الصباح ووردة عبّاد الشمس

محمد الذهبي
m_aldahby2013@yahoo.com

2014 / 6 / 21



جلدوا الصباح، فصار الصباح مغبرا يتوسل الليل ان يراعي نجومه، رحل عن عالمه، الشمس تتوسل اشعتها بالوصول الى الارض، الارض تتوسل الشمس ان تبقي على الصباح، الناس ترنو الى صباح جديد، بلا فائدة، فيروز فقدت اغنياتها الصباحية، وراحت تعبث بمنديل وردي تمزقه ثم تحيكه، العشاق يئسوا من صباح جديد ينظرون فيه الى الورود، النساء تلفعن بثياب سود لاتعطي مجالا لاشراقة الشمس وتراقص ورود عباد الشمس على وقع اقدام الفلاحة فوزية، الجميع ينظر الى السماء بانتظار الصباح، الشيوخ يكبرون في المساجد ويقولون ان اختفاء الشمس يعني يوم القيامة، الشاعر المسكين بمفرده كان يرى الصباح، لكنه لايقول لاحد، هناك كوة في غرفته تدخل من خلالها اشعة قليلة، فيضحك ممايقولون، كان يتذكر اوراق عباد الشمس وعيني فوزية، وهي يتسكع بتلك الحقول فيفوز بقصيدة هشة يقول سوف اعيد كتابتها في الصباح، كان يضحك من وجوم الناس حتى اغنيات فيروز كانت متوفرة لديه.
انسل من بين الجموع ليكتب قصيدة، ويضعها على صفحته في الفيس بوك، لقد تشجع اخيرا، فآلاف المعجبات بانتظاره، حتى انه بدأ يهلوس في الفترة الاخيرة، ويكتب قصائده عن الصباح المفقود، انه الفردوس المفقود لديكم، لن يستطيع اي منكم ان يجبر اشعة الشمس على الظهور ثانية، اختفت النجوم، وهاهو الليل يبدأ سرمديا، الا انا ، انا ابن الصباح، مسحها من الصفحة، وراح يفكر بورقة عباد الشمس، وعيني فوزية، وشعرها الذهبي الذي كانت تنثره متعمدة وهي تمر لتقطع ورود عباد الشمس الناضجة، عيناه التي تلتهم الاشياء كانت تحيره كثيرا، ففي طفولته قالت عنه امرأة ناضجة كان ينظر اليها بشبق، عادل: انت تمتلك عيني شيطان، فاطرق خجلا، وراح يفكر فيها في الليل ويسرق سيكارة من علبة ابيه النائم، يرتقي السلم الوحيد، مع قصاصة من شخاطة وعود ثقاب وقصاصة من ورق، يشعل سيكارته، ويتمتع بها قليلا ولايكتفي ، يعود لايقاظ امه ويكلفها ان تأتي له بسيكارة ثانية، كان يعتقد ان الشعر بلا سيكارة لاقيمة له: سيكارتي بيدي واشعل ثانيهْ.... قل لي بربك هل تحس بما بيه، مسحها من الصفحة، وراح يخاطب نفسه: لا لم يكن مفتاحنا بعد انكسر.... فعلام تبتئس الدروب .... ولاتفكر في المطر، ضحك كثيرا وهو يشاهد اعداد المعجبات، هل ترى فهمن ما اريد وابدين اعجابهن؟ انا اكتب عن ذكورتي واقول انها لم تزل بعافية، ضحك مع نفسه وهو يلعب على الكلمات، وكأنه من الفاتحين، الشعر ليس سواه عالمي، انا ولدت احب الشعر ولذا كنت اتعلق بثياب امي وهي تردد بعض الدارميات، فحفظتها وانا صغير جدا، اشعر ان هذه اللعنة لن تفارقني، لماذا انا الوحيد من يرى الصباح وهؤلاء يبكون على اختفائه، لماذا تكبّر المساجد وهذا الصباح الجميل موجودا؟، لماذا يقولون انها القيامة؟ الم يقرؤوا قصائدي، ساجمعها اليوم واسلمها لشيخ الجامع القريب، فهو لاينفك يبكي من هول الساعة، منذ ايام وانا اتابع نشرات الاخبار، جميعها تتكلم عن اختفاء الصباح العجيب، وليست هناك اية نظرية علمية تفسر مايحدث، انا اتعجب لهؤلاء، انا يوميا ارى الصباح، وهم متعلقون بوهم اختفائه، وفوزية اعتادت ان تستيقظ مع اول فلاح في بيوت الطين القريبة، مجيء الطبيب المفاجىء جعله حائرا، فهو منذ ايام يتخيل حالات غير موجودة، التف حوله اصدقاؤه، وحاولوا اقناعه ان اوهامه هذا ستجعل من العلاج مستحيلا، وحتى الاعجابات ، هي محض وهم ، اما قصائده، فلم يقرأها احد، انه يكتب من عالم آخر، كافي يا اخي صير واقعي فد يوم ياصباح اللي ما تشوفه الناس وبس حضرتك تشوفه، اخبرهم الطبيب ان حالته بدأت تسوء، وانه لايتناول الدواء بشكل منتظم، ويهلوس كثيرا حتى انه بعض الاحيان يتصرف بعدوانية لمن لا يبدي اعجابه بآرائه ، ونصحهم ان يخرجوه من هذا الجو، فهو لايترك احدا، ويوزع شتائمه على الجميع لانهم لايرون الصباح، بالامس اصطحبته ليلا الى حديقة المستشفى، وقلت له اني ارى النجوم، والليل سيختفي بعد قليل ليتنفس الصباح، انني اراه يوميا، فضحك كثيرا وهو يردد : انهم يكذبون، حين يقولون انهم يرون الصباح، اندفع الى اول غصن في شجرة وانتزعه وقدمه للطبيب، اترى وردة عباد الشمس، لاورد بدون صباح، وانا لست مجنونا، جميعكم لاترون ورود عباد الشمس، انا وفوزية فقط نراها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن