الإقليم هدف قديم يتجدد بالعملية الإرهابية الأخيرة في أربيل

مصطفى محمد غريب
mmgharib98@yahoo.com

2013 / 10 / 4

التفجير الإرهابي الأخير الأحد 29 / 9 / 2013 في اربيل عاصمة الإقليم لم يكن غائباً عن البال وهو متوقع من قبل القوى المعادية لمكونات الشعب العراقي والتي تتحين الفرص لتنفيذ مخططاتها المعادية للكرد والإقليم لأن الإرهاب لا دين له ولا يردع نهمه إلا الدم والقتل والتخريب والدمار، ولأن الإقليم يتمتع بأمان وسلام نسبيين منذ أن طردت فلول البعث الصدامي وانكفأ النظام ولا أمل لعودته مثلما كان وكانت عنجهيته الدكتاتورية، ولطالما حذرنا من أن الإرهاب وكل أعداء الكرد في الداخل وفي الخارج يتحينون الفرصة تلو الأخرى لكي يثبتوا أنهم يستطيعون أن يطولوا أية بقعة من بقع العراق وبسهولة مثلما يفعلون في الوقت الحاضر من دون الإقليم، والإرهاب أي كان شكله ونوعه بهذا العمل الإجرامي يرسل رسالة مفادها انه قادر على أن يمد أيديه الملطخة بالدم إلى أي مكان يريد أو يجعله هدفاً آنياً أو مستقبلياً وهي من جانب رسالة جوابية للذين كانوا بشكل صفيق يتهمون الإقليم انه وراء البعض من التفجيرات والأعمال الإرهابية حيث تكشفت الاتهامات أن مصدرها هو الإرهاب نفسه وقواه وأولئك المتخفين بالعملية السياسية الذين ما برحوا يهاجمون الكرد والإقليم بحجة تقسيم العراق أو لإقامة الدولة الكردية الحلم الأبدي للشعب الكردي، في الوقت الذي ينفيه مسؤولين كرد وحكومة الإقليم وبخاصة في الظروف الراهنة التي تحيط بالمنطقة والعالم وبالقضية الكردية نفسها فها هو محما خليل النائب عن التحالف الكردستاني يؤكد أن " الإقليم جزء من العراق الاتحادي" متهماً الإرهابيين التكفيريين والقاعدة وعناصر من حزب البعث الصدامي بأنهم وراء التفجير الأخير بالضد من " الاشايس "، وبهذا العمل الإجرامي تكتمل الصورة التي تظهر أن الإرهاب لن يختصر عملياته الإرهابية على العاصمة بغداد أو البصرة أو الموصل أو اربيل ولا على المنطقة الجنوبية ولا الوسط والغرب والشرق والشمال الكل تحت طائلة الجريمة وان اختلفت الأساليب والتوجهات وتغير المكان والزمان، ولا يختصر تواجده ومخططاته الإرهابية على العراق فحسب بل انه متواجد خارجياً وله الطرق والآليات والأدوات من سموم قاتلة شملت عشرات الدول والمدن في العالم.
في العراق الأرض خصبة لزراعة الإرهاب في الظروف الراهنة لأسباب عديدة منها إمكانية تجنيد الكثير من الشباب العاطلين عن العمل أو تلك العائلات الفقيرة أو التي تعيش تحت خط الفقر وسوف يبقى لفترات زمنية لا يمكن تحديدها إذا لم يجر التخلص من السياسة الطائفية والمحاصصة وردم الخلافات السياسية التي تعتبر أرضاً خصبةً للإرهاب لا يمكن التخلص منه أو تجفيف منابعه ووجود الميليشيات الطائفية إلا بروح المواطنة الشاملة والمصالحة الحقيقية التي تهدف إلى تحقيق السلم الاجتماعي ، وإذا لم تجر معالجة أوضاع الجماهير الفقيرة ورفع مستوى معيشتها وإيجاد فرص العمل وتحسين مستوى الخدمات بشكل عام ومحاربة المافيا المنظمة المسلحة وتداعيات الميليشيات الطائفية التي تنشط تحت غطاء الشرعية والبعض من المسؤولين، لقد كان التفجير الأخير في اربيل بالنسبة لمرضى العقول الذين يسعون لتخريب البلاد وكأنه بلسماً لأمراضهم الشوفينية وداءهم المسعور الذي لا يمكن شفائه إلا بالدم العراقي، إذا كان عربي أو كردي أو تركماني ، أو كلدو آشوري أو آزيدي أو أرمني، أو مسلم أو مسيحي أو صابئي وغيرهم، ويبدو أن الفرحة لم تكتمل فسرعان ما كشف النقاب عن التفجير وحيثياته وأصحابه المعروفين الذي حاول البعض تصويره وكأنه إمكانيات هائلة للنيل من المؤسسات الرسمية ومن المواطنين الكرد وغيرهم من سكنة الإقليم أو كأنه نهاية الاستقرار والأمان في الإقليم كما هو في باقي محافظات البلاد، لكن كيدهم سوف يرد عليهم لان أكثرية الشعب العراقي يعرفون جيداً أهدافهم الشريرة ومخططاتهم التي لا تقتصر على العراق فحسب بل في أكثر الدول تقدما من جميع النواحي ( أوربا وأمريكا واسيا ...الخ ) وقد نالها الإرهاب التفجيري الدموي بهذا الشكل أو ذاك، وعندما نذكر ذلك لا نهدف التبرير أبداً ولا نقول للأجهزة الأمنية في الإقليم ذلك بل كان من المفروض أن تكون أعين الأجهزة الأمنية غير مغلقة من اجل حماية المواطنين وان تقول " لن تمروا "، وهذا ليس بمبرر أيضاً لكي يتم الاستسلام للمخططات الإرهابية والميليشياوية الطائفية ليس في الإقليم فحسب بل كل جزء في البلاد على الرغم من المآسي التي جعلت من ارض الرافدين مسرحاً للجريمة الإرهابية والقتل المنافي لكل القيم الدينية والأعراف الإنسانية، وعلى الرغم مما نشر حول الضحايا الأبرياء من المواطنين العراقيين ومن كل الأطياف فقد نشر أن ضحايا العنف في أيلول وحده من عام ( 2013 حوالي 1220 ) قتيل عدى المصابين حيث أصبح المجموع ( 3112 ) كما ذُكر أن عدد من لقوا حتفهم خلال عام ( 2013 ) أكثر من ( 6000 ) قتيل عدا المصابين وأكثرهم من المدنيين الذين لا ذنب لهم إلا لكونهم أناس مسالمين يحلمون بالأمان والسلام والعيش باطمئنان مع عائلاتهم لكن الإرهاب والميليشيا المسلحة تفكر بطريقة المجرم المريض الذي يتفوق بالسادية الدموية عن باقي المجرمين، فهؤلاء يقتلون باسم الإسلام وباسم الطائفية ولا يميزون بين امرأة وطفل وشيخ المهم أنهم يقتلون ويبرر لهم أولئك الذين يستغلون الدين ويعتبرونه جهاداً في سبيل كلمة الله والشرع الإسلامي بينما تفضحهم أعمالهم التي هي منافية للإسلام وكذلك رجال الدين الذين يشعرون بمسؤولية ويعتبرونها منافية للدين.
أن التفجير الذي جرى في عاصمة الإقليم عبارة عن جريمة تضاف إلى مئات الجرائم التي ارتكبت بحق العراقيين وباعتقادنا لن يكون الأخيرة وسوف تستمر محاولات خرق امن الإقليم وقتل المواطنين أسوة بباقي مناطق البلاد، فالإقليم له ارتباطات وتأثيرات متبادلة كثيرة مع باقي أجزاء البلاد ولا يمكن أن يكون منعزلاً عما يجري من تداعيات الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وكل نجاح وتقدم لهذه التجربة يعزز وضع العراق داخلياً وإقليميا وعالمياً، ومثلما قلنا سابقاً أن الإرهاب لا دين له، نقول أن الإرهاب عبارة عن آفة تفتك بالجميع بدون تمييز ولا يوجد علاج لها إلا علاج التوعية بالمواطنة وتفتيت عناصر تشجيعه باتجاه تجفيف منابعه وذلك بفحص مجالات التخلص من البطالة والفقر وتوسيع الحريات العامة والشخصية واعتماد مبادئ الديمقراطية وحرية الفكر والاعتقاد وتبقى المسألة الرئيسية هي التخلص من الصراعات والتكتلات السياسية المتناحرة على المصالح الذاتية التي تخلق مناخاً جيداً للعمليات الإرهابية والتوجهات المليشياوية الطائفية المسلحة التي لا تقل إجراماً عن القوى الإرهابية التكفيرية.. للمرة المليون نقولها أن التوجهات لحل عقد الخلافات السياسية هو الطريق الصحيح للاستقرار والأمان لكل العراق وبخاصة إذا ما وضعت مصالح المواطنة نصب أعين الكتل السياسية بدون استثناء.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن