مراحل تطور الدراما الإغريقية : 23

حيدر الحيدر
hyder.alhyder@yahoo.com

2014 / 9 / 24

مراحل تطور الدراما الإغريقية : 2ـ3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر
ــــــــــــــــــــــ
* الكوميديا ونشأتها :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يرى ارسطو: ان الملهاة ترجع الى مؤلفي الاناشيد الاحليلية التي لا تزال يتغنى بها كثير من المدن حتى اليوم ثم نمت شيئاً فشسيئاً بنمو العناصر الخاصة بها وبعد ان مرت بعدة اطوار ثبتت واستقرت لما بلغت كمال طبيعتها. (5)
ويقول الدكتور محمد خفاجة : ان الملهاة كانت ترتبط بعبادة ( ديونوسوس ) وانها نشأت من الاغاني التي كانت تنشد لتعبر عن البشر والسرور اللذين يفيضان على المحتفلين بأعياد الآلهة وكان اهل الريف يسرفون في الاكل واالشراب ويفقدون وعيهم ويخرجون وقارهم فيغنون ويرقصون ويتنافسون في ابتكار النكات البذيئة والشتائم اللاذعة وكانوا يحملون صورة مكبرة لعضو الاخصاب ،
وينشدون الاغاني ومن هذه الاغاني نشأت الملهاة ثم تطورت فأصبحت فنّاً ادبياً مزدهراً وبدأت دولة الإغريق تعترف بها كفنٍ مستقل ، وبدأت المسابقات المسرحية 458 ق ـ م ومنحتها جميع الحقوق التي كانت للمأساة .(6)
ويرى ارسطو ان الملهاة طارئة على اهل اثينا فيروي لنا ما يزعمه ( الدوريون )
وهم احد شعوب الاغريق من انهم خالقو الملهاة
وزعم اهل ( ميفادا ) انها نشأت عندهم في القرن السادس ق ـ م
وزعم اهل صقلية ذلك .
ويعترف ارسطو لأهل صقلية بالسبق في ميدان الملهاة ويشيد بذكر شاعرهم ( ابيكارو ) وقد اخذ يؤلف في ميدان الملهاة منذ 486 ق م . وهو الذي جعل لها موضعاً تشبه الماساة .(7)

تطور الملهاة :
ـــــــــــــــــــــــــ
1 ـ عند الاغريق :
يعتبر ارستو فانيس زعيم الملهاة عند الاغريق فقد خصص لنقد الفنون الادبية عدداً من مسرحياته اهمها ( الضفادع ) الذي عقد فيها مقارنة بين ايسخيلوس و يور بيدس .
وفي مسرحية ( السحب ) هاجم السفسطائين وسقراط واعتبره زعيماً لهم .
ومسرحيات ارستو فانيس كتبت بلغة بسيطة لا تعرف التعقيد ولا يتَرَدد َ في الاكثار من الشالئم والخروج عن الآداب في بعض اعماله ، إلا انه يحاول ارضاء العامة الذين يميلون بطبيعتهم الى سماع النكات والفكاهات المبتذلة .(8)
ومهما يكن فأن ارستو فانيس يعتبر اعظم شعراء اليونان في الملهاة إذ انه اهتم في كل مسرحياته بدراسة المجتمع وما به من مشاكل، فلم يترك ناحية الا وتعرض لها .
وجاء من بعده ( ميناندر ) الذي كتب ملهاة مهذبة .

الكوميديا القديمة والحديثة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعتبر الكوميديا التي كتبها ارستو فانيس ومعاصروه من الكوميديا القديمة ثم حلت محلها الكوميديا الحديثة ويعتبر ( ميناندر ) ابرز كتابها اذ لم تعد الكوميديا الحديثة الى التهكم السياسي او الشخصي فكانت اثينا تحت حكم المقدونيين . وتدور معظم حكايات الكوميديا الحديثة حول قصة حب والعشاق ، وقد استخدمت الشخصيات النمطية واتسمت بالتحري عن الحكمة والتهكم الدقيق .(9)

2ـ عند الرومان :
اما في العصر الروماني فقد تطورت الملهاة على يد اعمدة الدراما في المسرح الروماني القديم ، وابرزهم ( ماليوس بلوتس ) الذي يمتاز باسلوبه الخاص في صياغة المواقف الدرامية الكوميدية وتناقض شخصياتها . ومن اشهر تلك الاعمال مسرحية ( التوأمين )التي اعتمدت على المفاجئة والغرابة . وجاء من بعد بلوتس ( بابليوس تيرنس ) اللذي اعتمد الملهاة الجديدة في نقاء الاسلوب في اظهار السيد الروماني الشاب ، ذلك السيد هو مركز لكل مسرحياته ، ومن اشهر اعماله ( اندريا ) و( الاخوان )

3 ـ العصور الوسطى :
اما في العصور الوسطى فقد انتشرت تمثيليات الاستراحة او الفواصل وهي تمثيات هزلية تقدم بين تمثيلتين ، وكان السبب في ظهورها ان الممارسات والطقوس الدينية لرجال الكنيسة تسبب الضجر احياناً بالنسبة للمشاهدين ، ففكر في ايجاد هذه المسرحيات الهزلية .

4ـ عصر النهضة :
وفي عصر النهضة تطورت الكوميديا على يد مجموعة محترفة سميت ( كوميديا ول آرثي )
اي كوميديا الحرفة ، اعتمدت على الارتجال والقدرة على اداء الحركات الراقصة ، وقد ضعفت كوميديا ( ول لآرثي ) في القرن الثامن عشر .
واخيراً يمكن ان نقول ان الكوميديا في اعظم اشكالها عند ميكافيلي وجونسون وشكسبير ومولير .
فهو عند ( ميكافيلي وجونسون ) :مريران ...
وعند ( شكسبير ومولير) : يدخلان المرارة في يرامجهما ،
غير ان الكوميديا ليست مريرة بصورة رئيسية ،انها تجمع بين العذوبة والكآبة .

5ـ في العصر الحديث :
مثال برناردشو 1885 ـ 1950
كانت الملهاة عند شو طبيعية لمعالجة كل مشكلات العصر الاجتماعية والخلقية والسياسية والدينية . وكان يدرس الشخصيات دراسة تامة .
واشهر اعماله ( رجل القدر )1895 يظهر صورة نقدية مضحكة لبونابرت ، يسخر فيها من العظمة والمثالية ، ويفعل الشئ نفسه في ( قيصر وكليوباترا ) ثم تتابعت ملاهيه وكل واحدة تكاد تفوق ما قبلها ولها ميزة خاصة .

انواع الكوميديا :
ـــــــــــــــــــــــــ
وفي خاتمة حديثنا عن الكوميديا لا بد من التعرف على انواعها عبر مراحل تطورها :
1ـ كوميديا الامزجة : وهي التي يعتمد فيها الحدث الدرامي على تصوير شخصية فكاهية ذات مزاج خاص او طابع معين . مثل كوميديا بن جونسون الشهيرة ( كل حسب مزاجه )
2ـ كوميديا السلوك : وهي التي تقوم على انتقاء السلوك الاجتماعي المصطنع لدى طبقة البرجوازية ، مثل كوميديا ريتشارد شريدان ( مدرسة الفضائح )
وكوميديا اوسكار ويلد الاكثر شهرة ( اهمية ان تكون مهماً )
3ـ كوميديا الموقف : وهي التي تعتمد اساساً على المهارة في بناء المفارقة الدرامية ، واكثر اعتمادها على صياغة الحوار او رسم الشخصية ، مثل ( كوميديا الاخطاء )
التي كتبها شكسبير .
4ـ الكوميديا الماساوية : وهي التي تستهدف استدرار الدموع عن طريق الاستمتاع الهادئ بدلاً من إثارة الضحك عن طريق التهكم والسخرية ، مثل كوميديا ( الكراهية الزائفة ) التي كتبها نيفل دي لا شيه .
5ـ الكوميديا الهزلية : وهي التي تعالج شؤون الحياة الواقعية ، معالجة تتسم بالنقد الاخلاقي واللذع الاجتماعي ، مثل كوميديا مولير ( مقالب سكابان )
و( البرجوازي النبيل )و( طبيب رغم انفه )
6ـ الكوميديا المرتجلة : وهي الكوميديا التي تقوم على ارتجال ممثلين محترفين ، والتي تطورت على يد بيراندللو في مسرحية ( الليلة نرتجل التمثيل )
7ـ وهناك انواع اخرى من الكوميديا مثل :
( الكوميديا الهابطة والكوميديا الموسيقية والكوميديا الاجتماعية الخفيفة )
واخيراً ظهر نوع من الكوميديات في مصر يسمى ( كوميديا الالوان الطبيعية )وهذا ما جاء الاعلان عن مسرحية ( حب ورشوه ودلع )التي قدمتها فرقة الكوميديا المصرية . (10)
.....................................................
الهوامش :
ـــــــــــــــــــ
5ـ ارسطو طاليس / فن الشعر ـ تر : عبد الرحمن بدوي
/ مكتبة النهضة المصرية ـ القاهرة 1953 / صـ 14ـ15
6ـ د. محمد خفاجة / تاريخ الادب اليوناني ـ
القاهرة ـ مكتبة النهضة المصرية 1956
7ـ عمر الدسوقي / المسرحية نشأتها وتاريخها واصولها
الناشر : دار الفكر العربي للنشر والتوزيع ـ 1987 ـ ط /5
8ـ د. محمد صقرخفاجة / تاريخ الادب اليوناني ـ القاهرة ـ
مكتبة النهضة المصرية 1956/ صـ 115
9ـ د . محمد صبري ـ من محاضرة له في ـ
كلية الفنون الجميلة بغداد ـ قسم المسرح
10ـ جلال العشري / مسرح ولا مسرح /
بيروت ـ المركز العربي للثقافة والعلوم / صـ 186 ـ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن