اين نحن من الديموقراطية الحقيقية

عماد علي
emad19634@yahoo.com

2014 / 5 / 27

بعد التمعن من نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية الاخيرة، تتبادر الى الاذهان مئات الاسئلة،منها؛ نحتاج لكم عقد لتجسيد الديموقراطية في العراق، و هل الانتخابات تؤدي اليها، ام انها ركن ضعيف من اركانها لتطبيق جوهر الديموقراطية الحقيقية ، ام هي طريقة لاستغلال الشعب لمصلحة مجموعة من الجهات و الشخصيات، و هل هي وسيلة لحكم الشعب ام لسيطرة حلقة ضيقة دائما و حتى في الدول المتقدمة . نحتاج لكم من الوقت حتى نحس بسيادة الديموقراطية، هل الرغبة صادقة في العراق و الممارسات صحيحة، ام تنطبق عليها مقولة كلمة الحق يراد بها الباطل، هل اليات تجسيد و تحقيق الديموقراطية متوفرة .. الخ من الاسئلة العديدة التي يُراد الجواب لها .
بما اننا قطعنا مسافة لفهم المساحة الضيقة لمفهوم الديموقراطية فقط، الا اننا لم ندرك جوهرها بشكل جيد، و عليه تبقى الديموقراطية قشرة او مظهر لتجسيد نظمة اخرى باسم الديموقراطية على ارض الواقع. هل من المعقول ان لم يتم تداول السلطة لاهم موقع في الحكم و الذي يمتلك الصلاحيات المطلقة تقريبا كل دورتين ان نعتقد بان لدينا ديموقراطية، و هو الفعل الحقيقي و الية هامة (اي تداول السلطة) لتحقيق و تجسيد الديموقراطية، و نقول اننا لدينا نظام ديموقراطي حقيقي. اين الشعب من معرفته للحقوق و الواجبات التي تقع على عاتقه و هذا يعتمد على ثقافته العامة و الخاصة بالديموقراطية و متطلباتها و جوهرها التي تمكنه من الممارسات السياسية الفكرية الاجتماعية و حتى الاخلاقية . و ان فرضنا ان الانتخابات نزيهة و النتائج مقنعة، الا ان انعدام الية تحكم بمسار مؤسسات الدولة سيفقدها من جوهرها ومضمونها و يجعلها عقيمة و جوفاء . و الا فما بالك ان اجراء تجرية عملية الانتخابات كالية وحيدة في ظل واقع و ارضية لم تكن مناسبة، و لم تؤد الديموقراطية المعلنة عن طريقها و كعملية وحيدة الى توفر العدالة الاجتماعية و الحرية و الامن الشخصي و تكافؤ الفرص والامانة و الصدق و المحافظة على مال العام و التعايش السلمي كاساس لتجسيدها .
الانتخابات التي اجريت في العراق كآلية وحيدة لتجسيد الديموقراطية و نحن اعلم بالوسط الاجتماعي المعلوم من الثقافة و المستوى الاقتصادي و الوعي العام، ان لم تكن هذه التجربة في هذا الواقع خطوة الى الوراء فانها تكون معرقلة لتجسيد الديموقراطية الحقيقية . اي الديموقراطية تحتوى و تتالف و تتركب من مجموعة من القيم التي تؤدي الى تحقيقها و تجسيدها جوهريا بشكل صحيح و حقيقي . و عليه قبل ان نتكلم عن الديموقراطية و الانتخابات، يجب ان نخطوا بدايات تحقيق اهدافها، و يتجلى تحقيق بدايات هذا الهدف عند ممارسة الياتها العديدة لدى المجتمع منذ الطفولة و بتعاون و مشاركة جميع المؤسسات و تنسيقها مع البعض ، و الهدف هو بناء مجتمع ديموقراطي قبل الكلام عن نجاح الديموقراطية و عن هذه الاليات التي لا يفرز منها سوى حكام و يمكن ان يتجهوا الى الدكتاتورية بالاساليب الملتوية التي نشاهدها في العراق الان .
لذا، لا يمكن ان نعتقد باننا الان في بداية الديموقراطية بل يمكن ان نقول اننا في محاولة للبدء في خطوات ترسيخ اليات الديموقراطية، و الانتخابات واحدة منها، و هذا ما يمكن ان نسير بها ان كانت صادقة و نزيهة نحو تجسيد اليات التحكم الديموقراطي بالمجتمع و المؤسسات العامة في النهاية، و لا يمكن هذا الا بمجتمع له نسبة مقنعة من الثقافة الديموقراطية و الوعي العام بها، فاين نحن من هذين الشرطين، فلكم الجواب .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن