النقد المسرحي تحت المجهر الأكاديمي

علي العبادي
Ali_alabadiwe@yahoo.com

2014 / 9 / 22

النقد المسرحي تحت المجهر الأكاديمي

علي العبادي

النقد يعد ظاهرة مهمة في تقويم وتقيم النتاج على الصعيد الفني والأدبي وهو يعد أداة مهمة في تطويرهما في الكشف عن مدى التطور الحاصل في تجربتهما، بزغ فجر ضبابي أدعا فيه البعض أنهم (نقاد) وفي الحقيقة أنهم لا يمارسون من النقد سوى النقد الانطباعي وان للنقد مقومات واشتراطات يجب أن يتمتع بها الناقد فخوفنا من أولئك الأدعياء ولكي نوقفهم عند حدهم أجرينا هذا التحقيق مع نخبة من المهتمين بالفن المسرحي والنقد المسرحي وطرحنا عليهم عدة اسلئة.

حول أزمة النقد المسرحي وهل هناك أزمة نقدية مسرحية بالفعل طرحنا السؤال الآتي على الفنان (عادل عباس):
هل نحن نعاني من أزمة نقد مسرحي؟
نعم وبكل تأكيد عندما درست الدراما في كندا، عرفت أننا كنا نعوم في مستنقع صعب نأتي للشيء من أصعب أبوابه أتذكر مسرحيه قطة على سطح من الصفيح الساخن لتنسي ويليمز؟ قرأتها بالعربية واجهت صعوبة بالغه في فهم تنسي وليمز ولكن... حين أصبحت انكليزيتي قويه قرأتها باللغة الانكليزية فوجدتها أسهل من العربية تصور كتبها تنسي بلغة الشارع يعني بالمحكي الأمريكي نحن بحاجة إلى لغة سهله مفهومه... حتى في النقد.

في حين قال الدكتور أبو (الحسن سلام) الذي مارس اغلب علوم المسرح وفنونه تأليفا ونقدا وتمثيلا وإخراجا وإدارة وتدريسا هو أستاذ مناهج التمثيل والإخراج للدراسات العليا بجامعة الإسكندرية.

نعم نحن نعاني من أزمة نقد .. لسبب بسيط هو أن ليس لدينا نقاد بالمعنى الصحيح لمفهوم النقد لدينا إما مؤرخ مسرحي أو أدبي أو فني وليس لدينا نقاد ، وإما كتاب صحافيون يمتطي كل منهم عامودا في مجلة أو جريدة ويكتب إنطباعات عن نص أو عرض ويزعم أنها نقد.

أما الدكتور الناقد محمد أبو خضير التدريسي في كلية الفنون الجميلة جامعة بابل قال:

سأتحدث عن المشهد النقدي العراقي أن المشهد النقدي العراقي تبدو فيه الأزمة مفتعلة ليس دفاعا عن النقدية العراقية، أرى النقد يكاد يكون البوصلة للخطاب المسرحي أي النقد لم يعد اتباعيا أن خطابه يؤشر ويشرف عبر الأخذ بالمنهجية الحديثة ومفاهيم ما بعد الحداثة التي وجدت لها حضورا في متن العرض المسرحي لان وفق اعتماد النقد على موجهات موضوعية وجمالية تخص الحداثة وما بعد الحداثة في النقد العراقي ما بعد الثمانينات اخذ موجها أخرى أكثر تجريبية بعد دخول رهط من الأكاديميين والمعتمدين على منهجيات النقد الحديثة مما انعكس على رؤية وذائقية المخرج العراقي خصوصا في الورشة التجريبية العراقية ونعي به منتدى المسرح لذلك لا نعتقد بوجود أزمة بالنقد العراقي بقدر ما هو عملية ترصد للظواهر المسرحية والجمالية التي ظهرت بعد2003.

أما عن تخلف العملية النقدية في بعض أوجهها طرحنا السؤال الآتي على الفنان(عادل عباس):
لماذا العملية النقدية المسرحية متخلفة في بعض أوجهها؟
لعدم وجود ناقد مثقف الذي يعي ما يقول وكأنه عندما يمتشق القلم وكأنه امتشق سيفا بتارا يقطع به كما يحلو له أي شخص مثقف ومتحصن بعلم الجمال هو ناقد وبما انه يوجد القليل منهم أذن النقد في خطر

أما (أبو الحسن) يقول في هذا الشأن:

متخلفة بسبب ما ذكرته لك ، ومن ناحية أخرى فإن الكتاب والفنانين يضيقون بالنقد ويعدونه انتقادا ، بينما هو ليس كذلك لأن الانتقاد يركز على سلبيات العمل الأدبي أو الفني فحسب دون أسباب موضوعية ، وتتمحور كتاباتهم حول ما هو انطباعي إن لم يكن يجامل من يكتب عنه
الناقد واجد واصف فمحلل فمقوم

بمعنى أنه يقرأ أو يشاهد أو يستمع إلى المنتج حسبما يتطلب من المتلقي كيفية التواصل معه ليدرك طبيعة العمل كيفية وجوده أي بنائه الدرامي أو التشكيلي أو الموسيقي أو الحركي الراقص إذا كان رقصا أو الصورة إذا كان سينمائيا وذلك عن طريق التحليل ثم يستخلص إيجابياته وسلبياته بشكل موضوعي لا انحياز فيه لا للفكر ولا للمبدع ، أي يقرر رأيا هل وفق المبدع في توافق الشكل مع المضمون . وهل ترك بصمته على عمله الإبداعي ، هل ظهرت شخصيته ، موقفه من العالم من الكون من مجتمعه من ذاته
أما (أبو خضير) يقول في هذا الصدد:
أن المشهد النقدي هو حاصل لمجموعة من الرؤى والتيارات يقينا أن حضور واحد من التيارات النقدية لناقدٍ ما أو منهجٍ ما لا يعني إقصاء أو محو منهج أخر تقليدي في الاتجاه السيميائي لا يعطي الناقد من أن يعتمد على عرضٍ ما اتجاها يعتمد فيه المنهج التاريخي أو الواقعي وبذلك فان ما يبدو للبعض أن عدم الالتزام بالمنهجيات الحديثة يعني أن هناك تخلفا أو عدمة مواكبة للمنجز النقدي أو الجمالي فالناقد الحق في اعتماد أي منهج للتعبير عن رؤيته ولتكن النتيجة والكيفية التي ينتج فيها أو ينتج في الفعالية النقدية وعدها كونها فعالية كتابية للنص أو العرض المسرحي ولا أفضلية لمنهج على أخر كما يردد ذلك الشيء اليوت بان الناقد هو الذي يختار أي منهج في اشتباكه مع النص أو العرض وبذلك نجد تنوعا في قراءتنا لتاريخ النقد من أرسطو إلى الآن وهو ذاته في مجاراته للتحولات النص عبر مذاهبه المعروفة من الكلاسيكية والرمزية والتعبيرية وغيرها من المذاهب ونقصد بذلك جدلية الخطاب المسرحي وحركيته والياته وتجريبيته شانه شان النص الأدبي أو العرض المسرحي.

أما بخصوص مؤهلات الناقد وما الذي يجب أن يتمتع به طرحنا السؤال الآتي على الفنان عادل عباس:
ما الذي يجب أن يتمتع به الناقد المسرحي؟
الثقافة، والوعي، والاختصاص

أما الدكتور أبو الحسن سلام قال:
الناقد لا بد أن يتسلح بمعرفة واسعة وثقافة عريضة في الفلسفة وفي التاريخ وفي علم النفس وفي علم التشريح وفي الديانات وفي الأيديولوجيات ومبادئ الاقتصاد وعلم الأجناس والأنثربولوجيا والفولكلور وعلم السينوجرافيا وعلم الجمال وتقنيات الضوء والسمعيات حتى إذا ما شرع في نقد إبداع بما كانت خبرته المعرفية كافية لكتابة نقد ملم بكل تفصيلات العمل الذي ينقده
الناقد عليه أن يعطي للمتلقي أسبابا مقنعة في استمتاعه بالمنتج الإبداعي
وعلى الناقد أن يترك المنتج الإبداعي يشير إليه بالنظرية المناسبة للإبداع نفسه

أما الدكتور محمد أبو خضير قال:
أولا الموهبة التي تعزز عادة بالاطلاع الواسع على المعارف والعلوم والآداب وبذلك نجد أن تقسيمات ايكو وغيرها من النقاد في النظر إلى الناقد كونه مبدع ومشارك وهو قارئ مشارك في إنتاج أي نص ومساهم مع المبدع في إنتاج ذات النص وفق رؤية ايكو النقد شانه شان أي فعالية إنسانية تعتمد الفروقات الفردية فثمة بعض الرؤى النقدية تصل إلى مصاف النص الإبداعي شانها شان النص الجمالي ولها شكلها وحمولتها الجمالية من بداية ونهاية وتراتب بالتعاطي مع المعلومة الظاهرة مما يجعلها أي الرؤية النقدية حاصلة لفضاء جمالي يكون أحيانا مناظرا للنص الجمالي لذاته.

أن الدكتور الفنان حميد صابر كانت له حصة أيضا في تحقيقنا، تحدث لنا حول مجمل العملية النقدية قائلاً:
النقد عمل إبداعي في أساسه وتاريخه وهو يؤسس للمنجز الإبداعي ويعيد إنتاجه وينحت مصطلحاته وهو لا يتبع بل يبدع نصه ويشكل ماهيته ويقوم بقراءة تأويليه للمنجز الإبداعي وان ما يكتب في كثير من الأحيان في الصحف لا يعدو كونه انطباعات ولكن من حق الناقد أن يوجه سوالا مفاده كيف يمكن للنقد أن ينطلق في مساراته العلمية دون وجود حركه مسرحيه فاعله دينامكيه تستجيب لمعطيات حركة التاريخ وإرهاصات الواقع بوعي منتج وإنني من الناس الذين يرون إننا لدينا نقاد مهمون وفاعلون لكن ليس لدينا حركه نقدية كما هي الاتجاهات والتيارات النقدية الغربية

حسين الأنصاري عضو الهيئة التنفيذية للجمعية العربية لنقاد المسرح كان له رأيا مهم في العملية النقدية المسرحي طرحه خلال لقاء صحفي
أجراه معه الصحفي عصمان فارس ونشره في جريدة فنون التي تصدر عن دائرة السينما والمسرح في العراق، تحدث بشان النقد المسرحي قائلاً:

أن وظيفة النقد متنوعة الأهداف وما يقوم به النقد ليس النقد ذاته بل من اجل التنوير والكشف والتقويم الموضوعي والارتقاء بالذائقة الفنية للفنان والجمهور على حد سواء أن النقد المسرحي نشاط إبداعي يتطلب الموهبة والثقافة والوعي والمعرفة المهنية والاطلاع الدقيق على المناهج النقدية عبر العصور وامتلاك الأدوات التي تمكن الناقد من التعامل مع مختلف العروض وأصنافها ولاسيما أذا أدركنا أن فن المسرح يتوفر على التعددية النصية في بنية العرض أن النقد أصبح نصا إبداعيا شانه شان منظومة الإرسال في العرض المسرحي كالنص المكتوب أو الأداء التمثيلي والرؤية الإخراجية عموما وغياب النقد أو تراجع دوره يترك أثرا سلبيا على مستوى تطور الفنان والحركة المسرحية عموما، لان الفنان يظل بحاجة دائمة لمن يرشده ويقوم عطائه وهذا التقويم لا يتحقق إلا بفضل خطاب النقد الذي يقوم على الخبرة العلمية والرأي الموضوعي والثقة المتبادلة بين الفنان والناقد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن