من المعاناة من العنف الرمزي و التضييق به زمن الإصلاح إلى قراءة في هندسة الوظيفة الإستلابية للعنف الرمزي في إطار رأسمالية أو رسملة المدرسة و أوبيك(1) المعرفة:قراءةى في بانوراما الدكتور صابر جيدوري لكتاب : رأسمالية المدرسة في عالم متغير : الوظيفة الإستلابية للعنف الرمزي للدكتور علي أسعد وطفة .

عبد الله عموش
ammouch.mmb@gmail.com

2014 / 10 / 19

قراءةى في بانوراما الدكتور صابر جيدوري لكتاب :
رأسمالية المدرسة في عالم متغير : الوظيفة الإستلابية للعنف الرمزي للدكتور علي أسعد وطفة .

المؤلف للدكتور علي أسعد وطفة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ، في هذا الكتاب يرسم و يضع المؤلف تصورا جديدا للمقاربة الوظيفية في إطار سوسيولوجيا التربية فيما يخص وظائف المدرسة ما بعد زمن العولمة و الحداثة ، كتاب يعج في معانيه بنظريات ودلالات و أفكار لا تقدر بقيمة مهما كانت من حيث القيمة العلمية و المعرفية الناذرة ، فهو كتاب غني في مدركاته بفكر نقدي جدير بالمعرفة و الإطلاع ، كتاب أصيل من الناحية الفكرية التي رصد بها المؤلف علاقات كل من الرأسمالية كنموذج فكري من بين نماذج الأفكار السياسية ، و المدرسة .

لقد تعرض المؤلف الدكتور علي أسعد وطفة لقضايا المدرسة و العولمة و الثقافة من المنظور النقدي المعروف به كمفكر عربي في في علم الإجتماع التربوي و بقدرته على التأصيل في النمذجة و الفكر التربوي الحديث و كخبير ذي أصالة علمية في إطار علم الإجتماع و نقده داخل المدرسة النقدية الفرنسية بريادة الناقد الكبير بيير بورديو الذي مأسس للعلاقة الجنسية و الزواجية في عرس ثقافي بهيج "مؤلفه" بين التربية و الحياة السياسية الرأسمالية كفضاء للفكر الحداثي المتجدد.

و المؤلف يضع الأصبع في مؤلفه (رأسمالية المدرسة ) على جل القضايا التربوية و التعليمية الحساسة و الجوهرية في عالم اقتصاد المعرفة في النظام الرأسمالي الجديد أيا كانت رقعته الجغرافية إقليميا وسياديا . و قد جمع فيه المؤلف بين ما هو نظري و ما هو خبراتي و تلاقى فيه الفلسفي و النقدي / الرؤية المتدخلة جدلا (الناقدة ) . ففي جوهر الكتاب تناول الدكتور وطفة دور المدرسة الإستلابي في الأنظمة الرأسمالية المعولمة ، إلى جانب منهج توظيف المدرسة في خدمة الطبقات الإجتماعية السائدة في المجتمع أي المنهج الخفي الذي توضحه و تجليه و تفضحه تحولات العنف الرمزي و التواصل الأخرس أو لغة الصم كقوة وسلطة تضرب النواحي الإنسانية داخل المدرسة و تفتتها و تقضي عليها لتعلن موتها ، و طبعا لكل عنف أدواته المادية ؟!! لتتحول المدرسة مع الرأسمالية الجديدة إلى واحدة من أدوات الإنتاج الرأسمالي و جهاز صناعة /إنتاج و إعادة تصنيع /إعادة إنتاج النظام الرأسمالي الجديد و عبر التوظيف الطبقي و الإيديولوجي للفاعلين في إطار الإصطفائية التربوية بكل ما تعنيه الإصطفائية من معنى ، و يقف الكتاب على دور المدرسة الرأسمالي زمن اقتصاد المعرفة و المولتيميديا باعتبارها باراديكما ـ نموذج ـ لمدرسة مسلحة بوسائل الإتصال الرقمية و التكنولوجية التي أفرزتها التقانة ، و هو أيضا ـ كتاب ـ يعرض و يكشف بجلاء عري و حضور الإستلاب و صراع الطبقات في الحياة المدرسية و فضاءاتها الزمانية و المكانية و المظلم منها على وجه التحديد .

ليس يصف المؤلف و فقط المتدخلين في الفعل التربوي و النموذج العلائقي القائم بين كل من المدرسة و التنظيمات الإجتماعية التي أفرزتها الر أسمالية الجديدة ، إنه يقترح نموذج مدرسة مؤنسنة و عادلة . إنه من الصعوبة بمكان تقدير و تقييم المؤلف (بتشديد و فتح الام) من خلال نظرة بانورامية لمؤلف (رأسمالية المدرسة في عالم متغير " الوظيفة الإستلابية للمدرسة) .

ـ دور المدرسة الإستلابي في النظام الرأسمالي الجديد

يرى النظام الرأسمالي الجديد في المدرسة أداة لتحقيق هدفين :
1) تخريج مؤهلين و مؤهلات يضطلعون بأدوار الرأسمالية التسويقية لإعادة تأهيل قدرات النظام الرأسمالي .
2) إفراز طبقة عمالية بمقدورها تحقيق متطلبات و حاجيات ذات النظام .و تبعا أو تأسيسا على هذين الهدفين الوظيفيين للمدرسة ، جاء تمييز المؤلف بين مرحلتين .
الأولى " يجب العمل فيها على أن تخضع المدرسة لمنطكق و قانون الرأسمال الخاصين به عبر سن أنظمة تعليمية و تربوية تطابق و تساير متطلبات نموذج الحياة الرأسمالية المتحولة في الزمان و المكان .
الثانية : تعويد المدرسة على طوابير العمال الذين سيشكلون الطبقة العمالية للإنتاج و الإستهلاك سويا . مع توفير آليات و قدرات و كفاءات كفيلة بإعادة إنتاج نفس البنيات الإجتماعية السائدة و التي تدخل في تركيبة البناء المجتمعي الطبقي المكون من عريض أبناء الشعب و بأطر تبيع قوتها الذهنية و الجسدية لأجل ذلك مع توفرها على هامش من القدرة القتالية تواجه بها من يتفوق عليها أو ينافسها من كفاءات متشبعة بروح الإرتباط بمصالح مسحوق الطبقات الإجتماعية من جهة و متشبعة بمبدأ تكافؤ الفرص التطبيقي و المعادية لأطروحة إعادة الإنتاج بما فيها من خذلان للمجتمع و تبخيس لذكائه من جهة أخرى .

وليس بغريب أن يعتبر المؤلف بأن وظائف المدرسة الرأسمالية الجديدة و ما رافق ذلك من نقلات نوعية بسبب التكنولوجيات الجذرية المعولمة قد جردت المدرسة من استقلالها التربوي ، و قلص من دورها الإنساني المتعلق بشق البناء الثقافي و معيارية القيم و تصدعت المدرسة بفعل جرافات و معاول الرأسمالية الجديدة و مطارق تثبيت بياناتها و بلاغاتها و و مختلف ملصقاتها الخرافية وبجدران المدرسة و مسخ ذاكرتها بشيع من أتباع الخرافة و الأسطورة و الفكر الظلامي المتواطئ ...

هذا لتنحرف المدرسة عن مسارها الحضاري و الإنساني و إخضاعها قسرا ـ سرا و علانية ـ للنموذج الحضاري وفق تنظير الرأسمالية الجديدة الذي يلائم و ينسجم و متطلبات مقتضياته ، و بالإضافة إلى جعلها ـ المدرسة ـ من ةالأدوات التي تخدم التنافسية الإقتصادية ، فإننا نجد تجدير التفاوتات الجتماعية في بلوغ المعرفة ،. هي إذا دورة رأسمالية تظهر فيها المدرسة مؤسسة إنتاج عالم رأسمالي وفق تصوراته الإجتماعية . و بذلك تسقط في أبشع جريمة اجتماعية و إنسانية ترتكب في تاريخ المدرسة و بها ، و ذلك عن طريق محدودية التعليم و المحدود الكفاءة و الفرص و المقدم لأبناء طبقة العمال و المهمشين و المفروض به إزاحة مصائرهم إلى قوات عمالية تستخدم في الإنتاج و مادة خام كذلك في فلك الإنتاج للمجتمع الرأسمالي ، موازاة مع ذلك تدفع و تحفز قلة من مرتاديها من علو الطبقات الإجتماعية نحو تعبئة استعداداتهم الفطرية و الوراثية لبلوغ مناصب في إطار التنافسية العالمية التي يتزعمها و يحميها النظام الرأسمالي الجديد ، ليس إلا و ذلك عل مستو الإبتكار و التجديد العلمي بجميع اتجاهاته و تحت رقابة مشددة تحت طائلة التسريبات العلمية نحو مسحوق الشعوب المستغلة بشريا و طبيعيا ؟!!!!

تجليات و مفهوم العنف الرمزي في التربية
درءا لكل غموض و توظيف خاطئ لمفهوم العنف الرمزي ، و بالقطع مع التعاريف اللغوية و الإصطلاحية التي تعرضت لمفهومي العنف و الرمز ، فإن المؤلف يعتبر المفهوم بمثابة المدخل السوسيولوجي المعاصر من بين التي تعنى بالنمذجة في ستقراء الظواهر الثقافية و الإجتماعية فهو ـ مفهوم ـ يحظى بمكانة مميزة كمفهوم تربوي اجتماعي و أداة سوسيولوجية بمقدورها أن تفهم و تحلل جل المناحي الحاضرة و المتوترة في الحياة الثقافية . و يذهب المؤلف في هذا الإتجاه معتبرا العنف الرمزي نزوع إلى خلق وضع إذعان و خضوع عند الغير عبر فرض برنامج منظم من أفكار و معتقدات صادرة عن نخبة أو قوة اجتماعية طبقية ممركزة أو مقربة من كرسي الهيمنة و السيادة / السلطة و الحكم والإدارة... . بهدف تقنين المعتقدات و الإيديولوجي المرخص لها و المأذون ترسيخها في وجدان و تفكير الخاضعين لهذا العنف ، والذي منطلقه نظرية المعتقدات و إنتاج نمط المثاقفة أو الإنتاج الثقافي و القيم المسموح بهما لينتج عن ذلك إنتاج الكفاءات التي ستضطلع فيما بعد بمهام ووظائف التطبيعين الثقافي و الإجتماعي في وضعيات خطاب سلطوي ثقافيا و إيديولوجيا يمكن من السيطرة و إخضاع الآخر و تطبيعه !!!!!!!!!!
ينضاف إلى ذلك أن كل عنف تربوي ما هو إلا شكل من أشكال الإكراه المؤسسي المحسوس و المعلن و المستتر و المضمر و الخفي و الضمني الموازي للمارسة التربوية في مؤسسات رسمية ، و هو ـ العنف التربوي ـ بهذا فإنه يمارس في المدرسة و الأسرة و الجماعات . و في الحقل التربوي فالعنف في المؤسسة يولد العنف في المجتمع . و في اتصال بالعنف المدرسي فإن الإشارة جديرة إلى العنف الجسدي أو البدني بين الأطراف تلاميذ/ تلاميذ طلاب/ أساتذة و العكس أساتذة / أساتذة ، و إلى العنف السيكولوجي و هو المعتمد على قدرات التبخيس و الإزدراء و الإهمال و التحقير و الإصرار على الإذلال إلى حد العنصرية حسب الأصل الثقافي و الإجتماعي و الثروة و حسب السلم في الهيمنة باعتماد مدرجات الحقل و الرأسمال و العادة (أنظر في هذا الصدد : نحو سيوسيولوجيا الكشف عن الهيمنة لبيير بورديو ـ و العهر الأخلاقي في صفوف الكفاءات نفسها ـ في إطار ما سمي صراع البروليتاريا داخل أطروحة سيكولوجيا السلطة عند كوستاف لوبون . و تجدر الإشارة كذلك إلى العنف اللفظي في المدرسة و المتمثل في الإعتداءات اللفظية في صفوف المعلمين و التلاميذ على حد سواء .
و حراك النماذج اللغوية في المدرسة هو عملية تربوية تشكل و تبعث على العنف الرمزي و ذلك باعتبار الوسط المدرسي حلبة الصراع اللغوي الرمزي لنماذج لغوية إما طبقية أو إثنية لسانية ، و ذلك اعتباراللغة " نظاما رمزيا للدلالات و التصورات الرمزية " حسب بورديو في نظريته الرمزية . و هي ـ اللغة ـ " الحامل التاريخي للرموز و التصورات و الدلالات و المعاني " و تعدد الحياة الإجتماعية نتاج لتعدد الصيغ اللغوية و لهجاتها .كما يمكن اعتماد الصنافة اللغوية بهذا الشكل حسب المؤلف ": "لغة العمال" ،"لغة الفلاحين"، "لغة الطبقة البورجوازية" ، لغة الطبقة الوسطى " ، لغة الريف " ، "لغة المدينة" ، " العامية و الفصحى" بلوغا " لغة النساء " والويل لهذه اللغة في حراك اللغات وفي إطار العنف الرمزي في المدرسة ، ....(لنا عودة إلى هذا الموضوع ذي الإرتباط بالطبقة الزعاماتية ) .
إن تعدد الطبقات و الفئات الإجتماعية ، و إن كون اللغة بنية عقلية لها وجه نفسي واجتماعي و إجرائي تكسب الفر د شرعية وجوده و الإحساس به و بكينونته الواعية ، و كونها ـ اللغةـ هيأة رمزية خطيرة للغاية في المجتمعات بمختلف طبقاته فإنها تشكل الإطار الرمزي للوجود أو النفي الإجتماعي و تشكل أكثر أدوات العنف الرمزي حدة في خطورتها حينما تقمع في الشخص المعنف في الوسط المدرسي ، و درجة العنف الرمزي هذه لا يمكن تحقيقها إلا بضلوع خبراء الشر فيها داخل المدرسة ....

...................................يتبع .


ملحوظة : نسخة لم توجه إلى المعني بالأمر



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن