حرب اكتوبر .. دروس وعبر

حامد الشريفي
Hamidalsharifi@yahoo.co.uk

2013 / 10 / 7


نُطفئ اليوم الشمعة الأربعين في ذكرى حرب اكتوبر التي خاضها العرب مجتمعون ضد إسرائيل . تلك الحرب التي رقصنا لإنتصاراتها ، وغنى لها كوكبة من عمالقة الغناء العربي ، وصنع كبار المخرجين مئات الافلام والمسلسلات والاعمال الفنية الاخرى حولها .

نحن العرب تعلمنا أن تكون انتصاراتنا بالتصريحات الكاذبة والدعاية الرخيصة حصرا، لأجل رفع المعنويات فارغة المحتوى ، فعبد الناصر الذي أقحم مصر بحروب خاسرة سواء كانت مع إسرائيل أم مع اليمن ، والذي يعتبر بطل في نظر البعض ، تسبب في نهاية المطاف في اقصاء مصر عن الرفاهية والازدهار.

وهكذا تعلم منه عبد الناصر 2 (صدام) كيف ينتصر بالأهازيج والأغاني القومية الحماسية في حربه مع إيران التي دامت 8 سنوات بقيت طيلتها محصورة على الحدود فقط !

لنعرف بعدها ماهية تلك الانتصارات الوهمية ، ومنها حرب " العبور" أو " الغفران" او "اكتوبر" هذه والتي هي كغيرها من الحروب الثلاث التي سبقتها ، كلها آلام وويلات وأيتام وأرامل وأحزان لا تنتهي آثارها المدمرة للإنسانية إلا بعد أجيال .

بعد أن هدأ الجو وانجلت الغبرة، لنحسب بتعقل نتائج تلك الحرب العبثية التي مضى عليها أربعة عقود بالتمام والكمال ، حرب مباغتة شنتها مصر وسوريا على إسرائيل لينتصرا فيها بادئ الأمر ، حيث عبر الجيش المصري قناة السويس وتوغل الجيش السوري في عمق الجولان .

لكن سرعان ما استعاد الجيش الاسرائيلي قوته ليُخرج الجيش السوري من الجولان ويفتح ثغرة الدفرسوار التي حاصر فيها الجيش المصري الثالث .
ليصفر الحكم معلناً أن الهدف جاء نتيجة تسلل، لذلك ومن الناحية القانونية فهو ملغى !

فتدخل ابوا هذه الأمة "أمريكا وروسيا" لأجل إيقاف تلك الحرب بقرار فض الإشتباك ، الذي أرجعت بموجبه إسرائيل القنيطرة الى سوريا ، واعادت لمصر الضفة الشرقية لقناة السويس مقابل انسحاب الجيشين المصري والسوري من مناطق النزاع ، وإحلال القوات الأممية محلهما .

مهّد ذلك الإتفاق لزيارة الرئيس المصري الراحل أنورالسادات التاريخية الى إسرائيل ومن بعدها توقيع معاهدة كامب ديفيد التي استعادت مصر بموجبها كافة أراضيها في سيناء بدون ان تراق قطرة دم واحدة من شباب مصر ، على عكس سوريا الدكتاتورية التي لم ترغب في الدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي حول الجولان ، من أجل إبقاء التوتر الذي يسمح لنظامها بقمع الشعب السوري الرازح تحت حكم الأسرة المستبدة ، وكذلك للسيطرة على مقاليد الفصائل الفلسطينية التي تُسيرها الماكنة الإعلامية الأسدية .

هنا نسترجع المآسي والويلات التي صاحبت تلك الحرب من خسائر بشرية ومادية هائلة ، شعوبنا في أمسّ الحاجة اليها ، لأجل ماذا قامت تلك الحرب؟
ألأجل الأرض ؟ ولكنها لم تسترجع إلا بإتفاقيات وعهود ومواثيق دولية بين إسرائيل وبين الدول صاحبة الشأن.

لا داعي إذن لتلك الحرب العبثية أساساً ، وكان على صنّاع القرار العربي أن يسلكوا طريق السلام أولاً ، وليس العكس .
ذلك الطريق الذي حفظ لمصر كرامتها وهيبتها بين باقي دول العالم ، مصر الحضارة التي استرجعت كامل حقوقها عن طريق التفاوض والسلام .

فنحن اليوم ننتظر معاهدات سلام أخرى لأجل إعادة ترتيب الأوضاع ، لنغلق بعدها ذلك الصراع الدموي الذي جاوز ستة عقود ، ونتجه نحو البناء والتقدم .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن