التحالف الدولي لمحاربة داعش (ايك أعني وأسمعي يا جاره)

محمد عبد الله دالي

2014 / 9 / 24

التحالف الدولي لمحاربة داعش ( إياك أعني واسمعي يا جاره)
أصبح العراق مسرحاً لمحاربة الإرهاب ، بعد أن منحت القوى الرجعية والمنظمات الاسلاميه المتطرفة ،التنظيم الجديد اسم الدوله الاسلاميه في العراق والشام ،وباختصار ( داعش ) مما لفتَ انظار المجتمع الدولي والمنطقة ،لذا طلبت الحكومة العراقية من الولايات المتحدة التي تربطها معها اتفاقيه أمنيه ،المساعدة على ضرب قوى الإرهاب المسمى داعش ،تحركت أمريكا تحركاً خجولاً في بادئ الأمر وببطء محتجة بعدم تشكيل الحكومة العراقية ،وعندما تدخلت كان لحماية مصالحها في شمال العراق ،وقامة بضربات إنتقائيه لمواقع مهمة لهم ،وإن هذه المماطلة في تطبيق المعاهدة الأمنية ، يدلل على نية مبيته لدى الأمريكان .فعليه دعت إلى مؤتمر لمكافحة الإرهاب في جده ,ودعت العراق له وأبعدت روسيا وإيران وعدم حضور تركيا للمؤتمر ومن المفارقات إن السعودية وقطر الممول الرئيس للإرهاب يعلنون بأنهم يعدون العدة لمكافحة الإرهاب ،وقد دفعت الأردن والسعودية بقطعات عسكريه لمراقبة الحدود , وفي الوقت الذي ينعقد المؤتمر ،كانت داعش تهدم المعابد والآثار وتهجر السكان وتأسر النساء وتبيعهم في سوق النخاسة أمام أهاليهم وتقتل الناس بالجملة .
تحركت امريكا لعقد مؤتمر دولي في باريس على مستوى أربعين دولة ،واستثنت إيران الجار الأبدي للعراق وروسيا اللاعب المهم في المنطقه ،لكن هذه المرة أكد المؤتمر على ضرب داعش في سوريا ،والسبب إن داعش تساعد نظام الأسد وتحارب الجيش الحر والفصائل المسلحة الأخرى وعندما رَدً نظام الأسد على مقررات المؤتمر قائلا لن نسمح للطيران الأمريكي بخرق مجالنا الجوي وسنمنع ذلك ردً اوباما ( سندمر دفاعاتكم الجويه بالكامل ) إذا اقتضى الأمر ، مما يؤكد إن التدخل في ضرب داعش في سوريا يأتي هذه المرة بتفويض دولي كما حدث في إسقاط النظام السابق في العراق حين جمعت أمريكا أكثر من ثلاثين دوله لمحاربة صدام حتى يضيع دم العراقيين بين القبائل .
إن هذه المرة جاءت امريكا بنفس الحالة ولكن بشكل أخر .
ــ أولا إن تضرب عصفورين بحجر واحد ، وهو مراقبة الحدود بين العراق وسوريا ،لمنع الإمدادات الى سوريا من إيران أو الروس
ــ ثانياً الحَد من نشاط إيران والضغط عليها من خلال تواجدها في شمال العراق ،وزج عملائها بشكل فعلي لتغيير الخارطة السياسية في العراق .... ــ وثالثا تريد الولايات المتحدة العودة إلى العراق بشكل آخر وهو تبدأ بالقصف الجو وبالوقت نفسه ذاته تمد يد العون للارهبيين على الأرض ولا يخفى على المتتبع ذلك ..إلا ماذا يعني إن الإرهابيين تحت غطاء داعش يملكون أحدث الاسلحه ووسائل النقل احدث ما يكون ،وليهم سيطرة اللكترونيه تفوق قدرة الدولة ،ولديها من الخطط التي يعجز عنها الجيش العراقي .
ــ ورابعاً استخدام الولايات المتحدة الأرض الهشة والرطبة واستغلال تذمر السكان وأزلام النظام السابق ومن خونة الشعب العراقي ، وللأسف من أبناء المنطقة الغربية والشمالية ، مما مهد بشكل دخول الإرهاب الممثل بداعش ، بسرعة مذهله حيث سبب صدمه للجيش العراقي والعالم ،وفي الوقت الذي استعاد الجيش نفسه واستوعب الصدمة، كانت داعش تزحف بشكل سريع فحركت الخلايا النائمه من النظام السابق للتحرك معها وحصلت على تمويل ذاتي ومن بعض الدول في المنطقة ومما تحصل عليه من اموال النفط وساعدت بعض الدول بمساعدة داعش بتصدير النفط وبيعه وحتى تكريره من الحقول السورية المستولى عليها من قبلهم .
كل هذه المعطيات التي تجري في المنطقة من البحر الأبيض المتوسط الى الحدود الايرانيه ،تجري وفق مخطط لتفتيت الشرق الأوسط والحد من نشاط القوى المضادة للسيطرة على المياه الدافئة في منطقة الخليج والعراق بالذات لأنه المحور الأساسي الآن إن للصراع السياسي بين كل الأقطاب ، تركيا في الشمال وإيران في الشرق وسوريا والأردن في الغرب ودول الخليج اللاعب الأساس على الساحة العراقية ، وما يجري الآن أمام السياسيين العراقية ،وهو إن مشروع بإيدن يلوح بالأفق هو تقسيم العراق إلى ثلاث فدراليات أو دويلات ليسهل السيطرة عليها ،وإدارتها كما يريدُ بعض دول في الخليج .

إن جهل الساسة وعدم قدرتهم على حل طلاسم اللعبة التي تجري في العراق ،وعدم الدقة والحنكة في التعامل مع الحدث ومع من يدير المنطقة ، أدى الى تدمير ما بقي من البنى التحتية ،والرجوع بالبلد الى القرن الثامن عشر وهذه حقيقه يجب الاعتراف بها .
إن الجيش العراقي بُني على أساس مناطقي وليس على أساس وطني مهني وهو مخترق من قبل أزلام البعث ويفتقر الى أبسط القوانين العسكرية ،ومن ومن نوعية العدة والعدد والتسليح ،وهذا ما أرادته امريكا المحتلة وحاكمها المدني ( بريمر ) عندما حل الجيش العراقي ، لأنه من اقوي الجيوش ، عدة وتنظيماً ومشهود له على الساحة العربية.
وبعد الاتفاقية الأمنية ، تعهدت أمريكا بتسليح الجيش العراقي وتدريبه ومساعدته في بناء البني التحتية فيه ،لكن القوى السياسية في العراق لم ترتقِ لمستوى الحدث ،واعتبرت الاتفاقية احتلال دائم للبلد ،ورفضت بقاء اي جندي أمريكي على الأرض العراقية واعتبرته انتهاك لسيادة البلد ،ولم تلتفت هذه القوى ، إن السفارة الامريكيه تقدر بثلاثة الآلاف عامل فيها والله اعلم ما هي أعمالهم ،وهي اكبر سفارة في العالم .
ونتيجة لهذا الرفض والتعنت السياسي أوصلنا الى ما نحن عليه الآن ،فاستغلت الولايات المتحدة ضعف الأداء السياسي والإداري للحكومة العراقية بقيادة نوري المالكي ، الذي يتحمل المسؤولية كاملة عما حدث و الذي يحدث الآن وطبقت خططها ، بتحريك المنطقة الغربية ، وبأيدي عربيه وبدعم أمريكي إسرائيلي ،مستغلة الحشد الطائفي والعرقي وسوء الاداره وتجاهل الأحزاب الاسلاميه لمطالب التظاهرات والاعتصامات ، فأصبح الوضع الأمني في العراق لا يطاق .مما أدى هذا الوضع الى تذمر واسع بين أوساط الشعب ,فظهر واضحا بالتظاهرات والاعتصامات في المحافظات وتجاهل هذه الحالة من قبل الحكومة وضربها في عدة مناطق من البلاد .إن الولايات المتحد قد أوصلت العراق الى حد من قدرته على رد اي عدوان بعدما اشترت ذمم الكثير من القادة ورؤساء العشائر وأزلام النظام السابق بدأت بتطبيق خططها الدنيئة .
فجاءت بداعش من سوريا ومعها الأدلاء والخبراء من النظام السابق وهم على مستوى عالٍ من التدريب ولإدارة الوضع مع داعش ، وظهر واضحاً إن المواطن العراقي في المنطقه الشمالية والغربية كان لديه مبرر من طلب المساعدة من هؤلاء القتلة بدون معرفة منه ، ماذا سيحدث مستقبلاً ..فكان هذا عقاباً جماعياً من الولايات المتحدة ومخابرات الدول المجاورة والموساد .جاءت امريكا الآن ، وفي جعبتها الكثير ،لتقول لحكام النطقة وخاصة للعراق وايران وسوريا ، جئنا لمحاربة داعش رسميا .وضرب مواقعه وتدميرها وحماية الشعب العراقي والمنطقة وهددت النظام السوري علنا بضرب دفاعاتهم وتدميرها إذا رفضت ذلك فبادروا بضرب الرقه ومناطق الحدود بين العراق وغرب بغداد ،ويراقبون الحدود بين العراق وسوريا وبين العراق وإيران ، للحد من الدعم اللوجستي لنظام الأسد وقطع الإمدادات عنه .
فبدأت مرحلة جديدة من الصراع الآن في محاربة الإرهاب المسمى بداعش في المنطقه بين إيران والولايات المتحدة للسيطرة على الساحة العراقية وهذا ما لا نتمناه لبلدنا ان يصبح ساحة حرب إعلاميه ونفسيه وعسكريه بين قوى تريد تصفية حساباتها على ساحتنا ،أما بغفلة من حكامنا أو بمعرفتهم ؟فظهرت على السطح مطالب بالتدخل البري للقضاء على داعش من قبل بعض الخبراء في البنتوكن ومن بعض حلفاء لهم في المنطقه العربيه ،ليسمع العراقيون ويروا ولتسمع إيران وترى ،ولتستعد سوريا لمرحلة جديدة من الصراع الذي دام ثلاث سنوات .فبرز صراع القوى الجديد بين روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وبعض الدول التي لم توضح موقفها الآن وهي تشكل قطب جديد على غرار حلف وأرشو .والأيام القادمة أو الأشهر القادمة ، ستبرز أحداث جديد ولا ندري لم الغلبة للعقل والحكم او للسلاح والعنجهية ، وغدا لناظره قريب .
الكاتب والقاص محمد عبد الله دالي في /24/ 9/2014



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن