استقلالية القضاء في المنهاج الوزاري للحكومة العراقية الجديدة

ناصرعمران الموسوي
naser68march@yahoo.com

2014 / 9 / 26

استقلالية القضاء
في المنهاج الوزاري للحكومة العراقية الجديدة.


تنص الفقرة (رابعا ) من المادة (76) من الدستور العراقي الدائم على مايلي (يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف ،اسماء اعضاء وزاررته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ويعد حائزا ًثقتها ،عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالاغلبية المطلقة )
والمنهاج الوزاري هو الرؤية الاستراتيجية للحكومة الجديدة في ادارة الدولة والذي يتضمن المبادىء والاسس التي تعتمدها الدولة في وضع الية ادارية فعالة تنطلق من منظومة اجتماعية واقتصادية وثقافية تخضع لتنظير ودراسة موضوعية وتصور مستقبلي في ادارة مؤسسات الدولة للوصول الى الاهداف الموضوعة ،وهذا المنهاج الوزاري لا يتأتى منفردا ً وانما يشكل تمازجا ً مهما بين الرؤى الداخلية والتجارب السابقة وبين الرؤى والتجارب العالمية ليصاغ بشكل ينطلق من رؤى الداخل المجتمعي متلاقحا ً مع الانموج التطبيقي الخارجي ،وكل ذلك يتم عبر مراكز للابحاث والدراسات الاستراتيجية والادارية التي تخرج بحصيلة مهمة وهي البرنامج المعد من قبل الحكومة في ادارة الدولة ولان الدستور يؤكد على ايجاد برنامج سمي بالمنهاج الوزاري تقوم الحكومة على اساسه بادارة السياسة العامة للدولة تخطيطا ً وتنفيذا ً وصول الى الارتقاء بالمؤسسات القانونية والدستورية للدولة وتطبيقا ً لتحقيق نظامها الديمقراطي القائم على احترام حقوق الانسان والحريات العامة وتحقيق العدالة ماوسعها ذلك.ولكن الذي يلاحظ على المنهاج الحكومي لحكومة الدكتور العبادي انه كان في جله تبادل لا وراق تفاوضية بين الكتل السياسية التي هيمنة على البرلمان وان البرنامج الحكومي اعتمد ذات المبادىء التي توسم المنهاج الوزاري للحكومات التي سبقته . ولكن الغريب في الامر ان المنهاج الوزاري لحكومة العبادي المنشور لم يتطرق الى الاشارة في دعم استقلال القضاء وفرض هيبته وتذليل العقوبات التي تعترض طريقه كما جاء في منهاج الوزارات التي سبقته بالرغم من ان منهاج وزارة الدكتور العبادي تضمنت التاكيد على فرض سلطة القانون واحترام حقوق الانسان ومكافحة الارهاب والفساد وكلها تحتاج الى فاعلية علائقية بين القضاء والسلطة التنفيذية فمجلس الوزراء وبموجب المادة (80) يمارس صلاحياته الاتية :
اولا ً:تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والخطط العامة والاشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة .
ثانيا : اقتراح مشروعات القوانين :
ثالثا:اصدار الانظمة والتعليمات والقرارات بهدف تنفيذ القوانين .
رابعا :اعداد مشروع الموازنة العامة والحساب الختامي وخطط التنمية .
..............) وهي ليست بعيدة في تنفيذ صلاحياتها عن السلطة القضائية مع الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات الوارد في المادة (47) والذي يعني ان تمارس السلطات الاتحادية اختصاصاتها على اساس الفصل بين السلطات وهو ليس فصلا ً مطلقاً كما يعتقده البعض وانما هو فصل في الاختصاصات التي تظهر فيها هذه السلطة باعتبارها صاحبة الاختصاص دون تدخل السلطات الاخرى والذي لايعني عدم التعاون بين السلطات في تحقيق البناء المطلوب لمؤسسات الدولة التي تعتمد على انسيابية عمل السلطات وتكاملها ،واذا كان البيان الوزاري قد اغفل ذكر القضاء واستقلاليته والعمل على دعمه من منطلق مبدأ الفصل بين السلطات فبماذا نفسر ما ورد في البيان الوزاري لحكومة الدكتور العيادي وفي الفقرة (10) التي اكد فيها التعاون والتنسيق مع مجلس النواب في التشريع والرقابة ،وما ينطبق على مجلس النواب ذاته ينطبق على السلطة القضائية ، واذا كانت هناك اشارة عامه على ان الحكومة ستكون لها علاقاتها مع مختلف السلطات وتم ذكر السلطة القضائية ،فان الحكومة التزمت ببرنامجها الحكومي باتفاق الكتل السياسية والذي تضمنت الورقة الاتفاقية استقلال القضاء وابعاده عن النزاعات الطائفية والسياسية والعمل على دعم استقلاله والالتزام بتشريع قانون المحكمة الاتحادية وقانون مجلس القضاء الاعلى ،وهو امر مخالف لاستراتيجية مجلس القضاء الذي يسعى لا صدار قانون موحد للسلطة القضائية ،ان الاشارات الواردة في منهاج وزارة الدكتور العبادي والخاصة بالقضاء خرجت من تصورات الاوراق التفاوضية للكتل السياسية ولم تات من رؤية منهجية موضوعية خاضعة للدراسة والتطبيق ،فصدور قانون لمجلس القضاء الاعلى وقانون للمحكمة الاتحادية وفق هذا التصور لايحقق لا السياسات السليمة للحكومة ولا استراتيجية السلطة القضائية كونه وبكل بساطة يعتمد اليات تقليدية في اقتراح مشروعات القوانين مندفعا ً بالضغوط السياسية في انتاج وخلق هذه القوانين وبخاصة قوانين السلطة القضائية والدليل ان المنهاج الوزاري تضمن العمل على تفعيل اليات مكافحة الفساد معتمدا ً بشكل فعال على هيئة النزاهة ولم يدر في خلد واضعي المنهاج الحكومي ان تفعيل قانون الادعاء العام وجهاز الادعاء العام والعمل على تشريع هذا القانون بالتزامن مع قانوني المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الاعلى وتحقيق استقلالية هذا الثالوث القضائي سيحقق انتاجية وفاعلية كبيرة في القضاء على الفساد المالي والاداري ، ان المنهاج الحكومي لوزارة الدكتور العبادي اذا لم يحمل رؤى جديدة في مقترحات القوانين والتعويل على سلم الاولويات في الاهمية
والتعاون البناء مع القضاء وايجاد قنوات ارتباط بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية التي ستقوم باعداد القوانين وتقديمها للسلطة التنفيذية التي تقدمها بدورها للبرلمان في اقرارها والذي سيكون هناك ممثل للسلطة التنفيذية في البرلمان داعم ومدافع ومحفز في اصدار القوانين , ان المرحلة التي يعيشها العراق والتي تشكل خطرا ً وجوديا على كيان الدولة تقتضي وجود سلطات مترابطة مع بعضها متعاونة فعالة ولايمكن ان يكون ذلك الا بوجود سلطة تنفيذية قادرة على مواجهة التحديات وسلطة تشريعية داعمة لكيان الدولة التشريعي والرقابي وقضاء فعال في جوابه الدستورية والقضائية والرقابية ،وهو مايجب على حكومة العبادي تحقيقه بمعاضدة ومؤازرة من الجميع .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن