شعب مُحال على التقاعد!

زرواطي اليمين
ayoube.alyamine@yahoo.com

2013 / 6 / 26

شعب مُحال على التقاعد!
من الصعب جدا على أي مواطن في أي دولة ويعيش بين شعبها ويفتخر حتى بالإنتماء لها والدفاع عنها حتى آخر رمق، أن يعترف أو لنقل يشكك في مدى تماسك هذا البنيان المتكامل الذي لا يمكن بأي طريقة فصله للحظة تاريخية معينة وفي مرحلة ما، لكن ما يحدث في الجزائر ليدفعني كمفكر وكمواطن قبل كل شيء، تماما كما يدفع كافة المواطنين والمفكرين الكافرين برجعية النظام وبقدرة المعارضة على إصلاح النظام، إلى الاعتراف مثلي إذا، بأن هناك شيء غريبا حدث ويحدث استمرار منذ سفر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا من أجل تلقي العلاج، الموضوع الذي لا يمكن أن نتوقف لا عن الحديث عنه ولا عن إسالة الحبر في إطاره، هذا الشيء الغريب يمكن ملاحظته من خلال أعمدة هذا البنيان المتكامل الذي تحدثنا عنه وهو الوطن، فمن غير المعقول أن يستمر أبناء هذا الشعب ومنهم الملايين ممن صفقوا للرجل لسنوات وكفروا بكل ما هو معارض له أو حتى مشكك فيه، في الصمت، في السكوت، في خيانة رئيسهم بهذا الشكل المخزي والمقزز، لا مسيرة نظمت من قبل محبي الرئيس الجزائري وهو صاحب شعبية حتى عند الجماهير التي لم تصوت له والتي تطالب برحيله ورحيل النظام، لا أكاد أسمع في هذا الصيف "غير الساخن تماما" سوى أصوات مواكب العرائس التي تملئ شوارع المدن الجزائرية، وكأن المريض هو مجرد مواطن لا يعرفه سوى المقربون منه وأفراد عائلته، ربما هو الحال مع الرئيس الجزائري الذي عزز منذ توليه الحكم أمراض الجهوية، المحسوبية، وما يقال عنه في المصطلح الجزائري الشعبي "بني عميست" فأصبح هو الآخر إذا محاطا ليس بأفراد شعب يدعون له بإخلاص، رغم أننا والله نفعل في حق الرجل وهو يمثل هرم السلطة في الجزائر، وهو الإنسان، وهو كما تقول عنه أجيال السبعينيات والستينيات "رائحة بومدين". بل بمجرد الطامعين في رائحة المال العام، والطامحين إلى التقرب من منازل السلطان والحكم في الجزائر، ومنهم حتى شخصيات تدعو اليوم إلى الإطاحة بالرئيس الذي أطاح به المرض.
من غير المعقول إذا، أن نستمر في الحياة بهذا الشكل السلبي، الضبابي، كشعب شفاف، إنها والله من أحلك لحظات الجزائر، ليس أننا لا سمح الله مع موعد جديد مع مسلسل الدم والعنف والانقلاب، بل لأننا استقلنا من وظيفيتنا ومهمتنا، بوتفليقة أنا أعارضه وأعارض النظام الذي يتعارض معه ويتعايش معه منذ توليه الحكم سنة 1999، لكن واجبي الوطني كمواطن جزائري، يملي علي السؤال عن صحة الرئيس، وإعلاء صوت الدعوة إلى إعادة الرئيس إلى بلده معززا مكرما، فلسنا ببلد افتقر إلى الأطباء والمستشفيات، ولا يمكن الإستمرار في رؤية رئيسنا فنحن شعب ولنا دولة وسيادة وهيبة وكرامة وعزة ونحن مستقلون عن فرنسا وعن غيرها، رهين إقامته الجبرية بالمرض. لا يمكن أن نستمر في الحياة على أنقاض المطالب الهشة والظرفية والمصلحية حتى، إنها لحظة تاريخية توجب على كل أفراد الشعب الجزائري التحلي بمسؤولية وطنية بعيدا عن كافة أشكال المصالح والتوجهات الحزبية والسياسية الضيقة. إنها لحظة تناسي ساعة دخول منحة التقاعد والتجمهر خلف أبواب مراكز البريد لسحب منحة التقاعد، إنها لحظة الحياة كشعب لا يتقاعد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن