إضاءات على فكر -المثقف الشغيل-

ماهر الشريف
Media@ppp.ps

2014 / 7 / 11


(هذه المقالة، التي تلقي بعض إضاءات على فكر الصديق والرفيق محمد دكروب، ستكون من ضمن مواد العدد القادم من مجلة "الطريق" المخصص بكامله لذكرى رحيله، والذي سيوزع في بيروت بعد أيام قليلة)

في 24 تشرين الأول 2013، انطفأ نجم في سماء الثقافة التنويرية والتقدمية العربية، أراد أن يظل مشعاً حتى آخر رمق من حياته وهو يقول: " إذا توقفت عن الكتابة متّ ". ففي ذلك اليوم، رحل عنا محمد دكروب، الإنسان الودود المرح، صاحب الصداقات التي لا تحصى بين المثقفين العرب، الذي اشتُهر بـ "المثقف الشغيل"، ليس فقط لدأبه وجده وغنى إنتاجه الثقافي، وإنما أيضاً لأنه درس في مدرسة الحياة، وتثقّف في أكاديمية النضال، حيث " يصير النضال علماً ويصير العلم نضالياً، ويصير العامل الكادح في مقدرة أن يعطي نتاجاً ثقافياً يوازي، من حيث الجهد والدأب والنتائج، الأعمال التي تطلق عليها صفة الأكاديمية "، كما كتب ذات مرة في مراجعته لثلاثية، الشغيل مثله، الياس البواري عن تاريخ الحركة العمالية والنقابية في لبنان (1).

الكاتب الذي جعل الكتابة ممارسة نضالية
لقد برز محمد دكروب ككاتب في الصحافة الثقافية والفكرية، في "الثقافة الوطنية" أولاً، ثم في "الأخبار"، وأخيراً في "الطريق". فهو جعل من هذه الصحافة ميدان نشاطه الأرحب، ووجد فيها أداة التنوير الأفعل، فكان - كما وصفه لدى رحيله الناقد المصري سيد بحراوي - "أهم منشّط ثقافي عربي". وفي عمله في ميدان هذه الصحافة الثقافية والفكرية، كان "الدكروب"، كما كنا نحب أن نسميه، يقتفي أثر النهضويين العرب الكبار، الذين جعلوا من هذه الصحافة وسيلتهم إلى نشر الأفكار الحديثة في العالم العربي.

بدأ محمد دكروب عمله في مجلة "الطريق" في عام 1966، وأضحى سريعاً جزءاً من مطبخها، ثم، منذ مطلع السبعينيات، سكرتيراً لتحريرها، إلى أن انتهى به المطاف، في عام 1993، رئيساً لتحريرها. وبفضل جهوده، وجهود حسين مروة وكريم مروة بوجه خاص، غدت " الطريق" واحدة من أهم المجلات التقدمية العربية، ومنبراً للتنوير بالحداثة، ولنشر الفكر الماركسي ومراجعته، وإعادة قراءة التراث التقدمي العربي، وساحة للمجادلة والنقاش والسجال في أبرز قضايا وطروحات الفكر العربي.
لقد توحّد "الدكروب" توحداً صوفياً مع "الطريق" والتحم بها، فكان يفرح، فرحاً شديداً، لدى صدور كل عدد من أعدادها، ويحزن، حزناً عميقاً، عندما تُضطرها الظروف للتوقف عن الصدور. وتبيّن الافتتاحية التي كتبها لعدد أيار 1993 من "الطريق" طبيعة فهم محمد لدور هذه المجلة التنويري، في زمن سيطرت عليه مشاعر الإحباط في ضوء الانهيارات التي شهدها العالم "الاشتراكي"، إذ كتب بأن من الضروي أن تضطلع المجلة بمهمة " إعادة القراءة النقدية الجادة في النظرية وماضي النظرية، وإلى تطوير النظرية بتجذيرها في أرض الواقع، فإلى القراءة الجادة والأصيلة في الحركة الداخلية للمجتمعات العربية "؛ وأن تتولى " تقديم دراسات نقدية حول بعض مفاهيم في الماركسية تجاوزها الزمان، وحول تلك المفاهيم التي يجب تجديدها ارتباطاً بجديد العصر "؛ وأن تتولى " معالجة تلك الأسئلة/المعضلات التي يعيشها العالم العربي ويعانيها: معضلة الديمقراطية، والمجتمع المدني، وإشكاليات بناء الدولة، وقضايا التنمية، وتشوش مفهوم القومية "؛ وأن تقوم بتنظيم " حوار ديمقراطي عقلاني مع الأفكار النافذة، أو التي تسعى إلى الهيمنة في العالم العربي: بدءاً بالتيار الديني، في أشكاله المتعددة، وصولاً إلى الكتابات القومية الجديدة، أو أفكار الليبرالية "، على أن ينطلق هذا الحوار " من هوية أساسية عامة، تقدمية، ديمقراطية، ماركسية، غير متزمتة، لا تحبس نفسها في النصوص، ومنفتحة على التجديد والتطوير والبحث الدائم "، وأن يكون الهاجس الأعمق للمجلة "الإسهام في تهيئة مناخ ديمقراطي لجهد جماعي يقوم به مفكرون من مختلف البلدان العربية، يسهمون في صياغة فكر عربي متجدد ومتطلع إلى فلسفة معاصرة للتحرر الوطني، تتفاعل نقدياً مع عصر النهضة، وتدافع عن القومية والديمقراطية والاشتراكية "(2).

وبعد عشر سنوات، وفي ضوء النقاشات الحامية التي دارت بين المثقفين العرب في ضوء الغزو الأمريكي للعراق، والتي كان من إفرازاتها صدور دعوة إلى بلورة "خطاب ثقافي عربي جديد"، رأى محمد دكروب أن وراء يافطة "المثقف العربي " تتواجد تنوعات عديدة للمثقفين العرب: " من المثقفين المعارضين للسلطة بدرجات متفاوتة، إلى المثقفين المندمجين بالسلطة أو المطبّلين لها، بدرجات متفاوتة أيضاً، إلى المثقفين "المستقلين" الذين يتنقلون قفزاً بين المواقع، إلى المثقفين النقديين الذين يمارسون فعلاً استقلالية المثقف، وينطلقون من مخزون معرفي ونضالي "، معتبراً أن هذه الفئة الأخيرة هي التي تعبّر عن المثقفين الوطنيين والديمقراطيين العرب، الذين هم " المضمون المعرفي والمخزون المعرفي للحركة النضالية من أجل التغيير وبناء الديمقراطية والعدالة "، والذين يتمثّل دورهم في " نشر الوعي بتخلف الأنظمة العربية الراهنة، وبضرورات التغيير، وإعادة تكوين القوى والأحزاب السياسية المعبرة عن هذه الطموحات ". وفي مواجهة من فضّل، من المثقفين العرب، "الاستبداد على الاحتلال"، أو "الاحتلال على الاستبداد"، أكد محمد دكروب أن مهمة المثقفين العرب، الوطنيين والديمقراطيين، هي النضال ضد الاستبداد والاحتلال في آن معاً؛ مهمتهم أن يناضلوا ضد الاستبداد، " من أجل الديمقراطية وسيادة القانون، وإزاحة الأحادية والحكم الفردي "، وأن يناضلوا ضد الاحتلال، لأنه، بطبيعته، " لا يحمل الديمقراطية، بل يحمل، إلى خاصية القمع الشمولي، الخاصية الأساسية لأي احتلال: نهب ثروات البلاد، وإعادة الاستعباد الاستعماري، ومنع الشعب من أن تتولى قواه الوطنية إدارة شؤون وطنها، في دولة ديمقراطية مستقلة " (3).

الماركسي المنفتح، الحريص على إنتاج عربي مستقل للماركسية
ظل محمد دكروب حتى نهاية حياته ماركسياً ملتزماً وشيوعياً صادقاُ؛ ظل رجل مبادئ، يأبى أن يوظّف قلمه لغير خدمة الثقافة التقدمية والتنويرية. لكن شيوعية "الدكروب" كانت في الواقع من نوع خاص، فهو كان يتعالى على الخلافات الحزبية، ويبتعد عن المناصب ويرفض الانضواء في الأطر التنظيمية. أما ماركسيته، فكانت من النوع المنفتح البعيد عن الدوغماتية.

فهو أشار، ومنذ زمن مبكر في مطلع السبعينيات، إلى أن مهمة الماركسي، في بلداننا العربية، هي: الكشف عن التجلي الخاص لـ "القوانين العامة " للماركسية، وذلك " ليس فقط لفهم الحركة الواقعية لتطور هذه البلدان، بل خصوصاً لقيادة عملية التغيير الثوري فيها، ولانتصار الاشتراكية ". فالماركسية يجب أن تُستخدم في بلادنا، كما كان يرى، " بشكل يختلف عنه في بلاد أخرى، ذلك أن القوانين العامة لحركة التطور الاجتماعي تتجلى في كل مجتمع بشكل خاص تبعاً للظروف الملموسة لهذا البلد ولدرجة تطوره وللتركيب الطبقي فيه وشكل علاقاته الإنتاجية...إلخ ". أما التمسك المجرد بنصوص المبادئ العامة، دون تحليل جدي للواقع الحي، الملموس، فسيقود، كما قدّر، "إلى الجمود العقائدي، وبالتالي إلى الانعزال عن الواقع وعن الجماهير " (4).

وبعد الانهيارات التي حصلت في نهاية الثمانينيات، وما رافقها من بلبلة فكرية، وبالأخص في صفوف الماركسيين، أكد محمد دكروب أن زمان البلبلة الفكرية نفسه، " إذ ينطوي على ممهدات الركود والتبلد، فهو ينطوي أيضاً على عوامل، ومبررات، لإعادة النظر وإمعان الفكر، والتحرر من عادة الركون إلى الثوابت الجامدة، والدخول في أفق ضرورات التجدد والتجديد". فالفكر الماركسي في البلاد العربية، الذي " كان محكوماً بثوابت ومواضعات وتقلبات وطروحات السياسة الفكرية السوفياتية، يتكئ عليها أو يلتزم بها "، بات عليه، بعد تلك الانهيارات، أن يقف لأول مرة في تاريخه " وجهاً لوجه أمام التحدي الصعب: أن يكون مستقلاً، وأن يصير، يتكوّن، كما كان عليه أن يكون: فكراً ماركسياً عربياً " (5).

وقد أخذ محمد دكروب على الماركسيين في بلداننا العربية عجزهم عن الإدراك العميق للخصوصية العربية، وعن رؤية ما هو خاص، ومتميز، في أوضاع بلادنا، ونزوعهم " إلى الاتكاء على الخط السياسي العام للحركة الشيوعية العالمية، وذوبان ما هو وطني بما كان يُظن انه هو الأممي ". وأرجع هذه الظاهرة إلى عاملين رئيسيين:
الأول، اعتماد الأحزاب الشيوعية العربية على " التعليمات" التي كانت تأتيها من مركز الحركة الشيوعية العالمية في موسكو. وهو توجّه حكم تقريباً " مسار قيادات معظم الأحزاب الشيوعية في هذه المنطقة، منذ تلك البدايات وإلى آماد طويلة ". وهو ما أشار إليه في مراجعته لكتاب ماهر الشريف : "فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن"، عندما رأى أن الشيوعيين ارتكبوا "الخطيئة الأصلية"، عندما راحوا، منذ زمن مبكر، يطلبون وينتظرون إرسال "توجيهات محددة "، حول أهم مهمات أحزابهم، من قيادة كانت في موسكو. وضاف بأنه عندما كانت بعض الأحزاب تتمرد على هذه الممارسة، كان " سلاح الاتهام بـ "الانحراف والتحريفية" وغيرهما، هو السيف المسلط فوق الرؤوس القيادية لهذه الأحزاب "المارقة" " (6).

والثاني، هو طبيعة عملية التثقيف (الماركسي) في صفوف الشيوعيين في العالم العربي، والتي كانت تقوم من ناحية، على " حفظ المقولات الماركسية بأشكالها السردية المبسّطة، مع الوهم بأن هذا الحفظ هو طريقنا لفهم مجتمعنا على أساس جديد"، ومن ناحية ثانية، على " الفهم الستاليني المشوّه للأممية بوصفها: اكتفاء بتجربة النموذج القائم هناك، وأخذاً سلبياً من ثقافة هذا النموذج".

وقد اعتبر محمد دكروب أن ذلك المناخ غير الصحي، وغير الماركسي بالطبع، هو " أحد أهم أسباب ندرة اهتمام الفكر الماركسي في بلادنا العربية بدراسة المسار التاريخي للتكوينات الاجتماعية الاقتصادية في هذه البلدان العربية "، وبالتالي أحد أهم أسباب " تخلف فكرنا الماركسي العربي "، معتبراً أن الوصول إلى المعرفة الموضوعية، أي العلمية، لا يمكن أن يتم " من دون حرية الفكر والبحث العلمي، من دون إشاعة الديمقراطية"، ومن دون " تجاوز حاجز الجمود العقائدي، أو حاجز قوة العادة، أو التبلد الفكري أو المكابرة ".

وانطلاقاً من هذه القناعة، اندفع محمد على طريق تشجيع ودعم كل الاجتهادات الرامية إلى إنتاج عربي مستقل للماركسية، داعياً الماركسيين العرب إلى الخوض في "المغامرة الفكرية"، بالرغم من كونها " مخاطرة فعلية "، قد تؤدي إلى " إدانة " من يقدم عليها واتهامه "بالشوفينية، والمروق، والخروج على الأممية ". وحيا، في هذا السياق، التوجه الفكري "الخاص" لعدد قليل من الماركسيين العرب الذين حاولوا الخوض في هذه "المغامرة"، عبر السعي إلى إنتاج عربي مستقل للماركسية، كمهدي عامل، وسمير أمين وأحمد صادق سعد (7).

الناقد المؤمن بجدلية العلاقة بين الالتزام وجمالية العمل الأدبي
بعد أن طرق، في مرحلة مبكرة من حياته، باب كتابة القصة القصيرة، تجلت موهبة محمد دكروب في ميدان النقد الأدبي بوجه خاص. وقد ظل محمد، في كل إسهاماته النقدية، كاتباً ملتزماً، لكن التزامه لم يكن أبداً على حساب فنية العمل الأدبي وجماليته، ولا على حساب الطاقة الإبداعية لمنتجه.

فقد اعتبر أن على الأديب الحقيقي، الروائي مثلاً، أن يكون " محايداً في تفاصيل عمله، سواء تجاه الشخصيات أم تجاه الأحداث "، لكنه لا يمكن أن يكون محايداً " في المحصلة العامة للعمل الروائي ككل "، التي يتجلى فيها بالذات موقف الروائي نفسه. ورأى، من ناحية أخرى، أن الكاتب الذي يريد التوصل إلى إنتاج رواية عربية، بطابعها وهويتها، يجب " أن يكون ديمقراطياً بالأساس، في تعامله مع شخصيات روايته، فلا يفرض موقفه على أي من شخصيات روايته، ذلك أن أية شخصية – حتى لو كانت شخصية الكاتب - يصبح لها، حال ظهورها الروائي، استقلالها وتمايزها عن الكاتب ". واعتبر أن أهم العناصر التي تسهم في تأكيد استقلال الشخصية الروائية وفرادتها هو " الحوار، وطابع اللغة التي تقولها الشخصية، مفرداتها، ولهجتها ".

ورفض محمد دكروب الفكرة القائلة بأن على الروائي أن يعتمد فقط على "الإلهام"، أو على الذاكرة، عندما يكتب عمله، معتبراً أن كل رواية " تحتاج إلى نوع ما من التوثيق، أو القراءات، أو تحضير مادة ما "، وهو أمر لا يتعارض " مع متطلبات التخييل الروائي"، لأن الرواية لا تكتب فقط من الذاكرة، بل يتوجب على الروائي الحقيقي أن يحضّر عمله، وأن "يحوّل، بالطاقة الإبداعية التي يملكها، الوقائع والموضوعات والوثائق إلى عجينة فنية طيعة قابلة للتشكل في السياق السحري لمختلف أجواء التخييل ومداراته " (8).

ومن منطلق التزامه العميق هذا، عارض محمد طوال حياته مقولة "الفن للفن" و"الأدب للأدب"، معتبراً أن الأديب لا يمكن إلا أن يتأثر بالواقع الذي يحيط به، وبالأحداث الكبرى التي يشهدها. وفي هذا السياق، توقف محمد أمام حدثين عربيين كبيرين تركا تأثيرهما في الإنتاج الأدبي، وهما هزيمة حزيران في عام 1967، وحصار بيروت على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي في صيف العام 1982.

ففي دراسة له صدرت في "الطريق" عام 1968، اعتبر أن هزيمة بحجم هزيمة حزيران، كان لا بدّ لها من أن تترك تأثيرها "الحاسم" في الأدب العربي، " ليس فقط من ناحية موضوعات الأعمال الأدبية – من قصة وشعر ورواية – بل كذلك من حيث الصياغة والبناء والأشكال الفنية لهذه الأعمال". فعلى صعيد إنتاج القصة القصيرة، جعلت تلك الهزيمة كتّاب القصة العرب " أكثر التصاقاً بالواقع المتحرك نفسه، وجرأة في القول والانتقاد "، وجعلت القصة العربية القصيرة " تعيش الآن مرحلة ازدهار واسع، خصوصاً من حيث كمية الإنتاج القصي، وكذلك من حيث التجريب والبحث عن أشكال جديدة " (9).

أما الأدباء العرب الذين شهدوا، في صيف العام 1982، أيام حصار بيروت، فقد كان من الطبيعي أن يعكسوا في كتاباتهم - كما قدّر - مدى تأثرهم بظروف الحياة القاسية التي عاشوها "وسط الحصار والجحيم وجنون التدمير وفقدان نقطة الماء ولقمة الخبز". وقد نبّه محمد، في هذا الصدد، إلى أن النقاد الذين قد يسعون إلى التفتيش عن "أدبية الأدب" أو "شعرية الشعر" في كتابات أيام الحصار هذه، سيصابون بصدمة لأنهم لن يجدوا فيها " مما يفتشون، عنه، عادة "، بل سيجدون " في المقالات.. مقولات! وفي القصص الواقعية... وقائع! وفي الشعر.. شعارات!". فالكتابة، في ظروف الحصار تلك، لم تكن سوى تعبير عن " مقاومة الموت"، وبالتالي لن يجد "الناقد المفتش" ما يفتش عنه " لأنه يفتش عن "أدبية الأدب" من خلال مساطر وقياسات وفلترات ذهنية تخاف أن تحرقها النار " (10).

لقد أعار محمد دكروب أهمية كبيرة للأدب، وبخاصة لجنس الرواية، بوصفه منبعاً لمعرفة عميقة بالمجتمع وتناقضاته، إذ رأى في الرواية العربية مرآة صادقة للواقع، وأخذ على معظم السياسيين والقادة الحزبيين وحتى المنظّرين منهم، استنكافهم عن قراءة الروايات العربية، معتبراً ان " حاجة القادة الحزبيين والمنظّرين إلى نشدان المعرفة، العميقة والجميلة، عبر الروايات العربية المتميّزة، لا تقل أبداً عن حاجتهم إلى المعرفة العلمية بالبنية الاقتصادية الاجتماعية والتاريخية لمجتمعاتنا، وبأشكال الصراع الطبقي السياسي في هذه المجتمعات "، وذلك لأن هذا الصراع يتجلى في الأعمال الروائية الإبداعية " بأعمق وأصدق وأوضح مما يتجلى في الكثير الكثير من الدراسات الاقتصادية ". فخماسية "مدن الملح " لعبد الرحمن منيف مثلاً، " تتيح للقارئ العربي، العادي والسياسي والمنظّر – كما أكد - الدخول إلى معرفة أعمق بالتحوّلات الهائلة، وحركة الانتقال العاصف، من عصر ما قبل النفط إلى ما بعده، وهي التحوّلات التي تحكمت وتتحكم، وإلى سنوات عديدة لاحقة، بمصائر العالم العربي كله ".

وعاد محمد دكروب إلى هذا الموضوع نفسه، عندما تناول نقدياً نتاجات نجيب محفوظ، الذي رأى فيه واحداً " من أهم الراصدين للنبضات العميقة للمجتمعات العربية، والهاجسين بتطوراتها – الضرورية – اللاحقة "، معتبراً أن نتاجات هذا الروائي تؤكد " أن الفنانين المبدعين الأصيلين (والروائيين منهم بخاصة) يملكون القدرة –ربما أكثر بكثير من غيرهم- على الرؤية الأبعد لعناصر الانتصارات أو الهزائم والأزمات، عبر رؤيتهم الأعمق لحركة التيارات الاجتماعية والنفسية والروحية، في العمق من حركة التجمعات البشرية وعلاقاتها ومساراتها ".

وخلافاً لرأي عدد من النقاد الماركسيين العرب، الذين أخذوا على نجيب محفوظ كونه "أديب البرجوازية الصغيرة "، رأى محمد في هذا الروائي الكبير " كاتباً مناضلاً"، تعبّر كتاباته عن روح نضالية " سواء على صعيد فنون الكتابة نفسها، أم على صعيد المعارك والصراعات الاجتماعية السياسية الدائرة ". من الصحيح – كما تابع محمد - أن تركيز عالمه الروائي على حشد من الشخصيات التي " تنتمي بشكل أساسي إلى تلك الطبقة الواسعة جداً التي اصطلح على تسميتها بـالبرجوازية الصغيرة "، يجعل من المشروع أن يُطلق عليه لقب " أديب البرجوازية الصغيرة "، إلا أن تصويره الصادق، في المقابل، " لحياة هذه الطبقة وصراعاتها ونزعاتها وتفسخها، من الموقع المتقدم باتجاهه العام " يقدم " سلاحاً فنياً معرفياً " لطلائع التغيير الثوري وللمعبّرين الفكريين والسياسيين عن هذه الطلائع، " شرط أن ينفذ هؤلاء إلى سر هذا السلاح الفني المعرفي، وتالياً إلى سر استخدامه في حركة الصراع من أجل المعرفة، ومن أجل التحرر والتقدم والاشتراكية " (11).

الأديب الذي ساهم في كتابة تاريخ الحركات الشعبية
عندما كتب محمد دكروب "جذور السنديانة الحمراء" (12)، كان تقديره " أن تاريخنا العربي الحديث– كما جرى هذا التاريخ – لم يُكتب بعد"، وأن " الأكثرية الساحقة لما كُتب حول تاريخنا العربي الحديث، تطمس بشكل شبه تام، مختلف التحركات الشعبية في بلادنا: من حركات الفلاحين ضد الإقطاع، إلى حركات الجماهير ضد العثمانيين، إلى حركات المقاومة الشعبية، في لبنان، لحكم الانتداب الفرنسي "، وبالتالي كان من غير المنتظر أن يُدرج " كُتّاب التاريخ الرسمي، البرجوازي، "الموضوعي" "، في كتاباتهم التاريخية، " تاريخ نضالات الحزب الشيوعي ضد نظام حكمهم البرجوازي ".

وقد نشر محمد دكروب كتابه هذا في عام 1974، ثم أصدر طبعة جديدة منه، مع إضافات ووثائق غير منشورة، بعد عشر سنوات، تابع خلالها البحث والتفتيش، واستجواب الأشخاص، للتوصل إلى وثائق ووقائع لم تكن بين أيديه قبلاً. وركّز بحثه على السنوات التأسيسية للحزب، التي كان " يُقصد – كما كتب - طمسها قصداً، فحاول أن يرود مجاهلها".

لقد انطلق محمد دكروب من أن تاريخ الحزب لا يمكن أن يكون "موضوع معرفة " ما لم يتحرر فكر الحزب " من الركون إلى البدهيات المتعارف عليها"، وما لم يتحرر " من تلك النزعات الغريبة عن العلم، والمسيئة إليه، والتي كانت تقضي مثلاً: بالشطب على دور هذا المناضل، والتخفيف من دور ذاك، والتضخيم المفتعل لدور قائد ما، والحكم بالإعدام على اسم قائد آخر". ولأنه أُعطي حرية الكتابة، التي اشترطها، نجح في تقديم هذه المساهمة القيمة في كتابة تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني في سنواته التأسيسية، والتي أعادت إحياء أسماء رواد أوائل كانت النزعات الحزبية الضيقة والمتحجرة قد شطبت عليهم.

وقد وجد بأنه يستحيل عليه – لكونه ليس " مؤرخاً " - أن يكتفي بمجرد سرد تسلسلي للوقائع والأحداث، فبدأ رحلة معاناة التفتيش الداخلي عن شكل الكتابة المناسبة، فاكتشف أن المادة الوثائقية التي نجح في تجميعها ستفرض عليه شكل الكتابة، فكان أن وضع "حكاية"، لكنها حكاية تنطوي على " أحداث حقيقية، جرت في أزمان محددة، وقامت بها فئات محددة "، وتمتزج فيها " حركة الصراع الطبقي بالمعرفة، وبالوعي، وبالحلم معاً ". وهي "حكاية " استمدت طابعها العلمي من كون وقائعها الحقيقية قد أسندت " بالتواريخ والأرقام والمراجع "، وذلك بعد أن اعتمد محمد – الراوي – في غياب معظم وثائق الحزب الشيوعي العائدة إلى تلك الفترة التأسيسية، على صحف تلك الفترة، وعلى ذكريات الناس العتاق، وعلى بعض الأوراق العتيقة، وعلى بعض مذكرات وبعض نشرات سرية كانت تطبع على الجيلاتي.

وكأي باحث متمكّن، حدد محمد دكروب غرضه من إعداد هذه الكتاب بقوله بأن الهدف منه هو " تمجيد المسيرة الأولى، المجيدة، لولادة حزب مكافح "، وليس الدخول في تفاصيل "حول أخطاء هذا أو ذاك من هؤلاء الرواد "، على اعتبار أن هذه " المَهَمَة المُهمّة " لا بد أن يتناولها آخرون " يتوفرون على دراسة هذا التاريخ وكتابته، كتاريخ ". واعترف بأنه كتب كتابه ليس " ببرودة المؤرخ "الموضوعي" "، وإنما " بروح حب لهؤلاء الذين صوّرتهم "، معتبراً أن من حقه، " كشيوعي "، أن يحبهم، خصوصاً وأن الموضوعية، كما يفهمها، لا تكون " في التأمل البارد للأحداث، بدون انحياز طبقي، عاطفي وفكري، إلى هذا أو ذاك، هذه الفئة أو تلك ".

وعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذله في كتابة "جذور السنديانة الحمراء"، قدّر محمد أخيراً أن تاريخ الحزب الشيوعي لا يكبر فقط " بمجرد البحث فيه، وجعله موضوع معرفة "، وإنما يكبر، في الأساس، " مع تنامي فعالية الحزب ونضاليته، ومع تطور فكره وتزايد نتاجه المعرفي في الحاضر ".

وأود، قبل الانتهاء من هذه الإضاءة السريعة على إسهام محمد دكروب في كتابة تاريخ الحزب الشيوعي اللبناني، أن أتوقف عند "حكاية " معبّرة يرويها محمد وتدلل على مدى اهتمامه الكبير بكتابة هذا التاريخ، وحرصه الشديد على كل ما يساعد على إنجاز هذه المهمة.

يروي محمد أنه خلال حصار بيروت، والطائرات الإسرائيلية/ الأمريكية تكثّف غاراتها فوق مختلف أحياء العاصمة والضواحي، استدعاه نقولا شاوي، وأخبره أن هناك احتمالاً بأن يسافر إلى بلغاريا بإلحاح من الرفاق، ثم سلّمه كيساً من النيلون وبداخله رزمة من الأوراق، وطلب منه أن يحتفظ بها بعد تصويرها نسختين، ليكتشف محمد، فيما بعد، أن هذه الأوراق كانت مذكرات كتبها نقولا شاوي ووصل فيها حتى أحداث أواخر عام 1932. ويكتب محمد: "شعرت بانقباض أليم، غامض، في أعماق الروح.... ماذا لو سقطت قذيفة، وأحرقت المذكرات؟... صفحات تحمل جزءاً ملحمياً، جميلاً وعزيزاً، من تاريخ إنسان حبيب مدهش، تاريخ شعب وحزب ووطن... أخاف، أعترف أمام الناس جميعاً بأنني أخاف. الأوراق مثل الروح، فلماذا هذا الامتحان العسير يا أبا زهير [نقولا شاوي]؟... هذا العبء الثقيل، هذا العبء الجميل، إنه يرهقني... وفي ليل الحصار والترقب، أخذت أقرأ الصفحات الغنية الجميلة، أحياناً تحت نور " لوكس" يضاء بالكاز، وفي الغالب على ضوء ثلاث شمعات، لا شمعة واحدة، حتى أتمكن من رؤية الحروف الدقيقة، المشدودة بعضها إلى بعض، مثل مظاهرة جماهيرية ضخمة في شارع مستطيل يضيق بالحشود المتراصة... وأخذتني المذكرات إلى عالمها المحتدم، الشاسع، الزاخر بالناس والأحداث والأفكار والشخصيات الواقعية/الروائية ذات الجموح الملحمي الحي..." (13).

المحفّز على دراسة التراث بالاستناد إلى المنهج المادي الجدلي
كان اهتمام محمد دكروب بإحياء التراث العربي، ودراسته بالاستناد إلى المنهج الجدلي النقدي، لا يقل عن اهتمامه بكتابة التاريخ العربي الحديث، ولا سيما بعد أن أخذ الاهتمام بهذا التراث، في الثمانينيات، يكتسب " صفة معركة خرجت من المحيط الأكاديمي إلى ميدان الصراع السياسي-الإيديولوجي "، كما كتب.

وقد حدد محمد، في عدد من كتاباته (14)، طبيعة فهمه لهذه المهمة، إذ رأى بأن الفكر العربي، سواء في الماضي أو الحاضر، هو " جزء مكوّن من حركة تطور الفكر العالمي "، وأن حركة تطور هذا الفكر العربي، على الرغم من تمتعه باستقلالية نسبية وتملكه منطقه الداخلي الخاص، تكون " متصلة ومتفاعلة بحركة تطور الواقع ". ومن هنا، يتوجب على الباحث في التراث أن يرصد، في نصوصه، " ما تعكسه هذه النصوص من حركة اجتماعية اقتصادية "، بحيث " لا يكتفي بقراءة النص ودراسته "، بل " يذهب، مع النص وعبره، إلى الجذر الاجتماعي الطبقي الاقتصادي لهذا النص "، ويرى إليه " في موقعه من الصراع السياسي الاجتماعي الدائر ". وفي هذا السياق، حيا محمد الجهود التي بذلها عدد من الماركسيين العرب، وفي مقدمهم حسين مروة وطيب تيزيني، وأشاد، بوجه خاص، بكتاب: "النزعات المادية في الفلسفة العربية-الإسلامية" لحسين مروة بوصفه " لا يسجل مرحلة نوعية جديدة في دراسة التراث العربي، بل هو قد افتتح هذه المرحلة، لأنه في الوقت نفسه –وبالأساس- يشكل تعبيراً عن/ وعلامة هامة من علامات/ مرحلة جديدة في تطور الفكر الماركسي في البلاد العربية، وصيرورة هذه الماركسية ماركسية لنا ".

وشدّد محمد على ضرورة أن تكون دراسة التراث العربي " من وجهة نظر المستقبل لا الماضي "، معتبراً أن الدعوات التي فهمت إحياء التراث على أنه " العودة إلى الماضي، أو إعادة أمجاد الماضي "، ناتجة بالأساس " ليس فقط عن إخفاق البرجوازية العربية، بل بسبب عجزها الأساسي عن أن تكون برجوازية تحمل معها نظامها الإنتاجي وفكرها الجديد، لأنها تابعة ".

المنوّر الداعي إلى استيعاب المشروع النهضوي العربي نقدياً
كان من الأهداف الرئيسة التي طرحها محمد دكروب على نفسه، وعلى المنابر الثقافية والفكرية التي أبدع فيها، العمل على إعادة قراءة المشروع النهضوي وترهينه من خلال استيعابه نقدياً. فبعد " تراكم الأزمات، وصعود السلفية والتزمت، وتكاثف الظلمة "، في عالمنا العربي، وجد، كما وجد غيره من الماركسيين والتقدميين العرب، أن المشروع التنويري العربي، الذي صاغته عقول المنورين العقلانيين العرب، راح " يطرح نفسه مجدداً أمام جميع قوى التغيير في البلاد العربية "، ويفرض ضرورة إعادة قراءته " سواء منذ بداياته، مع القرن التاسع عشر، أم في تجاربه الأقرب، مع حركة تكوّن تيارات الفكر القومي والفكر الماركسي في الثقافة العربية الديمقراطية ".

وقد أرجع محمد إخفاق هذا المشروع، ليس إلى مفكري النهضة أنفسهم، كما اعتقد البعض، وإنما إلى غياب " الحامل الاجتماعي- التاريخي " لهذا المشروع، وذلك لأن البرجوازية العربية، بمختلف أجنحتها، كما قدّر، لم تتصدَ لحمله، أو الدفاع عنه، وتحمّل تبعاته.

فهذه "البرجوازيات"، منذ البدايات، وفي إطار الهيمنة الإمبريالية، " تكوّنت كبرجوازيات تابعة، خانعة، اقتصادها مرتبط، تبعياً، باقتصاديات المراكز الإمبريالية "، وكانت، بالتالي، " متخاذلة أمام المستعمرين، ضعيفة أمام مختلف البنى القديمة، ليس في مشروعها إنجاز تغيير ثوري جذري اقتصادي اجتماعي علمي ثقافي في المجتمع ".

وبعد أن أكد محمد أن " الفئات الشعبية والقوى الثورية التقدمية " هي وحدها المؤهلة لاسترداد هذا المشروع، عبر الاستيعاب النقدي له وتطويره، توقف عند الخطأ، الذي وقع فيه التقدميون والماركسيون العرب، عندما اتخذوا موقفاً " متزمتاً " من النهضويين المعبّرين عنه، ولم يستوعبوا آفاقه، وأراحوا أنفسهم " بالاقتناع بأن المشروع النهضوي عامة هو " مشروع البرجوازية"، وبأن مشروعها يتجاوز هذا الكلام النهضوي كله لتُكثر من الكلام عن الاشتراكية!". ودعا محمد المفكرين والباحثين الماركسيين بخاصة إلى تجاوز هذا الخطأ، من خلال إعادة قراءة المشروع النهضوي " قراءة تاريخية وحديثة في ضوء التجارب والخيبات"، وربطها " بإعادة قراءة الواقع الاجتماعي وعلاقاته، وخصائص الطبقات فيه "، بما يفسح المجال أمام " نقل المعالم والبنود والأهداف الأساسية في هذا المشروع من دائرة الحلم إلى جدول الأعمال الكفاحي للقوى التقدمية الثورية" (15).

وختاماً، فلقد فقدنا، برحيل رفيقنا "الدكروب"، واحداً من المثقفين العرب النادرين، الذي عاش حياة غنية يستطيع أي روائي " أن يغرف منها روايات وروايات"، كما أشار في حوار أجراه معه كامل جابر ... فقدنا واحداً من الذين ناضلوا طوال حياتهم، وحلموا بأن يسعد فقراء وكادحو بلداننا العربية بحياة أفضل، وأن تقوم فيها دول ديمقرطية علمانية حديثة، بعيداً عن التعصب الطائفي والمذهبي، تسير على طريق الاشتراكية... وقد يكون من واجب رفاقه وأصدقائه اليوم، إن أرادوا تخليد ذكراه، أن يعملوا على جمع وحفظ كل تراثه الثقافي، وبخاصة مخطوطات كتبه الخمسة، التي كان يحدثنا عنها بحسرة لأنه لم تتوفر له فرصة وضع اللمسات الأخيرة عليها ودفعها إلى المطبعة.

هوامش
1-"الطبقة العاملة تكتب تاريخها: الياس البواري يكتب التاريخ الملحمي للطبقة العاملة اللبنانية ومسيرتها نحو المستقبل"، الطريق، العدد 4، أيلول 1987، ص 249-262.

2-""الطريق"... إلى المستقبل"، الطريق، العدد الأول، أيار 1993، ص6-8.

3-"في مسار الخطاب الثقافي الجديد... وآفاقه: دوركم في الديمقراطية أيها المثقفون"، الطريق، العدد 4، تموز– آب 2003، ص 27-31.

4-"دروس وأفكار من لينين"، الطريق، العددان 4 و 5، نيسان-أيار 1970، ص 215.

5-"قراءة راهنة في مسيرة "الطريق"... تاريخ ومراحل"، الطريق، العدد 1، كانون الثاني – شباط 2002، ص 268.

6-"قراءة راهنة في المسيرة المتعرجة للحزب الشيوعي الفلسطيني: رحلة في دهاليز الأرشيف السري للكومنترن"، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 67، صيف 2006، ص 149-170.

7-"أحمد صادق سعد: حركية الفكر والنضال في البحث عن الطريق المصري العربي إلى الاشتراكية"، الطريق، العدد 4، آب 1990، ص 107-120.

8-"في خصوصية الرواية العربية: "مدن الملح" لمنيف"، الطريق، العدد 2، آذار-نيسان 1998، ص 134-144.

9-نسخة هذه الدراسة التي بحوزتي لا تتضمن تاريخاً دقيقاً لنشرها.
10-"كتابات بيروت الحصار"، الطريق، العدد 3، كانون الأول 1982، ص 209-213.

11-" عن صراعات اليمين واليسار في شخصيات نجيب محفوظ"، الطريق، العدد 3، حزيران 1990، ص 138-150.

12-جذور السنديانة الحمراء: حكاية نشوء الحزب الشيوعي اللبناني 1924-1931، بيروت، دار الفارابي، الطبعة الثانية، 1984.

13-"مع "ذكريات نقولا شاوي" تحت القصف وطوال أيام الحصار"، الطريق، العدد 1، نيسان 1983، ص 10-20.

14- " في حوار مع حسين مروة وطيب تيزيني "، أجراه محمد دكروب والياس شاكر، الطريق، العدد الأول، شباط 1979، ص 21-79؛ " ملامح من المسيرة الفكرية لمناضل: طمأنينة الاختيار... وقلق المعرفة " [عن حسين مروة]، الطريق، العددان 2 و 3، حزيران 1988، ص 18-44.

15-"قراءات جديدة في فكر طه حسين، وطرح جديد لإشكالية المشروع النهضوي المخذول"، الطريق، العدد 1، شباط 1991، ص 29-57.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن