نصوصٌ إبليسية

سامي العامري

2013 / 5 / 18

نصوصٌ إبليسية
ــــــــ
سامي العامري
............

لمحتُ إبليس في حانة وكان سكران حزيناً ويجلس وحده فاقتربتُ منه قائلاً : النار عليكم
ردّ : وعليكم النار ولعنة الله وويلاته
سألتُهُ : ما الذي تفعله هنا ؟
قال : لم ينفع حزبي القديم فكوّنتُ حزباً جديداً
وها أنا أدعو الناس إليه وأنت منهم .
قلتُ له : كيف تدعو الناس لحزبك الجديد وأنت سكران ؟
قال : هنا السر فأنا لا أخاطب إلا السكارى .
قلتُ : وهل تعتقد أن جمهوراً محترم العدد سينتسب لحزبك هذا ؟
قال : قطعاً ، قرون والناس يقظون ولم تجلب لهم اليقظة إلا التعاسة والحروب .
قلت له : صدقتَ ، هاتِ استمارة الإنتماء مع كأس أوزو وصحن جاجيك !

***
ساهر في الليل أنا
والليل ساهرٌ فيَّ
أحكي له عن بشرٍ سئمتهم
فهمْ إما طواويسُ خُلبيةٌ
أو أفاعٍ تشير لك بصولجاناتٍٍ من السُم
فيبتسم الليل في داخلي
ويحكي لي عن أقمارٍ يربيها ويرعاها كالماشية
ثم أحكي له عن أني سافرتُ ذات سأمٍٍٍٍٍٍٍ
وسقطتُ
هناك على منكب غابة معتمة
... دائرية كالأزمنة
فتخدشت قناعتي ونهضتْ بَليلةَ الأجفان
فتلقفها شيخٌ هزيل الجسم ومضى بها
تتكيء عليه ويتكيء عليها
إلى أين مضى ؟
لا أعلم ولكني سمعته يتمتم عن أبديةٍ
وأمواجٍ تجيّشها سنابكُ السفن
وما كانت قناعتك يا صديقي ؟
سألني الليل
أجبتُ :
الثقة بخيرٍ في الحياة
قال : أنا كنت ذلك الشيخ

***

الذاكرةُ التي تسكنك
هي ليست ذاكرتك كما قد تتخيل
رغم أنك صانعها
بل هي تبقى كياناً محايداً
كجزيرةٍ معزولة
بإمكانها أن تكونَ محطةَ استراحةٍ هنيئةٍ
في سفرك الروحي
ويمكن أن تكون مأوىً لقراصنةٍ
يستلبون كل ما في لحظتك الراهنة من هناء

***

منذ أن كان الإنسان
كان الشيطان في داخله
وهو متهيء دائماً لارتكاب الخطيئة
بل دائم التشوق لها
فإذا ما اعتدى عليك فردٌ مثلاً
فهو يردُّ على الخطأ بمثله
بل ويشتاق إلى المزيد من القسوة
أتعلم لماذا ؟
لأنه ينتصر للهدوء فيك ، للجمال فيك
أو قُلْ إنه ينتصر لله !
ولستُ جاحداً لأنكر أن المتصوفة
عرَفوا ذلك بمعنىً ما
وهذا ربما تجلٍّ آخرُ لوحدة الوجود
أما عن مبدأ التسامح فهو أيضاً يتجلى هنا
وذلك في جعل المعتدي أكثر تحفظاً في ارتكاب الخطايا
وفي الغالب يرتدع
أما عن حقوق الإنسان الضعيف
فليس هناك إنسان ضعيف
وإنما إنسان خائف
وفي زمننا القريب دعا برنارد شو إلى إلغاء القوانين
وقال هنري باربوس بعد تحليله المعمَّق لمفهوم السجون والعدالة :
على العدالة أن تكون جامدة كالجليد
أكتب هذا لأن ذهني يحلم بأن يفكر بصفاء وحرية
وهذا صعبٌ إن لم يكن نادراً

ــــــــــــ
برلين
مايس ـ 2013



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن