حان الوقت لمعاهدة دولية تجرم كل من يفتي بالقتل على الهوية

حميد الهاشمي
hashimi98@yahoo.com

2013 / 6 / 24

لعل العالم اجمعه عاش مساء يوم 23/06/2013 الصدمة الكبيرة التي حدثت في مصر بلد الحضارة والتسامح والتعايش والتي تمثلت باعتداء حشد كبير من الناس على اشخاص على اساس انتمائهم المذهبي. وذلك في سياق ارتفاع فتاوي التكفير والتحريض الطائفي للقتل على الهوية. وان كان هذا ليس بجديد في العالمن لكن الامر اصبحت على مرأى ومسمع الجميع وفرجتهم. وما نطرحه هنا لا يتعلق بالشيعة فقط، انما بالمسلمين في بورما الذين يواجهون القتل على الهوية، وغيرهم ممن يواجهون المصير ذاته لمجرد انتمائهم العقيدي او العرقي.

فعلى الرغم مما انجزه العقل البشري من تطور كبير على صعيدي الثقافة بجانبيها المادي من تكنولوجيا وتطور صناعي وغير المادي من نظريات ومناهج واعمال ابداعية مختلفة وقوانين وتشريعات قانونية محلية ودولية، وشيوع الوعي والنزعة الانسانية والتسامح والتفهم الى حد كبير، الا انه لازالت هناك ثغرة كبيرة بحاجة الى ان يتم سدها. تلك الثغرة تتمثل بعقد اتفاقية دولية تقضي بالملاحقة القضائية لكل من يفتي بالقتل على الهوية سواء على اسس دينية او مذهبية او عرقية او غيرها.
فمن غير المعقول ان نشهد اتفاقيات دولية تجرم الاتجار بالاعضاء البشرية ولا تجرم قتلهم على الهوية؟
ومن غير المنطقي ان نشهد اتفاقيات دولية تجرم الاتجار بالرقيق ولاتجرم ذبحهم على الهوية؟؟
قمة التطور ان نشدد على ملاحقة من يتاجر بالمخدرات لانها خطر على صحة البشر ولكن قمة التخلف الا نلاحق من يشرع قتلهم دون ذنب، لمجرد انهم تربوا على عقيدة او ولدوا بلون او جنس ليس لهم ذنب فيه؟
من الجميل والرقي البشري ان نرى مثل هكذا اتفاقيات دولية ترتقي بالوعي والالتزام الاخلاقي للافراد والافكار والمنظمات والدول، ولكن مالذي يمنع من ان يقام عهد دولي يلاحق رجال الدين الذين يشرعون لرعاع الناس من اتباعهم قتل الابرياء من الشيوخ والاطفال والنساء على الهوية.
"الابادة البشرية"، جريمة يعاقب عليها القانون الدولي وفقا للاتفاقيات الدولية، ولكن لا ادري ما تفسير الفتاوي التي تدعوا الى القتل والتنكيل وسبي نساء واطفال اتباع ديانة او مذهب مغاير في هذه المرحلة من حياة البشرية؟؟

قانون معاداة السامية مثلا يجرم حتى التشكيك بمحارق الهولوكوست، فضلا عن أي ما من شأنه ان يفسر بانه اساءة ومعاداة لليهود.
ان القتل على الهوية يشرعه رجال دين وينفذه رعاع الناس وجهالهم، وما اكثر الجهلة في مجتمعاتنا. ورجال الدين هؤلاء لابد من قانون يضبطهم ووال مسؤول عنهم. فلو ألزمتهم حكوماتهم بقوانين ما خرجوا عنها. وان خرجوا، فهم ملاحقون قضائيا. وان لم تلتزم دولهم، فلتكن هناك عقوبات دولية مثلما هو الحال مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالرقيق والاتجار بالبشر وغيرها. وسنرى كيف تتغير أحوال العالم.
لذا على كل الجهات المعنية من أفراد ونخب مثقفة ورجال قانون وناشطين اجتماعيين وفي مجالات حقوق الانسان ومنظمات دولية ودول ان يسعوا فورا إلى سن مثل هذه الاتفاقية التي تلاحق قضائيا كل من يفتي بالقتل على الهوية التي تعد بحق ابادة جماعية ووصمة عار في جبين الانسانية في كل عصورها.
* مختص بعلم الاجتماع hashimi98@yahoo.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن