مصر بين الدقنوقراطية والعسكوقراطية

الشربيني المهندس
elsherbiny22003@yahoo.com

2013 / 8 / 29

كثيرا ما يخرج الواقع علي أرض الحدث لسانه وسط صيحات تعلو وتهبط ليسود واقع جديد ..
قد يكون أسلوب الحكم في مصر مثار جدل مصر من الناحة النظرية .. خذ عندك تعريف الديمقراطية كأسلوب حكم يسمح بحكم الشعب لنفسه من خلال تحكيم الصندوق في الاختيار ومن ثم امكانية تداول السلطة والتغيير لصالح الأغلبية النسبية ..
وعودة إلي الواقع ولسانه الممدوة يمكن تقييم تجربة حكم مبارك والصندوق يقول كلاما منمقا وهو محسوب علي العسكر ، ثم حكم الإخوان وشعارات لا تنتهي والصندوق هو الذي يخرج لسانه هذه المرة لتبدأ حرب الفضائيات ومواقع التلاسن الاجتماعي والسياسي عن معني الديمقراطية ودور الصندوق ..
التعددية من مبادئ الديمقراطية، وبدونها لا يمكن بناء ثقافة ديمقراطية. هذه بديهيات، وتشير ممارسة الدول الديمقراطية إليها، ويصعب أن تنشأ تجربة ديمقراطية دون تنوع فى الرأى.
في مصر الثورات الجديدة شكلا وممارسة مع الحشد الجماهيري تبدو الأمور أكثر ضبابية بين المصطلحات والواقع .. دائما الإختيار بين الأمرين من المرارة .. الرئيس أو الدستور .. مرسي أو شفيق مثلا ..
بعد أن انهت الثورة المضادة أو تلك التي ركبت ثورة يناير ضد مبارك ورموزه والتي انطلقت شرارتها من ميادين التحرير والقائد ابراهيم ثم الاستوديوهات الفضائية وخطة أو محاولة ‘أخونة الدولة’، مرورا بمحمد محمود والاتحادية ومحاولة احتلال مدينة الاعلام انتهي شهر العسل بين الاخوان وباقي الطوائف فللكرسي رونقه .. ويبدو ان الجني غادر موقعه وجاء قيام الواقع بأخونة السجن المصري وأخونة الثورة المصرية وأخونة امريكا..
هنا كانت الثورة الثانية وكان لابد من تعديل «بوصلة» الإعلام من خلال التركيز على المستقبل بما سمي خارطة الطريق ، وفتح الملفات الشائكة التى تتصل بإعادة بناء الدولة من خلال وجهات نظر متنوعة، والانصراف عن تخصيص مساحات للأحاديث المنفلتة، أو التى تصرف المجتمع عن القضايا الأساسية التى تتصل بتقدمه، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتحسين نوعية الحياة لمواطنيه.
ذلك يعيدنا إلي المربع صفر واسلوب الحكم ، ونوع الديمقراطية المطلوبة من تجربتين .. الدقنوقراطية أو تصور الإخوان للديمقراطية بالاكتفاء بالصندوق لمرة واحدة ..
وهذا الاصطلاح ينسبه الدكتور مأمون فندي لشقيقه جمال فندي .. والخيار الثاني علي ما يبدو هو العودة لطريق العسكر أو العسكوقراطية واظنني صاحب هذا المصطلح .. الواقع كان هذه المرة في جمهورية أو بؤرة رابعة بالذقون خالية من الديمقراطية ومواجهة مع الدولة بالعسكو قراطية الجديدة ..
يبدو أنّ حمائم اعلامنا أو المتحولون منهم ، كانوا حريصين على فضّ الاعتصام في رابعة بطرق جديدة ، منها الطرق السلمية المعروفة دوليا وقانونيا .. حيث جاءت الرحلات المكوكية للأجانب بين الطرفين في القصر والسجن لتسكب مزيدا من الزيت الماكيني الامريكاني لحاجة في نفس يعقوب قضاها .. لكن ليس من بينها طريقة ‘الإعدام الإعلامي المفرط في القوة ’ فاعلام الإخوان ليس سهلا ومعه قناة الجزيرة مثلا ..
لكن هل كان يكفي أن تسلط عليهم مكبرات الصوت الحنجورية من ثكنات فضائية مضادة كالفراعين وبي بي سي : مع التنوع المدهش بين صوت لميس الحريري وتوفيق عكاشة مثلا.
كانت تجارب الفض بالمجاري جديدة لفضّ الثورة أو انهاء البؤرة ‘بهدووووء’ قاتل مع الرائحة .. أو بالتجفيف من المنابع بالحصار الطويل والعزل التي أفسدها كعك العيد ..
وتبقي محاولة فضّها بغاز الشماتة والانتقام في برامج عمرو اديب وحمدي رزق ، او قتلها غيظا بفرحة الهام شاهين وابتسامتها التي تصيب الاسلاميين بالسكتة القلبية كلها مطروحة في السوق ..
ويستمر القذف الإعلامي وتسخين برامج التوك شو ، ومنهم عمرو هاشم ربيع (رئيس برنامج التحول الديمقراطي بغوغل، وخبير العزل الصحي بين الدين والسياسة) صاحب القفزات الفنية بين كل جملة واخرى ليقول: ممنوع تديين السياسة، لا دين في السياسة (أما الكفر فمسموح، العسكر ضروري). وجاء خيار الحسم العسكري ليسرق الأضواء وينفض المولد .
وهنا يبرز السؤال عما جري من هتافات يسقط حكم العسكر وتأثيره في الخيار الثاني الذي يفرض نفسه بطريقة جديدة كما يحلو لأصحاب حدث تغيير رئيس الجمهورية المنتخب بالطريقة الأولي تحولا .. أي اسقاط الرئيس المعزول بثورة تخالف الانقلاب العسكري المعروف بمزجها بالحشد الجماهيري الضخم في يونيو ثم يوليو ..
قد يسعفنا التاريخ ببعض التصورات والرئيس المعزول اللواء محمد نجيب الذي جاء بانقلاب عسكري تحول إلي ثورة حيث استدعي عبدالناصر الجماهير التي خرج بعضها ضد اقالة محمد نجيب واعاده للحكم ولكن في هذه المرة كان الموقف مختلفا فقد نادت المظاهرات بسقوط نجيب وهكذا ساندت الجماهر الانقلاب علي الانقلاب ..
ثورة يناير ساندها العسكر وعندما حاولوا تطبيق العسكوقراطية داهمهم أصحاب العمائم بهتافات سقوط العسكر سبقها من يختار الانتخابات الرياسية قبل الدستور فهو في الجنة ..
هكذا خشي لعسكر الذهاب الي النار فوكلوا الاخوان في حكم المكان .. بعد فشل مرسي واخوانه فشلا مدويا وقيام الشعب بانتفاضته الثانية تحسس العسكر طريقهم جيدا فجاءت الحركة قبل وبعد العسكر ..
يمكن الاستنتاج انّ هذا الفاصل العسكري المرّ بين الثورات خير، فعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، فقد كشف الفاصل أن العسكر لهم الأنياب في الوقت التي ظنناها ابتسامات ديمقراطية غرضها استفتاء، وخارطة طريق بلا اعتقالات ، ربما في اشارة لمطمح رئاسي مبكر..!
قيل لحجا الذي سرق حماره وهو ينوي الذهاب الي السوق ليبيعه ، أنه الملام، لماذا لم يقل إن شاء اللـه .. فهو أما ترك الباب مفتوحا، أو أنه ترك الحمار حرّ الرسن يصول ويجول في الفضائيات، او أنه لم يرمم سور المنزل.. ناهيك عن سوء النية فالسوق لا ينتظر .. فقال جحا: ما شاء الله. على هذا ..الحرامي ليس له ذنب ولا الحمار ..
ومع تكرار فشل الاخوان وديمقراطيتهم بتبني نهج استدعاء الخارج والحرب الكرتونية أو القطرية بستار من الغباء الممنهج أعطوا الفرصة للتيار المضاد ليأكلهم ..
فهل سيصبح علينا انتظار عسكوقراطية جديدة بزغ فجرها مع اعلان رئاسي مخالف للدستور وخطوات تعديل الدستور يمكن الطعن فيها دستوريا ومرحلة انتقالية قد تطول أم انتظار الثورة الثالثة ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن