سوريا: ثورة ام حرب اجرامية؟!

مالوم ابو رغيف
aburaghief@t-online.de

2013 / 6 / 19

المجاميع المقاتلة في سوريا لا تخفي اهدافها ولا ترواغ في شعاراتها، ولا تتبع تكتيكا يتغير حسب حالات الضعف والقوة، فلقد اعلنت ومنذ بداياتها، ان هدفها هو الاطاحة بنظام الحكم العلوي.
ورغم ان الدين الرسمي للدولة السورية هو الدين السني، و الشريعة التي تستند عليها القوانين والنظم هي الشريعة السنية، وان رجال الدين البارزين والمقدمين في الدولة وفي المجتمع هم رجال الدين السنة، وان الآذان والصلاة والصيام والاعياد كلها تجري وفق المواقيت السنية، الا ان التركيز يتم على البعد الطائفي وعلى الطائفة العلوية بالذات مع ان طقوسها محصورة في بيوتها وقراها وليس لها تلك البهرجة الدينية او الطموح التبشيري، ورغم ان حافظ الاسد قد اعلن تسننه لكي يصلح لمنصب الرئيس فلا يمكن لغير السني ان يكون رئيسا في سوريا، رغم كل هذا يوصم النظام بانه نظاما علويا طائفيا، ليس لان الرئيس علوي كما يعتقد البعض للوهلة الاولى، فهم الاعرف، بان بشار الاسد لا علاقة له لا بدين ولا بطائفة، لكن لكي يكتسب القتال بعدا طائفيا دينيا وليكون جزء من الصراع السني الشيعي المحتدم في المنطقة خاصة بين دول الخليج وبين ايران، فيكون اكثر وقعا على اهل السنة وعلى الشباب منهم بشكل خاص.
كما ان التدخلات الاجنبية المتزايدة لصالح المعارضة تبررها فتاوى وخطب لرجال دين لهم شأنهم وشؤوهم في الحياة الدينية العربية مثل القرضاوي ومفتي السعودية عبد العزيز ال الشيخ، اي تدخل عسكري، حتى لو كان اسرائليا، سيكون تدخلا مبرورا يباركه الله الذي ربما يرسل جنودا اسرائليين لن يروها، فهو، اي التدخل، ومهما كانت الجهة، لا يخالف شرع الله ما دام لصالح الفرقة الناجية وضد فرق الرافضة الملعونة. ونذكر هنا بان الشيخ متولي شعراوي قد اعلن في التلفزيون المصري بانه قد سجد لله شكرا وحمدا لهزيمة جيش مصر امام الجيش الاسرائيلي في سنة 67، لان انتصار الجيش المصري باسلحة روسية يعني نصرا للشيوعية، فرجال الدين المسلمين لا يهمهم الوطن ولا الحياة ولا الام الناس، ان كل ما يهمهم هو تحقيق مصالحهم ومآربهم الاجرامية واحلامهم الشاذة.
ورغم ان الديمقراطية ودولة حقوق الانسان والتساوى والعدالة الاجتماعية ليس من شعارات المجاميع المقاتلة، وان الجماعات الارهابية مثل جبهة النصرة، هي من اقوى الفصائل في الصراع واكثرها نفوذا تعلن انها ستقيم دولة الخلافة الاسلامية، وان التهديد بالقتل والدمار والذبح والاغتصاب هو الحلم الذي يراود خيال المجاهدين، الا ان الدول الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية لا تتردد في تقديم كافة انواع الدعم مثل الامداد بالسلاح والذخيرة والاموال والتدريب والاستطلاع بواسطة الاقمار الصناعية التي ترصد تحركات الجيش السوري وتقدمها الى القوى المقاتلة بما فيها جبهة النصرة الارهابية.
ومع ان الجرائم البشعة والاعمال المخزية والمجازر التي ترتكبها جبهة النصرة لم تعد خافية على احد، الا ان الغرب الديمقراطي، صاحب شعارت العدالة الانسانية والمساواة بين البشر وابعاد الدين عن السياسية، لا يهتم كثيرا ولا يعير بالا، ولا يغير من سياسته نحو حل القضية وليس تعقديها.
الغرب يغوص في مستنقعات العفن الطائفية والفضائح الى ارنبة الانف ويتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان.
فما مصلحة الدول الغربية في كل هذا القتل والدمار، ولماذا لا يتدخل بقوة الداعي للسلام، الكاره للقتال، الجامع لكل الاطراف، المبعد لكل قوى الارهاب والتخلف الديني، المتعهد ببناء الدولة بدلا عن تقديم مساعدات الموت والخراب؟
فان قلنا ان القضاء على نظام البعث في العراق كان من اجل النفط، وليس من اجل سواد عيون العراقيين، فما مصلحة الغرب في ان يكون جزء من حرب طائفية يشنها رجال الدين الوهابية والاخونجية في قطر وفي السعودية ويرفع لوائها مفتي الشر يوسف القرضاوي وسوريا ليس بالبلد البترولي ؟
هل سيجانبنا الصواب ان ذلك من اجل اسرائيل.؟
ان الجميع يعرف هذا لكن العرب اجبن من ان يحاولوا الاقتراب من الحقيقة فما بالك ان يرونها او يعلنوا عنها!!
الملاحظ ايضا بان اسم حزب البعث لا يرد كثيرا لا في احاديث قادة المعارضة الكبار ولا في الشعارات ولا في الادبيات التي يصدرونها، كما انهم لا يشملونه بغضبهم ولا بتوعدهم ولا بانتقامهم، رغم ان النظام الحاكم في سوريا هو نظام بعثي، وبشار الاسد هو رئيس حزب البعث وقائده، و الشعارات البعثية لا الشعارات العلوية او الشيعية هي التي تعلق على البنايات وعلى اعمدة الكهرباء، وان الجيش السوري هو جيش مبني على العقيدة البعثية. ورغم ان البعث بالنسبة للسلفين والاخونجية هو حزب علماني كافر، الا انهم يتحاشون التطرق اليه قدر الامكان ولا يذكرونه في سورات غضبهم ونوبات صياحهم.
ان ذلك لا يعني الا شيئا واحدا، هو تعزيز دور الجانب الطائفي والمذهبي واضعاف الجانب السياسي في الصراع. وهي حالة تشبه الحالة العراقية، اذ ان معظم التهم الموجه لنظام الحكم القائم في العراق، هي اتهامات طائفية بتهميش اهل السنة، ان ذلك يوحي بخباثة بان الشيعة هم الطائفة المستفيدة، مع ان الجميع، شيعة وسنة يعانون نفس الاهمال والفساد وان اللصوص هم عصابة من جميع المذاهب والطوائف.
ان الثورة التي تنشر الدمار والخراب والموت والذبح وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث والتباهي بذبح الاطفال، الثورة التي يغيب فيها صوت الحب ويعلو فيها صوت الحقد والبغض والانتقام، الثورة التي تحول الوطن الى مقبرة والمدارس الى ثكنات والمدن الى اطلال تبكي عند جدرانها الثكالى ، الثورة التي خطبائها القطري المتنكر لبلده يوسف القرضاوي ومفتي جهاد المناكحة محمد العريفي ووريث جهالة بن باز الناكر لكروية الارض مفتي السعودية عبد العزيز ال الشيخ والحالم باعادة مخازي ال عثمان اردوغان، الثورة التي تستمر بنفس الاسلوب وبنفس الوتيرة وبنفس روح الحقد وسفك الدم دون ان تعيير اهتماما للانسان، فقدت معنى الثورة واكتسبت معنى الحرب الاجرامية.
الثورات تنتج ابطالا اما الحروب، وخاصة الاجرامية منها، فلا تنتج سوى مرضى نفسيين ومجرمين ساديين ومعقدين اجتماعيين ومهوسين اسلاميين وسفاحين متمرسين وانذال وارهابيين.
لذلك وبمرور الايام نشهد وسنشهد من المخازي الاجرامية ما لا يتصوره العقل. فهل يمكن تصور ان رجل يأكل قلبا بشريا امام الكامرات؟
وهل يمكن تصور سقوطا مثل سقوط رجل الدين الكويتي شافي العجمي الذي زف لنا خبرا عن كيف ذبح الثوار!!طفلا امام عيون والده ثم ذبحوا الاب بعد ذلك بلذة سادية لا تلتمسها الا عند المجاهدين السورين او عند ممثليهم الذين عندما يتحدثون من على شاشات التلفزة تتخيل ان افواههم قد امتلات بالدماء من اكل البشر!
اما لماذا؟
انه حقد اجرامي ليس الا.
فالرجل لم يكن محاربا ولا مسلحا ولا عسكريا، كان رجلا عاديا، جالسا في بيته بين زوجته واطفاله بكل سلام.
لكن الثوار ارادوا احياء مشهد واقعة قتل الحسين
فالرجل شيعي ملتحي يعتمر عمامة سوداء واسمه حسين
وربما اسم ابنه الصغير كان عبد الله او علي..وكلا الطفلين قتلا امام اعين الحسين بن علي في واقعة كربلاء..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن