زمن الفلسفة وفلسفة الزمن ح1

عباس علي العلي
fail959@hotmail.com

2014 / 11 / 18

من قوانين الوجود الأزلية والتي خطها الوجود بوجوده الطبيعي أن الحياة والموت يقترنان في ذات اللحظة دون أن يفترقا ,علة هذا الأقتران هو وحدة الحدث ذاته بمعنى أن ولادة الحياة تقابلها في ذات الخط وعلى نفس المستوى وفي نفس الوحدة الزمنية بخطها الأفقي حدث الوفاة وبحدود مفهوم وحدة الزمن الأصغر,فكل ماض لا يصبح ماض إلا بولادة حاضر,هذه الجدلية منها أشتق الوجود مفهوم الحركة التأريخية وبع أنتظم في حركته الأفقية أيضا.
هذه اللحظة لا تنتمي لزمن وإن كانت من عناصره فلا هي من جنس الماضي وكما لا تنتمي للحاضر لأن تحديد الجهات يحتاج لمحدد خارجي عنها,يمكن أن يرى الماضي فيها كموت مستقبل,أما الحاضر فينظر لها من كونها تشهد ولادته كماضي,هذا التفاوت لا يمكن عده نسبيا ولا يمكن عده مطلقا لأن في الحالتين العنصر الخارجي غير موجود أما العنصر الذاتي فهو واحد ماضي حاضر وحاضر ماضي,هنا يتحدد الزمن بالكينونة المتغيرة لا الكينونة الثابتة التي تصلح معيار قياس ومقارنه.
هذا الوضع الزمني المحدد باللحظة المزدوجة يختصر معادلة تساوي القيمة الفاقدة لجنسها أي أنها بالمفهوم الرياضي صفر موجب صفر سالب وإذا حذفنا المشترك الحسابي بينهما يبقى موجب سالب بعد تنزيل الصفر,الموجب السالب هو في الحقيقة الكينونة التي تمر عبرها الموجودات كعناوين وكحقائق في عالم الانتقال من صورة إلى صورة تنطبق فيها كل القوانين على كل الموجودات ,هنا نعود إلى مسألة هل أن الولادة زمن تأريخي أم أن الموت هو الزمن التأريخي,أشك أننا قادرين على تمييز التأريخي بمعنى مرور الزمن به أو فيه لأن التأريخ يحتاج ماضي بقراءة حاضر وحيث لا حاضر هنا ولا ماض يبقى الزمن أيضا مجرد من التسمية ومتعلق بوصف ذات اللحظة.
الفلسفة التي تؤمن بحدود الزمن وحدود التأريخ تنكر وحدة الحدث لأنها لا تفرق بين الحدوث والحدث بين الفعل والواقع,لا بد لنا أن نفرق الوجود المحدود بإحداثيات وحدود وبين الوجود الحر الذي هو الواقع أصلا,لأن عقل الإنسان هو الذي صنع الحدود وليس الواقع,مثلا كانت معلومات الإنسان قديما تختلف بالشكل والتكوين والحدود والمدى عنها اليوم مع بقاء الوجود كما هو ,العقل هو الذي صنع ذلك وصنع هذا وهو قادر أيضا على الانفلات من تلك الحدود ليكتشف حقيقة قصر نظره هو وأن الوجود هو النقيض للحقيقة التي طالما سلم بها بأنه ماهية وعرض.
اعود إلى نقطة الافتراق الرئيسية بين الفلسفة بكافة عصورها ومسمياتها وبين فلسفة ما بعد الفلسفة,هذا الفكر الخارق الذي لا يعتمد ولا يؤمن بالحدود اولا ولا يتوقع أصلا أن هناك حدود العالم الوجودي أصلا غير محدد .العالم الافتراضي أكبر , العقل الإنساني محبوس بعالم الوجود المحدد بقوانين سابقة , العلم اليوم يثبت بالدليل القاطع انه غير محدد ولا محدود وحتى وجود الوجود ما هو إلا صورة ذهنية تلتقطها عدسة العقل فبالتالي التحديد ليس في الوجود اصلا بل بعدسة العقل هي التي تجعل الاشياء بحدود قدرتها لا بحدود واقعها وبالتالي فأن العبور من العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي بحاجة إلى تحرير العقل من عدسة الواقع وانفلاته من حاجز الممكن والمعقول عندها سيقف على حافة اللا حدود الوجودية ليرى الحقيقة شيء اخر غير التي يرسمها الواقع , لذا فالفلسفة البعدية تؤمن يقينا ان الواقع يناقض العقل وأن العقل يمكن أن بسبق الوجود للحاق بحركة الزمن التي تمت من أمد بعيد وبعيد جدا
وفقا لمنطق مسار الرؤية الحرة التي أمنها بها بعدم محدودية الوجود المادي وأتساعه اللا متناهي تبقى مساحة شاسعة بيت المفترض أصلا كواقع مجسد محسوس ومدرك وهو الواقع الذي يفهم حدوده العقل ويتقيد بها وبين قدرة النظر العقلي الممكن من خلال مفهوم الخلاص من الحدود ومنطق الممكن الواقعي لا الممكن العقلي المتجرد من واقع الواقع , والله تعالى يقول وما بلغتم من العلم إلا قليلا,هذا القليل بمعنى عدم الكمال أو التساوي مع الواقع الذي هو في الأصل كما هو والذي لا تدركه العقول ولا الألباب واقع الخلق كما هو محيط بنا ونحن تحت دائرة الفلك المحيط,لأن التساوي يعني العلم بالإحاطة وتجاوز فلكيتها ثم النظر لها من خارجها,أي أن الإحاطة تستوجب خروج العلم من دائرة المحيط (داخلا) إلى المحيط (خارجا) , هنا نقع في أشكال عقلي كيف يكون العقل داخل الواقع من جهة وفي خارجه أيضا وفي ذات الوقت , هذا اولا وثانيا الخروج يستلزم أن نشارك المحيط أي العاقل الذي أحاط بالواقع كما هو لا كما نحن ندركه نشاركه بالضرورة بكل شيء بعلمه أي الشراكة مع الله بالعلم والتساوي بالقدرة عليه وهذا ما لا يمكن ايضا عقلا لفارق الفرق بين الصانع والمصنوع لأننا أصلا جزء من علم الله .
أذن كيف لنا أن ننفلت من الواقع هذا الى الواقع ذالك أو ذاك وما هي المبررات التي تتيح لنا مجرد التفكير بذلك أولا؟.وهل من الممكن لو افترضنا جدلا أننا عزمنا أن ننطلق كما رسمنا في مفهومنا هذا التي تتبناه الفلسفة البعدية أن نرسم صورة أولية للخطوط والمسارات ؟,وهل حقا يمكننا كعقل مجرد أن يقبل الخروج من طبيعته التي تحدها حدود مادية تتعلق ببدنية الإنسان وأبعادية الواقع من جهة أو أن تقبل الفلسفة أن تغامر وتجازف بتأريخها الرصين والكلاسيكي في الطرائق والوسائل التي تعتمد الضبطية والمنطقية في حساب كل خطوة تخطوها نحو دراسة أو حتى بلورة افتراض يتعلق بمسألة ما ؟.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن