فتوى سعودية جديدة ولكن ...

عبد الرزاق السويراوي
alswerawy@yahoo.com

2013 / 12 / 14

عبدالرزاق السويراوي
الفتاوى الدينية المرتبطة بالمصالح السياسية , لعبتْ وما زالتْ دوراً سلبياً كبيراً في تأجيج العنف في المنطقة العربية والتي تصدر من الجهات السلفية المعروفة بتشددها . غير أنّ فتوى جديدة صدرت في الإسبوع المنصرم , يمكن القول بأنها تختلف عن نمط الفتاوى التكفيرية , جرأة ومضموناً , بل تكاد تتقاطع معها وقد صدرت عن المفتي العام للعربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ , كجواب لسؤالٍ إستفتائي من أحدهم حول " حكم بعض الشباب بتفجير نفسه بعبوة أو حزام ناسف بدعوى نيل الشهادة ؟ " . فأجاب الشيخ عبدالعزيز " بأنّ قتل النفس , كبيرة من كبائر الذنوب , وان الذين يقتلون أنفسهم بهذه النواسف هم قومٌ مجرمون عجّلوا بأنفسهم لنار جهنم كونهم يقتلون ويدمرون غيرهم من البشر !!! " , وأنّ " هؤلاء زاغتْ قلوبهم وضلّوا عن سواء السبيل " . والسؤال , أو بالإحرى الأسئلة التي تثيرها هذه الفتوى كثيرة لا تستوعبها وقفة عجلى , فتوصيف الشيخ المفتي للإنتحاريين بالمجرمين وأنهم يعجّلون بذهاب أنفسهم الى النار وأنّ قلوبهم زاغتْ فضلّوا عن سواء السبيل تضعنا , كما قلت , أمام العديد من الأسئلة . منها مثلاً , أين كان الشيخ عن كل ما فعله هؤلاء الإنتحاريون من تدميرعلى مدى قرابة عقد من السنين؟ هل كان نائماً فأستيقظ ضميره الآن ليفتي بحرمتها ؟ وأين كان عن سيل الفتاوى التكفيرية التي تحلل هذا الإنتحار وتمنح فاعليه مفتاح دخول الجنة وقد مرّتْ كلّ هذه الفتاوى , إنْ لم نقل جميعها , من تحت عباءته الفقهية ؟ . فأمّا الذين فجّروا أنفسهم فسحقاً لهم ولمن غرّر بهم ومثواهم كما قال الشيخ جهنم , ولكن ماذاعن الذين راحوا ضحية , نتيجة لتفجير ذوي الأنفس والأجساد العفنة العاملين بفتاواكم ؟ وماذا أيضاً عن عوائلهم وما تركوه من بعد موتهم من أيتام وأرامل ؟ . ولعلّ السؤال المهم هو , لماذا صدرتْ هذه الفتوى الآن ولم تصدر قبل هذا الوقت ؟ أَمَا كان الأوجب شرعاً أن تتزامن هذه الفتوى مع إشتداد وتيرة العنف ( الجهادي ) عبر كلابكم المسعورة التي تتمنطق بأحزمة الموت ؟ . وثمة أسئلة إخرى أيضاً , هل أنّ توقيت هذه الفتوى جاء من باب قل الحق ولو على نفسك ؟ أمْ جاء تزامناً مع بعض المتغيّرات السياسية المهمة , كالإنفراج النسبي في العلاقة بين إيران وأمريكا وإستبعاد شبح الحرب بين البلدين , على الأقل في الظرف الراهن , وهو ما لاترتضيه السعودية بل يتقاطع مع حراكها السياسي العام الأمر الذي يتطلب منها نوعاً من المرونة الزائفة لتخفيف الضغط السياسي الذي ستتضاعف حدّته ببعض التطورات الإيجابية في المستقبل القريب وخصوصا ما يتعلق منه بالقضية السورية ومؤتمر جنيف 2 وفشل المجاميع المسلحة في تحقيق اهدافها في سوريا والتي كانت السعودية الداعم الأول لهذه المجاميع ؟ كل الإحتمالات واردة , في واقع سياسي مترجرج يقف على قرن ثورٍمن الممكن أنْ يتحرّك في أيّة لحظة ويقلب المعادلات .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن