حائط من الكراسي

جمشيد ابراهيم
jd-ibrahim@hotmail.de

2014 / 1 / 14

حائط من الكراسي
اتذكر و انا تلميذ في الابتدائية عندما كانت والدتي تقول لي: ابني اذا وجدت نفسك يوما ما في مكان منعزل بعيد و مظلم و سيطر عليك الخوف اقرأ اية الكرسي (الله لا اله الا هو الحي القيوم لا تاخذه سنة و لا نوم له ما في السماوات و ما في الارض..). كنت اعتقد بان الله سوف يقوم ببناء حائط قوي من الكراسي ليحفظني من كل مكروه بمجرد قراءة الاية السحرية و لا يستطيع احد ان يخترق هذا الحائط.

دعني اقول لك فعلا و بسبب ايماني العميق سابقا تبددت المخاوف جميعها سرعان ما انتهيت من تلاوة الاية السحرية اما اليوم و لاني لا اؤمن بحيطان الكراسي و لا بالاعراش ينتابني خوف رهيب اذا تيهت طريقي في الليل في مكان بعيد خارج المدينة.

تقول دراسة جديدة لـ Michigan State University بان الانسان المادي بعكس الانسان الروحي يخاف اكثر و هو فريسة اسهل للاستغلال و يعاني من مشاكل نفسية اكبر عندما يمر بخبرات مرعبة سواء كانت كوارث طبيعية او حروب و يميل الى التعويض القسري عن هذا القلق بالاستهلاك و هو عادة اقل ثقة بنفسه. تؤكد الاستاذة Ayalla Ruvio من معهد MSU التجاري بان الانسان يميل الى الزيادة في الشراء و الاستهلاك كلما زادت المصائب و الكوارث و لكن في النهاية يؤدي هذا الاستهلاك القسري الى انهيار و تعب اكثر.

يمكننا ان نقول ان المادية تزداد بزيادة الكوارث. طبعا ليس المقصود بالانسان الروحي هنا المؤمن الذي هو اكثر مادية من الملحد بل الذي يتجرد و يستغني. اثبت بحث اجري على 170 مواطن من مدينة اسرائيلية عام 2007 تعرضوا لقصف فلسطيني مستمر و خوف 855 مواطن امريكي من الموت ان العلاقة بين الخوف و المادة اعمق عما نتصور:

المادة = زيادة الخوف و المشاكل النفسية و قلة الثقة بالنفس و سهولة الوقوع كفريسة للاستغلال
و هذا يعني ان المادي هو المستهلك الافضل اي ان بفضل اخبار المصائب الكوارث في وسائل الاعلام يمكن خلق محيط من الخوف و الذعر لاجل دفع الناس الى الشراء و الاستهلاك اي ان هناك علاقة وثيقة بين اخبار الكوارث في التلفزيون و زيادة مبيعات الشركات.
www.jamshid-ibrahim.net



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن