حوار مع الشاعرة ثناء السام

بلقيس الربيعي

2014 / 2 / 20


يُقال ان الشعر هوية العراق لذلك قيل " يتنفس العراق برئة الشعر " ومع شعر المرأة تصبح الانفاس أزكى وأنقى

ولدت الشاعرة ثناء السام في بغداد عام 1970 ونشأت في كنف عائلة تهتم بالأدب والمعرفة والفنون . أحبت الشعر منذ طفولتها . كانت والدتها تهتم بالشعر وتنظم الشعر الشعبي .
أكملت دراستها الاعدادية في معهد المعلمين المركزي في بغداد ودرست اللغة الروسية في اوكرانيا .وبعدها استقرت في السويد وهي عضوة في اتحاد الكتاب العراقيين في السويد وعضوة في اتحاد الكتاب والشعراء في العراق و اتحاد الكتاب والشعراء السويديين . صدرت لها مجموعتها الشعرية الاولى " بين أشجار البتولا وأشجار النخيل " في ستوكهولم عام 2004 ونُشرت لها العديد من القصائد والمقالات ، وأُجريت معها العديد من المقابلات التلفزيونية ، حاليا تعكف على طباعة ديوانها الثاني " عودة عشتار

ثناء السام شاعرة مبدعة ، وجدتُ في قصائدها الصدق الفني والخيال الواسع والصافي و تعبًر عن خلجات قلبها . ولتسليط الضوء على تجربتها ومسيرتها الشعرية كان لي معها هذا الحوار


ــ كيف كانت بداية كتابتك للشعر ، اي كيف تولدت لديك القصيدة ؟

كتبتُ الشعر في مرحلة مبكرة جدا من عمري ، تقريبا في العاشرة و كانت أمي مولعة بقصائدي.
وذات يوم زارتنا جدتي وعماتي ، فنادتني أمي وقالت لهن (لقد ولدت بيننا لميعة عباس عمارة جديدة).. وكنا في البيت نعرف جيدا الشاعرة المبدعة لميعة عباس عمارة وقد التقيتها عندما كنت صغيرة وكذلك كنا نلتقي بالشاعر عبد الرزاق عبد الواحد... فالشعر اذن كان مألوفا في بيتنا, وخصوصا مثل ما تفضلتِ... أن امي كانت تنظم الشعر الشعبي .... بعد ذلك صفق لي الجميع...على الرغم من انني كنت محرجة جدا وجسدي كان يرتعش, ووددتُ لو اني هربت من المكان. فقد كنت خجولة جدا...لكن امي وبختني وقالت ...لماذا تخافين؟...أنتِ تمتلكين الشئ الذي لا يمتلكه الكثيرون
بعد ذلك أستجمعتُ شجاعتي وألقيتُ أولى قصائدي وهي عن اخي الذي هاجر من العراق منذ زمن بسبب مواقفه السياسية
وقلتُ حينها وكل ما أتذكرهُ من القصيدة حتى الان هو هذا البيت

لقد أمرعتُ دؤوبا على عملي
وصرتُ فأسا
يكسرُ الارض
القفارعلى القفار
....................
بكت جدتي...وقالت باللهجة العراقية الجميلة ” هجم بيتج على هذا الصوت وهذا الشعر.
بعد ذلك كتبت الكثير من القصائد ولكني فقدت العديد منها وأنا في طريق الغربة


ــ لمن من الشعراء تقرأين وبمن تأثرتِ ؟
في طبيعتي أنا قارئة ...أكثر من كوني منظمة للشعر...أقرأ للجميع...فقد قرات لكل الشعراء تقريبا وكل ليلة أقرأ لشاعر أو اكثر لانني أحبُ أدب المقارنة......قرأت أدب المعلقات والغزل لامرؤ القيس ، المتنبي، أبو العلاء المعري، وعمر الخيام وابونؤاس . والشاعر الذي أعتز بهِ كثيرا هو أبو فراس الحمداني
كذلك قرات للشاعر العظيم الجواهري والزهاوي وابو القاسم الشابي وحافظ ابراهيم.. وكذلك الشاعرالعراقي معروف عبد الغني الرصافي الذي أعتبره( شاعر الشارع العراقي) ...لانه قريب جدا من الاحساس العام للمواطن العراقي البسيط وكذلك مناصرتهِ للمرأة ....عدا أنني قرأت للشعراء المحدثين...مثل السياب والبياتي وبلند الحيدري ، محمود درويش ، جبران خليل جبران، نزارقباني ومي زيادة وكذلك نازك الملائكة التي أعتبرها قفزة نوعية في عالم الشعر العراقي... ونازك لم تكن شاعرة فحسب بل كانت متنبئة...وقد تنبأت لكل الاحداث التي جرت عام 1963...في قصيدتها الشهيرة "الجمهورية " التي كتبتها عام 1958
جمهوريتنا وردتنا الروحية يحميك الله...كانت حلما كانت رؤيا...والان غدت أغلى ما نملك في الدنيا...وأعز أرق الورد واحلاه..في أضلعنا يا وردتنا الجمهورية...في أضلعنا نامي فلصوص الورد كثار...أعداء العطر العابق تجار الازهار...أيقظ عطرك فيهم أشواقا ذئبية...السوق صحى يا ورد حذار
"من نقمته الصهيونية...ومخالبه الامريكية...

وخلال سفري وتعلمي للعديد من لغات العالم ودخولي في معهد الادب الروسي...بدأت أقرأ الشعر العالمي بشكل عام والادب الروسي بشكل خاص ...فقد تأثرتُ ببوشكين وزرت بيتهُ الذي هو الان متحف في اوكرانيا وكذلك غوغول وحضرت بعض مسرحياته في روسيا وقرات لشاعرة الاتحاد السوفيتي...آنا أخماتوفا..
وبعد إستقراري في السويد بدات أقرأ الى الاخريين مثل الادب الامريكي ا للاتيني بابلو نيرودا و أوكتافيو باث..... وكذلك الادب الانكليزي... مثل تي اس اليوت والادب السويدي

ـ هل للمكان أثر في قصائدكِ ؟
بالطبع المكان يغيير فينا نحن البشر طباعنا وعاداتنا وكذلك ثقافتنا...وكلما إختلفت الامكنة وزادت الاسفار زادت المعرفة والدراية وتعلم اللغات التي تقرب الانسان من ثقافة وشعوب العالم...ولكن يبقى الوطن هو المكان الذي نَحنُ اليهِ بصورة دائمة...فهو الام والحنان الذي لا نجده في أي مكان من العالم...العراق هو بلاد الشمس والنور ، .والشمس والماء في الديانة الصابئية هما مصدر الحياة والخلود لذرية الانسان


ـ كيف يتجلى الحب في قصائدكِ ؟

الحب بالنسبة لي صفة جمالية وأخلاقية ، ولا قيمة للبشر دون الشعور السامي بالحب .. والعلاقة الخلاقة بين المرأة والرجل هي ديمومة الحياة وتتجسد في العديد من قصائدي ومنها قصيدة " اذوب تحت شفتيك

أذوبُ تحتَ شفتيكَ وأنزوي
قبلاتكَ طعمها مازالتْ في فمي.
أشتهيكَ عند أللقاء،
وعند أفول المساء
وعند المغيبْ.
أناديك
هل من مجيب؟
أجمعُ خلاياكَ في دمي
وأختلي
سياطكَ تسطلي
أجرُ خطواتي تباعا
أغادرُ فيك عطراً
تهزُني كالريح شراعا.
أناديك
هل من مجيب؟
الحبُ عندي خوف سحيق،
والحبُ عندكَ مشوار الطريق،
وقلبي كاللوح ِ العتيق
تجتثه ُعند الزفير وعند الشهيق
أختنقُ إختناقا
أجرُ خطواتي تباعا
معصوبة العينين والقدمين
أسيرُ اليكَ يا حبيب
أناديك هل من مجيب؟


ستوكهولم صيف
2008

"وكذلك قصيدة " إقترب

إقتربْ
فهذا الشتاء دافئ في أحضانِك
الصباحُ ينْهضُ كْي يلًاقيك
والليلُ ملئ بالشموعِ المخملية اْلمضيئة
إقتربْ
الطر يقٌ اْلى بيتي يزًدادُ إرتخاءا
والصخور اْلناتئة الحمراء
كرقصةٍ في الوريد
إقترب...إقترب في سكون
لنبقى هكذا حيثٌما نكون
لا حركة مني
ولا حركة منك
نقطة ثابتة...كالنجومِ لها عيون
العالم مُدورٌ
وعندي اليوم ثابتٌ
لايدور ......
آه....لو ان إْقترابك يزدادُ إقترابا
آه...لو أن إْقترابك يزداد إقترابا
آه...لو أْن مواسمي صارت شِتاءا
لتّعمدّ جسدانا بدخانِ اْلبخور
إقترب
فهذا اْلشتاء مُعبق برائحةِ اْلعطور

3_11_2013



ــ الى أي المدارس تنتمي ثناء السام ؟

يصفني بعض اصدقائي من النقاد بأني انتمي الى مدرسة الشعر الحديث مع ميل الى نمط الأدب الكلاسيكي ولون من الأدب الروسي . البعض يصفني بقوة مظفر النواب ورومانسية نزار قباني وعذوبة عدنان الصائغ .. واي كان فأنا اكتب لنفسي ولمشاعري اولا . أحس بالراحة الكبيرة عندما أبوح بأسراري على الورق في الوقت الذي لاأجرؤ أن أبوح بها جهارا


ــ ماذا عن مشاريعك المستقبلية ، أقصد في مجال الشعر

مشاريعي الحالية...أن أكمل طباعة ديواني الثاني”.عودة عشتار ” الذي ساعدني في طباعته مشكورا المركز الثقافي العراقي في السويد
وانا شاكرة لهذا الجهد في مساعدة المثقفين العراقيين من أدباء وشعراء لنشر أعمالهم
كذلك انا بصدد إعادة كتابة مذكرات والدي وما عاناه في فترة إعتقاله عام 1963 هو وعمي العالم العراقي عبد الجبار عبدالله
أما مشاريعي أو امنياتي المستقبلية...أتمنى ان تترجم بعض قصائدي الى اللغات العالمية ...لكي يتعرف علينا العالم خاصة في هذه الظروف لكي نؤكد للعالم ان العراق ما زال ينتج شعراء وأدباء ومن كلا الجنسين


ـ البعض يردد أن هناك "أدب نسوي " و "أدب رجالي " هل أنتِ مع أم ضد هذه التسمية ؟

في الحقيقة أنا لا أعترف بالأدب النسوي أو الأدب الرجالي ....ولكن الموضوعات هي من تعكس الأسلوب.... وليس جنس الشاعر أو الشاعرة . .



ــ هل لديك اهتمامات اخرى غير الشعر ؟


الاستماع الى الموسيقى والقراءة والتمشي


أشكرك من كل قلبي لهذا اللقاء الممتع وقد استعدنا فيه ذكرياتنا . وبعد أن قرأت كتابكِ ” لك تنحني الجبال ” ، دعيني اناديك يا بلقيس " أم الوفاء " لوفائك واخلاصك لزوجك الشهيد الدكتور ابو ظفر رحمه الله



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن