تجربة في زمن العولمة

محمد ليلو كريم
mohammedlilocream@gmail.com

2014 / 4 / 1

--------------------------------------------
في عام 2003 سقط النظام السابق , وعلى أثر سقوطه تبلور واقع سياسي جديد يمتاز بالتعددية السياسية والشراكة في الحكم , وبالتدرج تصاعدت وتيرة المنافسة بين احزاب وشخوص للوصول للسلطة التي صارت قبلة لكل طامح بالجاه والوجاهة والمال والشهرة واشباع الشهوات والجيوب والبطون , وتضل العيون بعيدة عن الشبع وتزداد شراهتها حتى تصل , أو أنها وصلت الى طور الافتراس , اعاذنا الله وأياكم , داعيا" المولى عز وجل أن لا يحرمنا من مميزاتنا الإنسانية لكي لا نستوحش بغيرنا بدل أن نستأنس به , ولست معاصرا" للفيلسوف الاغريقي ابن طاليس لأسئله عن قصده ب ( الحيوان السياسي ) وكيف نقي انفسنا من هذه الانتكاسة النفسية , أو العضوية , وهل هناك من طرق وقاية نتبعها فلا لانقع في ذلك النكوص الرهيب , والمعيب , فنحافظ على كياننا وكينونتنا وتكويننا الانساني القويم ؟ .. فأنا أفضل بقوة وثبات أن أضل مواطن بسيط من البشر , بدل أن أتحول الى امبراطور كبير من صنف حيواني , وفي قرآننا المحكم الذي فُصلت آياته اخبرنا الله عن أن هناك من البشر من هم شر الدواب , أو أكثر ضلالا" من الأنعام , أو ( مثله كمثل الكلب ) , ولله في خلقه شؤن سردها في النص المقدس بقصص وأمثلة نستجير بالخالق أن نحاكيها جراء حدوث خلل بايولوجي أو سايكولوجي نواجهه في انفسنا ونرضى به ونرتضيه لكونه خلل يناسب التوصيف الذي قال به ابن طاليس فيلسوف الاغريق , فهو خلل يتوافق مع مكاسب سياسية . . .
سألت زوجتي : ماذا تقولين في أب ينهش في ابناءه كل يوم ؟
اجابت : هذا كلب
سألتها : ماذا تقولين في رب عائلة يرفس عائلته مرارا" ؟
اجابت : هذا حمار
سألتها : إذا" ؛ بماذا تصفيني أن عضضتك أو رفستك كل يوم ؟
لم تجب , بل ضلت صامتة مطرقة برأسها للأرض
كررت عليها السؤال ولم أجد إجابة منها
قلت لها : أجيبي
قالت : لا أجرؤ على توجيه إهانة لك
قلت لها : لهذا السبب تتطاول علينا السلطة وتسيء للمواطن وتمتهن كرامته . . . .
في عام 2003 سقط نظام , وقام نظام , النظام الأول كان ديكتاتوريا" , والنظام الثاني جاء ديمقراطيا", ونحن نتحدث عما يهمنا ويواكب لحظتنا التي نريد تحسين شكلها وموضمونها , أولسنا ابناء اليوم , ولم يبقى من الأمس غير دروس وعِبر ؟؟ .. أم مازلنا نسير في نفس الدرب , ونخطو نفس الخطوات , ولم نتغير , أو نتطور , وكل الذي جرى لم يكن غير ثياب استبدلناها بأخرى والجسد كما هو في اسقامه ؟؟..
الشعب مصدر السلطات , عبارة لم افهمها يوما", ولست أتوقع أن اتفهمها في قادم الايام , إذ كي لي بفهمها وتفهمها واستيعابها وأنا لا أجيد القراءة والكتابة , ومثلي ملايين من المواطنين لا يقرؤن ولا يكتبون , فرغم أنني مواطن , ولي حقوق دستورية , إلا أنني أمي , وهل تطلبون مني أن اضمن حقوقي الدستورية في حين أن نخبا" سياسية ما زالت تصطدم ببعضها نتيجة تباين التفاسير التي تتناول مواد وفقرات الدستور , ويخوض الاصطدام سياسيون ومختصون وقانونيون ودستوريون , وأنا لست مختصا" في أي من هذه المجالات , لست إلا مواطن أمي لا يفقه مما يدور حوله إلا معلومات قليلة وبسيطة , ولو أفترضتم أنني أجيد القراءة والكتابة , فهل يستطيع الذي يشكو من الأمية الثقافية أن ينجو من امواج التفاسير المتلاطمة للدستور والقوانين والحقوق ؟؟ .. لست أتصور أني سأنجو في بحر هائج كل ما فيه يعمل بشرائع الافتراس السياسي . . . ولن ينقذني ألف دستور , أو قانون , أو ألف داعية للحقوق , ما دام الزيف والخداع صارا مقدسين في قرارة كل نفس يعنيها هذا الحديث , ولو كنت مثقفا", أو مفكرا" , أو عالما" خبيرا"؛ لتوفرت لي رؤية أفضل , وأعمق , ولأستطعت الاقتراب أكثر من خبايا النفوس ( تلك النفوس . . . ) ولكنني إما غارق في الأمية , أو عديم الثقافة والفكر , أو منشغل , وكثيرة هي الانشغالات والاشغال الشاقة في بلادي , حتى أن أي مواطن منا يريد تجميد عقله ما عليه سوى التحجج بالظروف والاوضاع , ولدى المواطن الحاذق خزين هائل من الحجج التي يبرر بها تقاعسه وانزاءه وعدم اكتراثه بكل شيء , الى درجة جعلت من السياسيين لا يكترثون بنا , ولا يحسبون لنا حسابا" , وتفرغوا للصراع الدائر بينهم على كعكة أسمها العراق , وطننا الذي راح ضحية جهلي وفسادهم .
ما زال السياسي يداهم شاشات التلفاز قُبيل الانتخابات ويُعلن برنامجه الانتخابي . . وعلى نفس الشاشات تصدح الاحصائيات والبرامج التلفزيونية بتفشي الأمية , والثقافات الرديئة , والفقر , والعسكرة , والبطالة , لست أعلم الى من يوجه ذلك السياسي كلامه وهو يُعلن عن برنامجه الانتخابي ؟؟؟؟ !!!!!!
هل وصل السياسيون العراقيون الى اكتشاف يخبرهم بأنهم يستطيعون اقناع جموع المواطنين شريطة أن يكثروا من الكلام ؟؟..
ولكن لنجري تجربة :
لنطلب من كل سياسي يُعلن برنامجه الانتخابي أن يعرضه اعلاميا" في أحدى الديمقراطيات العريقة , ويستطلع ردود وآراء ذلك الشعب في تلك الدولة المتقدمة ... هي تجربة لا غير ...
ولنسأل مواطننا العراقي : ماذا تتوقع من ردود أفعال على برنامج انتخابي يعرضه سياسي عراقي على احدى الشعوب المتقدمة , وهذا البرنامج الانتخابي هو المعلن من قِبل السياسي العراقي للشعب العراقي في حملته الانتخابية ؟؟.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن