أوراق يسارية .. المقاومة الشعبية وإمكانيات التحول إلى حركة إجتماعية مُقاومة .

باسم الخندقجي
basem27@hotmail.com

2013 / 6 / 27


تمهيد

حيث الظلال القاتمة وضبابية المرحلة المظلمة وبالرغم من محاولات مضيئة هنا وهناك إلاّ أن المسألة الفلسطينية لم تزل أسيرة المجهول والممارسات والمناهج التي تفتقر إلى عقلانية إستراتيجية تكون بمثابة البوصلة التي تقود الحاضر إلى مستقبل مُشرق .

وبعيداً عن الأحكام المسبقة وإطلاق التعاميم التي تُحبط أكثر مما تُسهم في البناء والتقدم في هذه الفترة المصيرية .. تبرر الحاجة إلى النقد وإطلاق محاولات التغيير والبديل المقاوم في كافة المجالات والقطاعات الفلسطينية .

وما يجري اليوم في خِضَمّ المقاومة الشعبية – السلمية – من ثالوث يتجسد في البناء والمقاومة السلمية والنضال السياسي .. ما هو إلاّ منهج مهم في الفترة الحالية .. ولكن الأهم إلى ماذا يُفضي هذا المنهج وما هي ملامح المرحلة القادمة ؟

ثمة نموذج رائع تقدمهُ المقاومة الشعبية السلمية في نقاط التماس والمواجهة وأهمها بلعين ونعلين .. وثمة دعاية مُنَظَّمة وخطاب إعلامي في بداية نضجة نحو إبراز المعاناة الجماعية الفلسطينية وفضح ساسية التمييز العنصري والإجراءات التعسفية للإحتلال الإسرائيلي الفاشي على المستوى الدولي .

كل هذا رائع ويستحق أن نحييّه برفع القبعات ولكن ألاّ يجدد بنا التعمق التحليلي في واقع هذه المقاومة التي تختلف نسبياً عن الإنتفاضة الأولى الماجدة ؟

إن المسار الأُحادي – العمودي – هو المحرك الأساسي للمقاومة الشعبية الحديثة والذي لا يعمل على عكس التأثيرات الجانبية البنّاءة – للمقاومة – في القطاعات الجماهيرية .

بمعنى أن المنهج الذي يتحكم بهذه المقاومة لا يتضمن في طياته التوسع والتمدد بفكرة المقاومة لتشمل النضال الداخلي وخلق الوعي المقاوم الذي يتعدد بالضرورة منطلقاً من رفضه لما هو قائم وبحثه عن التغيير والتنوير .

فالتمحور والتركيز على أسلوب منهجي ونمطي واحد يبرز دعائياً على الساحة الداخلية الفلسطينية أكثر منه إعلامياً على الساحة الدولية في عملية المقاومة الشعبية .. مع التأكيد هنا أن المقاومة نجحت في إيصال الرسالة دولياً من خلال حركات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني .. ولكن داخلياً وفي النسيج الإجتماعي الفلسطيني لم يكن هناك أدنى ربط .

وما أطرحه هنا هو ضرورة إدراك أن تكتيكات المقاومة الشعبية اليوم لا تحمل في طياتها إمكانيات التحول إلى حركة إجتماعية داخلية مُنظمة تستهدف بشكل أساسي إبراز مفهوم وعي المقاومة في كافة القطاعات الشعبية الجماهيرية من جهة وزيادة وتيرتها وتصعيدها وتطوير أشكالها السلمية في مواجهة المحتل من جهة أُخرى .

فزيتونة بلعين غير قادرة على منح المرأة حقوقها وغير قادرة أيضاً من خلال مقاطعة البضائع الإسرائيلية على صون حقوق العمال وتطوير المحيط والريف .. دون أن نعمل نحن على فتح المجال لفكرة المقاومة الشعبية للإنطلاق والتمدد الداخلي الذي يكفل التقدم والتغيير .. كما النوذج الذي كان قائماً في إنتفاضة الحجارة الماجدة .

في نفس الوقت لا يوجد رابط جدلي ما بين المقاومة الشعبية بمفهومها العمودي وما بين البناء المؤسساتي الذي يجري اليوم على قدم وساق الذي يُعتبر بالرغم من الغباء والضبابية نموذجاً بنّاءاً وتوطئة هامة للدولة المنشودة .

ينعدم هذا الرابط الجدلي لأنه لم يتم بالأساس في الممارسة العملية العمل على إيجاد الصلات التكتيكية ما بين المقاومة والبناء .. فهناك مقاومة شعبية جيدة ينقصها التمدد الداخلي في وقت يتم فيه البناء والمشاريع الخالية من أي مضمون يحتوي في طياته وعي المقاومة .

وهذا ما يقودني إلى النضال السياسي الذي هو قاعدة المثلث الجديد من حيثُ أن هذا النضال المحترف في بعض جوانبه يؤكد على عمودية المقاومة وحصرها وكبحها ثم رفدها إلى تحركاته وإصراره أيضاً على التحذير من فخ الإسرائيلي .. وهذا ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تقاطع البناء مع التحرك السياسي الرامي إلى إلى دولة فلسطينية لا نعلم حتى الآن ما هو شكلها .. فهل سيكون شكلها على غرار الدولة العربية القُطْرية – دولة سايكس – التي تقودها نخبة حاكمة تُبر عن الكولونيالية الحديثة وتتمتع بكافة الصلاحيات وتحتكر الإقتصاد و تجسد أفكارها عبر هيمنة ثقافية مُنَظَمة وعي الجماهير وتتحكم بمدى نضوجهم وتطورهم ؟

إن ما أطرحه في هذه الأوراق يتمثل إمكانيات تمدد المقاومة الشعبية داخلياً وضرورة تحولها إلى حركة إجتماعية قادرة على خلق الوعي المقاوم والتقدمي في قطاعات جماهيرية مثل المرأة والعمال والطلاب والثقافة والمثقف .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن