الأحزاب في العراق .. والأنتخابات

ياسين الياسين
yasin_elhaj@yahoo.com

2014 / 5 / 4

الأحزاب والتنظير الأيديولوجي والتنظيم الحزبي علامات صحة في بلد يرجو التقدم والتطور ، ودلالة ذلك هو أن الغاية من تأسيس تلك الأحزاب والتنظيمات السياسية فلترة العقول الوطنية المخلصة وتنظيم عملها من خلال توحيد جهود وطنية كفوءة في إطار تنظيمي عالي بغية وضع برنامج عمل يأخذ بناصية البلد إلى سوح التطور والتقدم والأرتقاء ، وجرت العادة أن يكون هناك حزبان سياسيان أوأكثر ، ويتمحور عملها من خلال نتائج الأنتخابات في البلدان التي تنهج الممارسة الديمقراطية ، فيتسلّم الحزب الفائز زمام الحكم في البلد بينما يذهب الحزب الآخر أوالأحزاب الأخرى إلى ممارسة دور المعارضة سواءاً كانت في البرلمان أو في الشارع ، وهذه المعارضة واعية بمكان كونها تراقب بكثب ودقة سياسة الحزب الحاكم وإجراءات حكومته التنفيذية على صعيد المشروع السياسي الوطني أوعلى صعيد مشاريع الصناعة والتنمية الوطنية فضلاً عن المشاريع القومية الكبرى ، وهذا الأمر بالذات هو مايدفع الحكومة العائدة إلى الحزب الفائز في الأنتخابات إلى وضع برامج وخطط تنموية خمسية وعشرية وعلى مساحة واسعة من البلد بحيث تتوزع تلك المشاريع في مواقع تمت دراستها وأعدّت لها دراسات جدوى فضلاً عن إستراتيجية الموقع والمشروع معاً مما يؤمّن إستشراف علامات مضيئة لمستقبل واعد ومزدهر ، ولولا تلك المنافسة والتباري الشريف والحرص كل الحرص من قبل الحزب الفائز على رقي البلد والدفع بعجلته دائماً إلى أمام ، فأنّه ولابد سوف لم ولن يفوز في إنتخابات مقبلة له ، وربّما شكل تلكؤه في أي من برامجه حالة من إنكسار شعبي لن يحضى بعدها بأي تأييد جماهيري ، ويولّي على أثرها في عالم النسيان ، وربّما جاهد وصمد سنين طويلة بعد ذلك ليحصل من جديد على قاعدته الجماهيرية التي إفتقد إليها جراء تلكؤ من إختاره الحزب لتسنّم مهام وزارته ممثلاً للحزب ورئيساً لحكومة البلد ، وهنا تم إعطاء درس قاسي لأي حزب آخر يحقق نتائج طيبة في الأنتخابات في أن يختار وبصعوبة ودقة من سيكون رئيساً للوزراء بعيداً عن كل أشكال المحسوبية والمنسوبية والمحاباة ، ولاأثر مطلقاً لمرجعية دينية لأن إجتهادات أية مرجعية دينية لابد ستتعارض مع إجتهادات مرجعية أخرى فيكون الخراب ويكون الدمار ومن ثم الطامة الكبرى في إستشراء الفساد والنهب والرشوة بسبب من توفير غطاء وحماية مشرعنة بفتاوى المرجعية ، وتوظيف تلك الفتاوى بالكيفية التي تناسب المسؤول الحرامي ، وعندنا في العراق فقط تختلف طريقة ممارستنا للديمقراطية وتختلف عندنا أيضاً طريقة الدعاية للمرشحين ، فمما يؤسف له أن وسائل الدعاية للمرشحين غير عادلة بالمرة وليس بعضها كفؤاً للبعض الآخر والفرق شاسع بينهما وبعيد بعد السماء عن الأرض ، وذلك لأستغلال الأحزاب الحاكمة مناصب منتسبيها الوظيفية وتوظيف كل إمكانات دوائرهم ومؤسساتهم الحكومية في دعاياتهم الأنتخابية في خرق واضح وفاضح وغير أخلاقي للقاعدة الأنتخابية من خلال إستغلال مراكز نفوذهم والتجوال في سفرات ورحلات مكوكية بسيارات الدولة الرسمية وعلى شكل مواكب بين القرى والأرياف والمدن الصغيرة والكبيرة في البلد مما يعطي ويولد إنطباعاً لدى الناخب البسيط أن هذا المظهر لصاحب دولة كبير ومسؤول لابد أكبر له هيبة وسلطان وبعكس ذاك الذي مر بهم بالأمس بسيارة واحدة خاصة وبسيطة وليس معه جوقاً من مرافقين ورجالاً للحماية ، وعند هذه المقارنة فقط داخل ملكة النفس البسيطة لدى العامل البسيط والفلاح البسيط والأنسان العادي لابد أنه سيضع هذا المسؤول الجائع للسلطة أوذاك من مستجدي الأصوات على قدم سبق في كنس أصوات أولائك المسحوقين من الفقر والعوز والفاقة ، وأنهم لابد سيصدّقون كلام صاحب السلطة والموكب المهيب في وعوده المنفوخة الكاذبة لأنهم سيدركون باللاوعي أنه هو أكثر تمكناً من ذاك الذي كان عندهم بالأمس ويتحدث لهم عن أمور ربما إعتبروها ضروب من المثالية والأحلام ، فضلاً عن أساليب أخرى من خلال توزيع سندات تمليك قطع أراض سكنية قبل الأنتخابات بيوم واحد فقط ، وأما الأساليب الأخرى التي لجأ إليها بعض المرشحين من المسؤولين فتلك يندى لها الجبين من خلال توزيع البطانيات والمدافيء الكهربائية والشراشف وغيرها ، وهاهي الأنتخابات وضعت أوزارها بعد رحلة من الصخب والهوس والصراع الأنتخابي ، وعاد كل إلى أصل عمله ممن لم يفز فيها من المرشحين ، وصعد إلى سلّم السلطة والمسؤولية أوبالأحرى بقي في السلطة والمسؤولية مريديها والمتمسكين بها ، وستكشف لنا الأيام القادمة مدى حرص بعض أولائك على المواطن خصوصاً منهم من قام بالعطاء المادي ومن قام بالتوزيع وبسخاء للفقراء ونرجوا لهم هذه المرة أن يكونوا صادقين في أن لاينقطع عطاؤهم عن العوائل الفقيرة والمستحقة لكي يثبتوا لنا وللآخرين صدق نواياهم وعفة نفوسهم وكرم طباعهم .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن