الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أمام تحديات الالتزام بثوابت الثورة أم الأنحراف!

جميل حنا
jamil.hanna@live.se

2013 / 9 / 29

الشعب السوري وقواه الوطنية والثورية يتعرضوا إلى أشرس هجمة عدوانية قلما عرف التاريخ العالمي مثيل مشابه له.هذا الشعب الذي ترك وحيدا يواجه مصيره بروح وطنية عاليه و شجاعة فائقة يقدم التضحيات الجسيمة وقوافل الشهداء من أجل الحرية.بهذه الإرادة الصلبة والثقة بالنصر وبروح التحدي يقف الشعب السوري بوجه سلطة الإستبداد والإجرام التي تستخدم كافة أنواع الأسلحة المدمرة والمحرمة دوليا بما فيها السلاح الكيمياوي.فهذا الشعب يواجه ببسالة القوى العسكرية وميليشيات آيرانية وعراقية وحزب الله وغيرهم الذين يقاتلون ويشاركون بشكل فعلي في كافة الأعمال الحربية إلى جانب القوات الأسدية, يرتكبون الجرائم ومجازر بحق أبناء سوريا.كل ذلك يتم ضمن إطار تكريس الصراع المذهبي ومن أجل الحفاظ على سلطة القمع والإستبداد.ولم يقتصر كفاح الشعب السوري ضد كل هذه القوى الغازية الداخلية والخارجية بل أنه يتصدى إلى آفة أخرى غازية من خارج الوطن لا تقل بهمجيتها وبربريتها عن المذكورين من قبل بل تفوقهم في بعض الحالات.وبهذه الأعمال الشنيعة يقدمون أكبر خدمة لسلطة الإستبداد سوى كانوا ينفذون مخطط النظام أو مدفوعين من قبله أو بدافع عقائدي أو بسبب الغرائز الوحشية الهمجية المتجذرة في نفوسهم. هذه الأعمال الشنيعة التي ترتكب من ذبح البشر وغيرها من جرائم يشمئز له كل إنسان ذو ضمير حي.بالأضافة إلى كل هذه الفظائع يقف الشعب السوري حائرا أمام صمت العالم المخزي وهو عار في جبين الإنسانية بكل المقاييس الدينية والدنيوية وحسب القوانين الدولية.وأمام مأساة الشعب السوري تحطمت كل القيم الأخلاقية والإنسانية والقوانين والمعاهدات الدولية والتي بحسبها يجب محاسبة من يرتكبوا جرائم حرب بحق الإنسانية. ولكن بالرغم من استخدام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا كما أكدت عليها بعثة الأمم المتحدة التي تقصت الحقائق على الأرض في غوطة دمشق.إلا أنه لم يتم معاقبة المجرم بل إ تفاق بين الدولتين أمريكا وروسيا لسحب هذا السلاح وعدم إستخدامه مرة آخرى.
هذه التحديات الكبرى تفرض على قوى الثورة والمعرضة السورية إتخاذ مواقف تتصف بالحكمة وتطبيق خطط في الواقع العملي على الساحة الداخلية, وإبتداع أسلوب جديد للتعامل مع الرأي العام العالمي وخاصة وسائل الأعلام والتواصل بكافة أشكاله لإعطاء الصورة الحقيقية عن ثورة الشعب السوري وأهدافه النبيلة.لكي يتمكن الشعب السوري الخروج من هذا الواقع الأليم وبناء دولته المستقلة والحرة.
التمسك بأهداف الثورة الحرية والكرامة والتي على أسس مبادئها وأركانها وكل تشعباتها تبنى الدول والمجتمعات العصرية. والتي أساسها الإنسان ومن أجله أنطلقت الثورة ضد الظلم والطغيان لوضع حد لهذه المعانات التي يعيشها منذ عقود طويلة.
حسب قيم الثورة ومبادئها يعني بأن الوطن هو لجميع أبناءه ولجميع مكوناته الإثنية والدينية والمذهبية بدون تمييز بين هذا المكون أو ذاك على أساس أي حجة كانت.قيم الثورة تعني المساواة بين الجميع وعدم منح إمتيازات لمكون وحرمان مكون آخر من هذا الحق.قيم الثورة تنبذ التمييزالعنصري والتفرقة بين أبناء المجتمع على أسس قومية ودينية ومذهبية أو جغرافية.عدم الإلتزام بهذه المبادىء يعد طعنا وخرقا لقيم الثورة وإنحرافا عن مبادئها الأساسية وعن الوثائق الرسمية الصادرة عنها حتى الآن.
منذ أن أنطلقت ثورة الشعب السوري في الخامس عشر من آذار 2011أكدت كافة الشعارات المطروحة من قبل المواطنين الصادقين المخلصين لوطنهم المشاركين في التظاهرات السلمية أبتدأ من درعا في الجنوب حتى بيث زالين (القامشلي) في أقصى الشمال الشرقي للبلد تأكد على وحدة أرض الوطن ووحدة الشعب السوري على أمتداد بقعة التراب الوطني.ولذلك تعني الثورة بداية لإنهاء عقود من التمييز العنصري والتعصب القومي,لا العودة أو التمسك بتعصبات قومية جديدة لها أهداف مضمورة أو معلنة لتقسيم الوطن على أسس عرقية أودينية وطائفية وجغرافية.
إن الرضوخ للإبتزازات الداخلية والخارجية التي لا تخدم المصلحة الوطنية الشاملة لكافة أبناء الوطن والتي تمس كيان البلد الموحد سيعتبر إنحرافا عن أهداف الثورة ونكسة شديدة لمستقبل وحدة التراب الوطني.
ومن أجل وضع حد لكل إبتزاز أو ضغط يمارس على المعارضة من أي طرف أتى سواء من الداخل أو الخارج ,على قوى الثورة والمعارضة الوطنية السورية بتوضيح إسترتيجيتها المستقبلية ومواقفها وأرائها وطرحها السياسي من كل القضايا المصيرية, ومن الأحداث الأليمة التي تجري على الأرض كل يوم لإزالة المخاوف والشكوك تجاه المستقبل السياسي لسوريا وطبيعة النظام الذي سيحكم سوريا المستقبل.
وهنا تأتي أهمية الإلتزام بوثيقة العهد الوطني الصادرة عن الائتلاف في القاهرة في تموز 2013التي تعد ركيزة أساسية مع بعض الإضاحات أو التدقيق والإضافات التي لا بد منها لتجنب الوقوع في أي إلتباس في التفسير مسقبلا.ولكي نعمل سويا من أجل بناء مجتمع عصري إذا تم الإلتزام ببنودهذه الوثيقة الهامة وطبقت في الواقع العملي لا أن تبقى مجرد حبر على الورق.
أهمية أي معاهدة أو وثيقة تصدر من جهة قانونية إعتبارية أو توقع من قبل طرفين أو أكثرسواء كانوا أفرادا أو دول أو أحزاب سياسية أو مؤسسات... تكمن أهميتها بالتطبيق الفعلي لمبادىء وبنود الإتفاق والإلتزام بها بدون مواربة أو اللجوء إلى حجج واهية أوالتراجع والرضوخ للإبتزاز.
ومن هذا المنطلق نجد بأن الهيئة السياسية لقوى المعارضة السورية أرتكبت خطأ فادحا بتوقيعها إتفاق ثنائيا بينها وبين المجلس الوطني الكردي السوري لأنه يتنافى مع مبادىء أساسية لثورة الشعب السوري وأيضا لوثيقة القاهرة ومن قبلها وثائق المجلس الوطني السوري ويمكن الرجوع إليها. ولكن أذكرمنها ألغاء مبدأ المساواة,تكريس التمييز بين مكونات المجتمع السوري,منح إمتيازات على حساب الوطن والشعب لفئة وحرمان فئة آخرى منها,التهميش المتعمد والمقصود لمكونات أصيلة أخرى كالمكون الآشوري إذا تم الإصرار على هذا الموقف وعدم تصحيح الخطأ.لذا ندعوا قوى المعارضة ونضم صوتنا إلى الأصوات التي رفضت هذا الإتفاق من مختلف قوى المعارضة وقوى الثورة السورية الحريصة على أهداف الثورة ومستقبل الوطن.أن يتم إلغاء هذا الإتفاق الذي تم بصورة ثنائية يضر مصلحة الوطن وكما ذكر يتنافى مع أهداف الثورة.وموقف كل من يعارض هذه الإتفاقية يأتي بدافع الأخلاص لمبادىء الثورة والوطن والشعب, وليس معارضة لحقوق مشروعة لكل المكونات الإثنية في المجتمع السوري.
ومن هذا المنطلق وكما أكدنا سابقا في الكثير من كتباتنا أن دستور سوريا المستقبل يجب أن يضمن حقوق كافة القوميات وأن تعترف الدولة بالهوية القومية لهذه المكونات وتعترف بها دستوريا على قاعدة المساواة التامة بدون منح أحدا إمتيازات على حساب الآخرين,التكافىء العادل بين مختلف مكونات المجتمع السوري.ولذا ندعوا المعارضة السورية إلى العمل الجاد لإصدار إتفاق يشمل كافة المكونات العرقية السورية من العرب والسريان الآشوريين والكرد والتركمان واليزيديين على أن تتضمن هذه الإتفاقية الحقوق القومية والأعتراف دستوريا بهويتها كجزء أساسي من كيان الوطن والشعب السوري.
وعلى هذه المكونات الإثنية أن تقر وتلتزم بوحدة التراب الوطني وبوحدة الشعب السوري بمختلف إنتماءاتهم القومية والدينية.وأن يقر الدستور الجديد بأن تعلم اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلد وملزمة لكافة أبناء سوريا بأعتبارها لغة الأكثرية.وأن يحق لأبناء القوميات الأخرى التعلم أيضا بلغاتهم الأم,ولا تفرض على الآخرين.وبهذا الصدد على سوريا المستقبل أن تقربأن اللغة السريانية هي اللغة الوطنية والتاريخية والثقافية والحضارية لسوريا على مدى قرون طويلة وقدمت هذه اللغة الرائعة خدمات عظيمة للحضارة الإنسانية وخاصة لبلاد الشام , وما زالت هذه اللغة الحية تدرس على نطاق ضيق في الجامعات السورية كأحد اللغات السامية.أن الأستفادة من الإرث الثقافي اللغوي لهذه اللغة يعني التواصل الحضاري القديم والجديد للمجتمع السوري, ولذا أعطاء الأهمية لهذه اللغة دستوريا يعني أننا نعتز بحضارتنا وثقافتنا وتاريخ وطننا.كما نأكد على مبدأ المساواة بين مختلف المكونات العرقية السورية وكل وثيقة أو إتفاق أو صياغة دستورية لا تقر بهذا المبدأ سيعتبر تمييزا ومخالف للمواثيق والمعاهدات الدولية وكذلك مخالف لمبادىء الثورة.ومن هذا المنطلق لا بد لدستور سوريا وكل الوثائق التي ستصدر عن قوى المعارضة السورية أن: تقر الدولة السورية بوجود القومية الآشورية كمكون أصيل من المجتمع السوري,وتعترف بهويته القومية المشروعة وفق العهود والمواثيق الدولية ضمن إطار وحدة التراب الوطني السوري. وأن تصاغ هذه الفقرة بشكل مستقل في جملة كاملة ولا أن تورد بشكل معطوف لما قبلها في الجملة ذاتها لأنها هي الأصل وليس الفرع.وكل صياغة لا تلتزم بالمساواة سيعتبرها أبناء الشعب السرياني الآشوري المكون الأصيل للحضارة السورية تمييزا عنصريا.
2013-09-29



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن