زلزال -داعش-!

جواد البشيتي
jawadlbsht996@gmail.com

2014 / 6 / 12


سيكون أَمْراً مثيراً لدهشةٍ أعظم أنْ تتمكَّن "داعش" من الاحتفاظ بالسيطرة (التي أحرزتها سريعاً) على محافظة نينوى (مع مدينة الموصل) ومحافظة "صلاح الدين (مع مدينة تكريت)" وأجزاء من كركوك، وأنْ تُحْرِز مزيداً من السيطرة على مناطق عراقية عربية سنية، وأنْ تُوسِّع وتُحْكِم سيطرتها على محافظة الأنبار.
ولقد رَاَيْنا مقاتلي "داعش" وهُمْ ينشطون في محو ما أسموه "حدود سايكس ــ بيكو" بين المناطق الخاضعة لسيطرتهم في سورية والمناطق التي سيطروا عليها في العراق؛ وكأنَّهم يؤكِّدون عزمهم على التأسيس (سريعاً) لنواة دولتهم (أو إمارتهم) الإسلامية (العربية السنية) التي تستمد أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي ــ السياسي، ومن آبار ومنشآت النفط فيها، ومن مجاورتها آبار النفط في إقليم كردستان، ومن وجود عشرات الآلاف من جنود وضباط الجيش العراقي في عهد صدام حسين في مدينة الموصل، ومن مجاورتها مناطق الأكراد في سورية والعراق، ومن الحدود المشترَكَة التي قد تكون لها عمَّا قريب (إذا ما أحكمت سيطرتها على محافظة الأنبار) مع الأردن والسعودية.
"داعش (بمقاتليها الأشداء، جيِّدي التَّسلُّح والتدريب والقتال والتنظيم، وبمواردها المالية الجيِّدة)" هي الآن مستقلة، منفصلة، عن تنظيم "القاعدة" الذي يقوده أيمن الظواهري، وفي صراعٍ ضارٍ مع فرع "القاعدة" في سورية، والمسمَّى "جبهة النُّصْرة"، ومع "الجيش الحر"، ومع أكراد سورية، ومع حكومة المالكي وجيشها، ومع الشيعة من عرب العراق، ومع إيران، ومع بعضٍ من العشائر العربية السنية؛ وقد تدخل في صراعٍ مع تركيا. ومع تَمَكُّن "داعش"، وإذا ما تمكَّنت، من تأسيس إقليم عراقي لدولتها، يشمل المناطق العربية السنية، يتكوَّن حاجز (جغرافي، ديمغرافي، عربي سني) بين شمال العراق الكردي وجنوبه الشيعي، فيغدو الانفصال بين الشمال الكردي والجنوب الشيعي أمراً واقعاً؛ وقد تكون العاقبة حماية إقليمية إيرانية للجنوب الشيعي، وحماية إقليمية تركية للشمال الكردي؛ فثمَّة مصالح نفطية (وتجارية) مشتركة بين تركيا وإقليم كردستان؛ وتأمل أنقرة أنْ تسمح لها هذه الصلة (الاستراتيجية) الجديدة الجيِّدة مع إقليم كردستان بالتأسيس لصلة جيِّدة أيضاً بينها وبين أكراد سورية وأكراد تركيا في المناطق الجنوبية الشرقية. وربَّما لا تَجِد "داعش" مشقَّةً الآن في ضَمِّ كثيرٍ من العشائر العربية السنية إليها في صراعها مع حكومة المالكي؛ فهذه العشائر ناقِمة على المالكي، وعلى إيران، وعلى بشار الأسد؛ وإنَّ كثيراً من أبنائها كانوا جنوداً وضباطاً في جيش صدام حسين؛ وتحالفهم مع "داعش" يستمد سببه الأقوى من كراهيتهم لحكومة المالكي، ونقمتهم عليها.
الموصل (بأهميتها الاستراتيجية) سقطت في أيدي مقاتلي "داعش"؛ وبقانون "تداعي المعاني"، تَذَكَّرْتُ سقوط بغداد، أيْ طريقة سقوطها؛ وسقوط الموصل تَزَامن مع المفاوضات المباشِرة (الحاسمة) الأولى من نوعها بين إيران والولايات المتحدة في جنيف، ومع تَعاظُم غضب بغداد على أنقرة التي مَكَّنت إقليم كردستان من الاتِّجار المباشِر والحر بنفطه، الذي يُنْقَل الآن بأنبوب "تركي"، إلى ميناء جيهان التركي، على المتوسط؛ ثمَّ يُنْقَل هذه النفط الكردي المُخزَّن في ميناء جيهان إلى أسواق أوروبية.
حتى الآن المالكي هو "المهزوم"، والذي يتحمَّل أكثر من غيره مسؤولية ما وَقَع؛ لكن هل يُسْمَح له بتحويل هزيمته إلى نصر؟ هل يُسْمَح له بأنَّ "يُحَرِّر" العرب السنة، وعشائرهم، ممَّا يسميه "الاحتلال الأجنبي"؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن