كيف نصنع الديكتاتور

نبيل عبد الأمير الربيعي
Nabeel_alrubaiy58@yahoo.com

2014 / 10 / 10

كيف نصنع الدكتاتور
نبيل عبد الأمير الربيعي

اكتسى الانسان منذ ظهور الدولة كيف يصنع الدكتاتور ليسيطر على مقاليد الأمور في حياته , وصناعة الدكتاتور مهنة قديمة قدم ظهور الدولة على مرّ التأريخ البشري , الدكتاتور كان رأس الدولة , كي يستمر في السيطرة المطلقة على الدولة وكل ما يتبع أمورها , كان لا بد من اختيار المساعدين والاتباع , ولضمان الولاء المطلق له في كل صغيرة وكبيرة بأمور الدولة والمجتمع .. وأس الدولة يتدخل ويتصرف حتى في بلورة وصياغة شخصية الفرد والاتباع , كأختيار الألبسة , شكلها ولونها وفي أسلوب الحديث والمخاطبة , بل وفي الوقوف والاصطفاف صفاً واحداً وكيفية الانتظار والدخول إلى ديوان السلطة , ومكان الجلوس وطريقة الكلام , ومن يحق له الكلام أو من يكون بادئاً في الكلام , وهذا ما نشاهده اليوم في عالمنا الثالث.
كي يستمر الأتباع في الولاء المطلق للرجل الأول , كان لا بد من تلبية احتياجات البطانة , وهكذا كان الرجل الأول يطلق العنان لمن يختاره ليتصرف على هواه من جمع الأموال والغنائم , واستخدام جميع أساليب القمع والقسوة تجاه من يحيد عن طاعته.
مهما طغى الإنسان ومهما كانت قسوته , فإنه لا يمكن الحد من طموح وانانية الفرد في المجتمع , فالأنانية والرغبة في امتلاك شيء أو كل شيء , هي غريزة تكمن وتكبر وتنمو بأستمرار لدى الإنسان.
نرى ونلمس هذه الغريزة الإنسانية , منذ الطفولة , يبدأ الطفل أول ما ينطق كلماته الأولى نراه داخل البيت وهو يقول لأحد افراد عائلته (هذا ليّ أنا وذاك ليّ أنا ) وتتحول كل حاجات داخل البيت ملكاً لهُ بدءً بلعب الاطفال وصولاً الى جهاز التلفاز , أو أية قطعة أخرى ثمينة أو غير ثمينة , وأني اعتقد هكذا ظهر وتطور ما نسميه بالاستبداد أو الدكتاتورية المطلقة , كغريزة إنسانية لأمتلاك كل شيء.
أن هذه الحالات , حالات غريزية للإنسان , سوف تبقى وتستمر طالما هنالك حياة واستمرارية للحياة , أن هذه الغريزة لا تخفى وتضمحل نهائياً , وأنما تتحول وتتطور لتأخذ اشكالاً وابعاداً أخرى, فالدكتاتورية الفردية , تتحول إلى دكتاوترية الطبقات السائدة في المجتمع , كما ظهر منذ أول تقسيم اجتماعي للبشرية.
فإذا كانت حاجات الفرد وطموحاته قد انتجت السيطرة الفردية التي تستكبر , لأن هنالك مصالح اقتصادية وسياسية متباينة ومتناقضة , وهي كثيرة وغالباً ما تكون تناحرية . ولا يمكن حل هذه التناقضات إلا بحروب اقليمية كانت أم دولية , أو من خلال الثورات الشعبية , عندما تصل الطبقة العاملة وسواد الشعب الاأظم إلى حالة الأملاق , هكذا قرأنا عن تاريخ المجتمع , وجدنا أن الرق يتعب ويشقى ويناضل ويوحد الصفوف من أجل التحرر من العبودية ومن الأسياد . هذا هو قانون الصراع الطبقي الذي اكتشفه كارل ماركس ولا يزال مستمر وأن يأخذ اشكالاً أو ابعاداً أخرى في هذه المنطقة أو تلك , ولا يتنكر لهذا المفهوم , مفهوم الصراع الطبقي إلا هؤلاء الذين اعياهم النضال أو الذين انتقلوا إلى المعسكر الآخر , معسكر الرأسمالية وآلتها الدعائية .
بعد هذا التقسيم في المجتمع البشري ظهر الأقطاع وطبقة الاقطاعيين , كان الفلاح والمزارع يعمل ويكدح من اجل الأقطاع والنظام الأقطاعي , ناظلوا ضد الأقطاع والدولة الأقطاعية وصولاً إلى الدولة البرجوازية ورأسمالية الدولة الأحتكارية وقمتها الولايات المتحدة الامريكية التي تتحكم بكامل امور الدولة والمجتمع , وخاصة المجمع المالي الصناعي الضخم , وصولاً إلى ما نسمعه منذ سنوات بالعولمة , فالحزبان الرئيسيان الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ما هما إلا واجهة للـ(كونسرسيوم) حيث الاخير لا يمارس السياسة بصورة مباشرة بل توكلها لمجموعة تختارها وتدفعها لخوض انتخابات صورية بعيدة عن الديمقراطية , فالأحتكارات هي التي تصنع المسؤولين خلف الكواليس وبعيداً عن الشعب .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن