إكتشاف أنفاق سريّة تحت الأرض تعود لعقيدة نهرينيّة قديمة تحت أطلال مدينة آني - موضوع مترجم

كلكامش نبيل
gilgamesh_nabeel@yahoo.com

2014 / 9 / 3

لأوّل مرّة في التاريخ، تلفت النخبة الأكاديميّة العالميّة إنتباهها للعالم المدهش الكائن تحت ارض آني، المدينة الأرمنيّة القديمة البالغ عمرها 5000 عام والتي تقع على الحدود التركية الأرمنيّة. حيث أوردت صحيفة حريّت الإخباريّة اليوميّة التركيّة أنباءا عن إنعقاد ندوة حضرها علماء وأكاديميّون وباحثون في مدينة قارص بعنوان "الأسرار التحت أرضيّة لمدينة آني" لمناقشة العالم الكائن تحت أرض مدينة آني والمذكور في الرقوق القديمة على أنّه موقع مدرسة باطنيّة نهرينيّة قديمة.

وبوقوعها على قمّة جبل بالقرب من ضفاف نهر أخوريان، فإنّ آني هي إحدى أشهر العواصم الأرمنيّة. ولإشتهارها بروعتها وعظمتها، فقد كانت آني تعرف بإسم "مدينة الألف كنيسة وكنيسة" وكذلك بإسم "مدينة البوّابات الأربعين". وفي أوج عظمتها، نافست آني مثيلاتها من مدن القسطنطينيّة وبغداد والقاهرة من حيث المساحة والتاثير. وفي حدود القرن الحادي عشر الميلادي فاق عدد سكّان مدينة آني المئة ألف نسمة. لتصبح فيما بعد ساحة للمعارك بين الإمبراطوريّات المختلفة المتنافسة، ممّا أدّى إلى تدميرها وهجرها. واليوم، تتناثر مئات الكنائس القديمة، والمعابد الزرادشتيّة، والمباني الأخرى، ومعظمها مجرّد أطلال، وسط مشهد طبيعيّ وعر ومقفر.

وقد كشفت التنقيبات الأثريّة بأنّ المدينة قد تمّ إستيطانها منذ العصور القديمة، على الأقل منذ العصر البرونزي، ولكنّ أوّل وثيقة تاريخيّة مدوّنة تذكر "حصن آني" ترجع في تاريخها إلى القرن الخامس بعد الميلاد. وفي نهاية القرن الثامن الميلادي خضعت آني والأراضي المجاورة لها لسيطرة السلالة الباغراتيّة Bagratid dynasty . وبدأت آني بالنمو منذ العام 961 ميلادي بعد أن نقل الملك الباغراتي آشوت الثالث عاصمته من قارص إلى آني. وخلال فترة لا تتعدّى 40-50 عاما تحوّلت آني من بلدة حصن صغير إلى إحدى مدن العصور الوسطى الكبيرة.

وفي ثمانينيّات القرن التاسع عشر (1880) أكتشفت لأوّل مرّة مدينة آني تحت الارض كما يسمّيها السكّان المحليّون. فقد كان جورج إيفانوفيتش غورجييف، الذي قضى معظم طفولته وصباه في مدينة قارص، برفقة صديقه المدعو بوغوسيان، عندما لاحظ تخلخلا في التربة. وعندها باشرا الحفر حتّى توصّلا إلى خندق ضيّق. لقد كان ذلك بداية إكتشاف مذهل – قنوات مياه سريّة، وصوامع رهبان غير مكتشفة، وغرف تأمّل، وممرّات ضخمة، وأنفاق معقّدة، وفخاخ وزوايا عثر عليها تحت أطلال بلدة آني الأرمنيّة القديمة.
وفي إحدى الغرف، عثر غورجييف على قصاصة رق في محراب. وعلى الرغم من إجادته اللغة الأرمنيّة بشكل مذهل، إلاّ أنّه واجه صعوبة بالغة في قراءة النص المدوّن على تلك الرقاقة. ليتّضح فيما بعد، بأنّ النص مكتوب باللغة الأرمنيّة القديمة، لتكون الإشارة الأولى على أنّ العالم الكائن تحت أرض مدينة آني بالغ القدم.

وبعد مرور بعض الوقت، تمكّن غورجييف من تجميع معنى نصٍ غير مألوف. وقد علم بأنّ الرقاقة كانت عبارة عن رسالة كتبها أحد الرهبان لراهب آخر. ووفقا للرقاقة، فقد كانت هنالك مدرسة باطنيّة نهرينيّة شهيرة في المكان الذي عثر فيه على الرسائل. وقد دوّن غورجييف إكتشافه في إحدى المجلاّت قائلا:

"نحن مهتمّون بشكل خاص بإحدى الرسائل التي أشار فيها الكاتب إلى معلومات تلقّاها تخصّ بعض الألغاز. وفي نهاية الرسالة، فإنّ فقرة بعينها قد جذبت إنتباهنا، إذ تقول، "أبانا المبجّل، لقد نجح تالفات Telvant أخيرا في معرفة حقيقة الأخوان سارمونغ Sarmoung. فقد كانت منظّمتهم موجودة فعلا قرب مدينة سيرانوش Siranoush ، وقبل حوالي 50 عام، مباشرة بعد هجرة السكّان، هاجروا هم ايضا وإستوطنوا وادي إزرومين Izrumin، على بعد رحلة ثلاثة أيّام من نيفسي Nivssi .." ومن ثمّ تكمل الرسالة لتتكلّم عن أمور أخرى. لكنّ ما صعقنا أكثر هو إسم سارمونغ، والذي يمرّ علينا عدّة مرّات في الكتاب المدعو مرخافات Merkhavat. وهذه الكلمة إسم مدرسة باطنيّة روحيّة شهيرة، والتي وفقا للتقاليد، يقال أنّها قد تأسّست في بابل قبل أكثر من 2500 عام، والتي يعرف بأنّها كانت موجودة في مكان ما في بلاد ما بين النهرين حتّى القرن السادس أو السابع بعد الميلاد، والتي لا يمكننا الحصول على أدنى معلومات عن وجودها بعد ذلك في أيّ مكان. ويقال بأنّ هذه المدرسة قد إمتلكت معلومات عظيمة، تضمّ مفاتيح الكثير من الاسرار الغامضة."

"ولم يتمّ التثبّت من إكتشاف غورجييف، قبل حوالي 135 عام، حتّى بدأت التنقيبات الأثريّة في عام 1915. وبعدها بسنوات، أكّد فريق تنقيب إيطالي بأنّه كان هنالك ثمّة دير." يقول الباحث التاريخي سيزاي يازجي، ممّن تكلّموا في الندوة.

ومنذ ذلك الوقت، ابصرت هياكل تحت أرضيّة جديدة الضوء في مدينة آني، ويقول يازجي بأنّ من أهم تلك الهياكل تحت الأرض: نفق غيدن غَلمَز، ويرآلتي أنيسي "مدينة آني تحت الأرض" والبوّابات السريّة. وبالمجمل، هنالك الآن ما يقارب 823 مبنى وكهف تحت الأرض معروفة اليوم في آني، منها مساكن، ومتاجر، ومحلاّت مواد غذائيّة، وقبور، وأديرة، وأماكن صلاة، ومطاحن، وإسطبلات ومخازن.

ويقول يازجي بأنّ الوقت قد حان ليتعرّف العالم على مدينة آني تحت الأرض وليتمّ القيام بالمزيد من الأبحاث في هذا الموقع الفريد. وقد كانت الندوة عن العالم الكائن تحت أرض مدينة آني الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الهدف.

ترجمة كلكامش نبيل
المصدر - 27 آب 2014
http://www.ancient-origins.net/news-history-archaeology/secret-underground-tunnels-ancient-mesopotamian-cult-revealed-under-ani



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن