العرب والخوف من زيارة المالكي لواشنطن !

مهند حبيب السماوي
alsemawee@gmail.com

2013 / 11 / 12

حسنا فعل الكاتب مطلق سعود المطيري حينما كشف لنا، على نحو صريح ، في مقالته " أوباما يختار المالكي رئيساً للعراق لفترة ثالثة" عن سر الخوف السعودي، ومعه بالتأكيد القطري وبعض الدول العربية الاخرى، من الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي للولايات المتحدة الامريكية والتي حصل معها صخب واشاعات واقاويل قل نظيرها في تاريخ العراق السياسي الحديث.
الكاتب السعودي الذي اطلق كل قيحه وحقده على زيارة المالكي الذي يراها خياله " غير معلنة " اشار، بصورة غير مباشرة ، الى الهاجس الذي ينتاب السعودية الان، حيث تمر المملكة بفترة توتر سياسي كبير على مستوى العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة بعد تقارب الاخيرة مع الجمهورية الاسلامية في ايران على جملة من المواقف السياسية التي تخص المنطقة، حيث يبيّن المطيري بان هذه الزيارة تأتي " على خلفية التقارب الامريكي الايراني...و" سوف يبرز دوره" اي المالكي" كوسيط مرغوب من الطرفين لبناء هذا التقارب".
ينطلق الكاتب، في تحليله، من رؤية تؤمن بأثر ومفاعيل الولايات المتحدة على سياسات البلاد العربية، اذ يظن بان للولايات المتحدة اليد الطولى في تحديد من يقود هذه الدول، ومن يحكمها بعيدا عن توجهات شعوبها ورأيها، وهو محق في ذلك اذا ما نظر الى بلاده وبعض دول الخليج الاخرى التي لاصوت فيها للشعب ولا قوة يمكن ان تغيّر النظام السياسي او الوجوه المتهرئة فيه.
ولذا نجد الكاتب يقول، وفي معرض حديثه عن راي السيد الصدر بزيارة المالكي، " ومن هذا الاعتبار يمكن تفهم موقف مقتدى الصدر ، فهو يعلم إن استطاع السيد المالكي أن يقنع واشنطن في دعمه في الانتخابات القادمة العام القادم سوف يقترب من بقائه فترة ثالثة بالحكم "، وهو رأي يبدو ان بعض دول الخليج تؤمن به ، ولذا اعطت هذه الزيارة التي قام به المالكي رسائل " مخيفة " للدول العربية ممن تقف في محور العداء للعراق، ومنها السعودية خصوصا، التي تكن البغضاء للعراق ولتجربته الديمقراطية الجديدة.
لكن بالنسبة للعراق والسياق التي تسير في بيئته العملية السياسية، نجد ان تحليل الكاتب بعيد عن الصواب لدرجة كبيرة، فلا المالكي يسمح لنفسه ان يطلب دعم الولايات المتحدة ورئيسها اوباما لولاية ثالثة، ولا اميركا نفسها قادرة على فرض رئيس وزراء على شعب العراق والا لو كانت قادرة على ذلك لفرضت على المالكي تعيين وزير دفاع او داخلية في السنوات الاربع الماضية.
الكاتب السعودي يكشف في نفس المقالة عن جملة من اراء يتبناها فيما يتعلق بالعملية السياسية في العراق ما اراها الا سخيفة بل تصل لدرجة السخرية، حيث يجد ان سبب الارهاب في العراق هو " فشل السياسة الامريكية في العراق وحكومة السيد المالكي الطائفية "، ويعتقد واهما بان " مال النفط العراقي يصب في الخزينة الايرانية "، ويرمي به خياله الى الاعتقاد بانه تم " ابعاد الدكتور اياد علاوي الذي اختاره الشعب العراقي من خلال صندوق الاقتراع وابعدته طهران وواشنطن والمالكي عن قيادة العراق"، بل يذهب، كما جاء في مقالة له سابقة بعنوان " الاتحاد الإيراني - العراقي"، الى ان صدام حسين صاحب مشروع قومي !.
هذه الاراء السياسية المضللة وغيرها من نظيراتها التي يحملها الكثير من" الأخوة " العرب تجاه العراق والتي يبدو أنها مافتأت تؤطر نظرتهم تجاهه، لا تصب في مصلحة العرب انفسهم ،ولا في مصلحة الامن الاقليمي العربي الذي هو الان حاجة قصوى. فالاكاذيب والاوهام، وان تساهم في تضليل الشعوب حينا من الزمن ، الا انها لن تجدي نفعا في اعادة عقارب الساعة الى الوراء ولن تجعل السلطة تعود الى اصحاب المشاريع السياسية المرتبطة بهذه الدولة بعيدا عن قبضة الاغلبية التي عاشت طيل قرون عدة واقعة تحت نير الظلم والاضطهاد.
الخوف من عراق قوي ومستقر هاجس يلوح في افق الكثير من ساسة الخليج، والانفتاح الذي يقوم به على الولايات المتحدة وعلاقاته التي تتطور في الوقت الحالي مع دول المنطقة، خصوصا تركيا، توجه ضربات موجعة للمحاولات التي تحاول عزله عن المنطقة ومحيطه الاقليمه من اجل تحجيم دور هذا البلد الذي يمتلك كل المؤهلات التي تجعله قادرا على ان يكون قوة كبيرة في المنطقة قادرة على ان تتدخل، ايجابيا، حتى في مشاكل دول الجوار.
ولعل ماكتبه الباحث مارك لاينك في 18-10--2013 في مجلة الفورن بوليسي مهم جدا ويكشف عن هذا التوجه الذي بدأ يسود، اذ بيّن ان العراق يمكن ان يكون مفتاح لحل اكثر مشاكل المنطقة تعقيدا ! ومن الطبيعي ان هذا الكلام يُغضب الكثير من العرب ممن يعيشون عقدة الخوف من عراق مستقر تحكمه الاغلبية الذي ينظرون اليها شزرا !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن