً في العراق والشرق الأوسط للدارسين والباحثين في الثقافة السريانية.
كما نسعى لتطوير متحف التراث السرياني وتوفير الدعم الذي يحتاجه من المؤسسات العالمية المشابهة ليكون بمستوى الطموح. وفي النية أيضا نشر المزيد من الكتب وتوسيع حركة الترجمة من والى العربية والسريانية و الكوردية.

* - العراق بلد متعدد الثقافات، كيف تترجمون هذا التنوع عبر نشاط مديريتكم؟
لدينا دائما مشاريع ونشاطات مشتركة مع إخوتنا من القوميات والثقافات الأخرى ونسعى لمزيد من التلاقح الثقافي من خلال تعاوننا مع العديد من المؤسسات الثقافية، وقد أقمنا عدة نشاطات في هذا المجال على سبيل المثال مهرجان لثلاثة أيام بالتعاون مع معهد التراث الكوردي بالسليمانية افتتحته السيدة الأولى هيرو إبراهيم احمد تضمن معارض تشكيلية و حفلات فنية ومحاضرات وعروض أفلام. وأقمنا عدة محاضرات مشتركة مع اتحاد الأدباء الكورد في اربيل والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق والأكاديمية الكوردية واتحاد الأدباء والكتاب في النجف وعدد من المؤسسات الأخرى فضلا عن الجامعات العراقية المنتشرة في جميع محافظات العراق ويشارك عدد كبير من الأكاديميين والكتاب والأدباء والفنانين والمثقفين من فسيفساء العراق الجميلة المتنوعة، عبر هذه الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والجامعات او بشكل مستقل، في نشاطاتنا سيما الحلقة الدراسية حول دور السريان في الثقافة العراقية.



نشكر قسم الاعلام في المديرية اعلاه لتعاونها التام في تهيئة اللقاء مع شكرنا لها lمع ان اللقاء اجري في السابق
زيد محمود



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن