غدت حتى حركة عقارب الساعة تلدغ المهجرين.!!

علي عرمش شوكت
aashokat@hotmail.com

2014 / 11 / 11

سؤال كبير يدور باذهان المواطنين العراقيين، لاسيما النازحين منهم. مفاده، متى العودة الى ديارهم؟. التي كانت جدرانها محراب حبهم، وازقتها مهد الطفولة وساحة مرح الصبا وربيع الشباب. كل ذكرياتهم ارشيفها ليس تحت خيمة منقوعة بوحل المطر، بل في بيت قد بناه الجد او الاب لبنة لبنة، وفي كل واحدة لمسة ناطقة بالاصالة المعطرة بعرق الجبين. ان هذا الأمل المرتجىي قد افرغ فسحة التمنيات وتربع منفرداً على ناصيتها، هكذا لم يبق في ذهن المواطن المهجر غير العودة لبيته، فهو يراه اليوم، لا تضاهيه ارقى العروش، حتى وان كان بيته هامشي الموقع وهش البناء.
غدا النازحون مترقبين بقلق دائم يتخطى حدوده ليصل الى مستوى الاحباط، في حين كانوا يحسبون انهاء محنتهم بايام معدودات، لا بل بساعات. وربما حتى باقل من ذلك. وصارت نبضات قلوبهم تتماثل مع ايقاع دقات عقارب الساعة. التي يحسبونها لدغات مؤلمة، لاتقل لسعاً عن لدغات العقارب الحقيقية. فما عساهم يشعرون بغير ذلك، حينما يسمعون بأن مصيبتهم ستبقى سنين؟. انما يحز في النفس وللاسف الشديد هو تركهم من قبل المعنيين، يفتقدون لمن يجبر بخواطرهم في اقل تقدير، ويوقف الاصوات التي تعلن ليل نهار بان قضية النازحين ستبقى الى امد طويل. ان هذا الامد لا يعني في حقيقة الامر، سوى نزف دائم لمعنوياتهم وفي ذات الوقت نزف اكبر لخزينة الدولة، التي لا تحسد على حالها الخاوية اصلاً. وبمعنى من المعان، سيكونون مهددين بشحة لقمة العيش، وبضيق خيمة بائسة، لا تستر احوال عوائلهم المنكوبة.
ان الذي يزيد الطين بلة هو ما آلت ليه لقمة عيشهم اليومية، حيث باتت عرضة للسرقة الرسمية، من قبل كبار المفسدين و"سنافرهم" التي انتشرت بين ثنايا مخيمات النازحين، ليس هذا فحسب انما وصل الامر الى تأسيس شركات وهمية تعود ملكيتها لأبناء المسؤولين. يتحاصصون العقود المليارية على طريقة ابائهم، التي حينما تصل موادها الى المهجرين، لا تعدو عن كونها "قوت لا تموت". هذه الحال المزرية امست كالسخونة التي تبشر بالمرض القاتل، الذي لا رجاء بشفائه. المهجرون قد فروا من خطر ذئاب داعش. فوقعوا فريسة دسمة بافواه ضباع الفساد التي من ابرز سجاياها الاعتياش على اشلاء الضحايا.
ولابد من التنويه ان داعش لا تحارب بالسلاح الناري فقط، وانما باساليب خبيثة اخرى. منها الدعاية المرعبة، والذبح جماعي للاسرى، وسرقة الاموال العامة والخاصة، واستثمار الموارد الحكومية وغيرها. انما اكثرها تأثيراً هو، اعتماد "سلاح التهجير" الذي يكلف الطرف الاخر اعباءً اجتماعية واقتصادية ومعنوية تكسر الظهر، وهذا اشد ما تعاني منه بلادنا اليوم. فمليونان نازح قد كلفوا الدولة العراقية اكثر من مليار دولار بغية توفير ابسط متطلباتهم، خلال فترة ثلاثة اشهر فقط، والحبل على الجرار. اذاً تبقى الحيرة تلف قوى شعبنا الوطنية بكل فئاتها، حيال المدى الذي سيبقى النازحون عليه وهم يكابدون هذه المعاناة، ومن جانب اخرى ما هي التبعات التي سيتحملها البلد من كلفة مالية كبيرة، في ظل عجز في الميزانية يفوق الثمانين ملياردولار؟ .
وهنا لا نريد ان نقلل من الجهود المبذولة من قبل قواتنا المسلحة والحشد الشعبي، وكذلك دعم التحالف الدولي. وما تمخض عن ذلك من تحرير بعض البلدات والمناطق من براثن الداعشيين، الا ان كل ما انجز لا يبشر بطرد قوى الارهاب، وارجاع المهجرين الى ديارهم بالمدى المنظور، كونه لم يجنبهم من "لدغات" عقارب الساعة التي كلما مرت بدقائقها لا بل بثوانيها تزيد شعورهم بلسعاتها المؤلمة. لذا بات من مقتضيات هذه الحالة المأساوية الملحة وغير القابلة للتأجيل، ان يجرى العمل على اختصار الزمن، وذلك باستدعاء باي دعم عسكري نزيه، سواء جاء عبر السماء او على الارض وهذا الاخير هو الاكثر اهمية واقوى فاعلية. على ان يبقى الاحتفاظ بحق الاشراف العراقي على مساراته ومدى آفاقه. حينها سيختصر الزمن وتبعاً له تختصر معاناة النازحين وتختصر الخسائر ايضاً، على مختلف الاصعدة.





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن